نظمت جمعية الشبان المسيحيين في فلسطين سلسلة محاضرات في (المدينة العربية) ، واختارت لها جماعة من صفوة العلماء، منهم الأستاذ أحمد أمين، والأستاذ جيب، والأستاذ مايرهوف. وسيلقي الأستاذ أحمد أمين محاضرته في (الإسلام كعامل في المدينة) ببيت المقدس في يوم الأربعاء ٢٢ يناير سنة ١٩٣٦.
حول الاحتفال بذكرى المتنبي
لامنا الأديب السيد فاضل سعيد عقل في شيء من الإسراف على أننا أغفلنا حفلة لبنان حين أشرنا إلى بعض تلك الحفلات في مقالنا عن المتنبي، وعزا ذلك إلى أن المصريين يتعمدون أن يَسْفهوا حق لبنان! ولو تذكر الأديب ساعة كان يكتب أن الحفلة الرائعة التي أقيمت في (سان باولو) إنما أقامها لبنان، وأن الحفلة العتيدة التي ستقام في دمشق إنما تقيمها سورية، وأن الإسكندرية أقامت حفلة كحفلة بيروت لم نشر إليها؛ لو تذكر ذلك كله ساعة كان يكتب رسالة لما سمح له ضميره أن يصطنع هذه العصبية الإقليمية المفرقة في عصر يدعونا فيه الجهاد المشترك إلى أن نمحو كل الفروق العارضة أمام الجوار والقرابة والجنس.
جواب عن سؤال
سألنا (قارئ) من قراء الرسالة عن الحكمة في كتابة اسمها وتأريخ يومها ورقم عددها بالفرنسية، وخشي أن يكون في الأمر تقليد أو حذلقة. والواقع أن ذلك احتياط بريدي اقتضاه انتشار (الرسالة) في البلاد الأجنبية، وعمل اقتصادي استدعته علاقة مكتب الإعلان في المجلة بالشركات التجارية الأوربية، وإذا لم تفعل الصحف الغربية ذلك فلأنها لغاتها مقروءة في كل بلد.
مؤتمر الجراحة الدولي العاشر
في منتصف الساعة الثانية عشر من يوم الثلاثاء الماضي أفتتح مؤتمر الجراحة الدولي العاشر في قاعة المحاضرات بالجامعة المصرية بحضور سمو النائب عن جلالة الملك ووزراء الدولة وأساتذة الجامعة وأعيان الحكومة ورجال الصحافة وطلاب العلم، فكان يوماً مشهوداً من أيام الإنسانية المفكرة العاملة، أزال الفروق بين الناس، ومحا الحدود بين البلاد وجمع بين
الأمم المتباعدة المختلفة على فكرة نبيلة هي تسخير الجهود العلمية المشتركة لتخفيف آلام الإنسان. أفتتحه صاحب السعادة وزير المعارف بخطاب عربي جاء فيه (إن العِلم المصري الذي توالت عليه آلاف السنين ليشعر بشرف وسرور حق، إذ يرى في هذا الاجتماع ثقات الممثلين للجراحة العامة في العالم أجمع، والأعضاء المبرزين لأشهر المعاهد الطبية والعلمية، يستعرضون في هذا الاجتماع الحافل كل ما أمكن تحقيقه في جميع أنحاء العالم من التقدم في فروع الجراحة، ويتجهون نحو ترقية فن من أعز الفنون الإنسانية في جو من السباق النبيل المثمر).
ثم ألقى بعده الدكتور علي إبراهيم باشا عميد كلية الطب خطاباً بالإنجليزية عرض فيه جهود مصر القديمة والحديثة في فنون الطب. ثم قفاه الدكتور فرهوجن رئيس اللجنة الدولية فخطب بالفرنسية شاكراً لنائب جلالة الملك ولجنة تنظيم المؤتمر هاتفاً بآثار مصر في عالم الجراحة
ثم قام من بعده الدكتور كرفان فأثني وشكر ثم قال: (لقد رحبت أغلبية أعضاء اللجنة الدولية بدعوة مصر منذ ثلاث سنوات، فهل ذلك لأن مصر والإسكندرية خاصة، كانتا منذ ألفين من السنين واسطة العقد في العالم الطبي، أو لأن ورق البردي يعد أقدم الوثائق لشفاء المرضى؟ قد يكون هذا، ولكن ثمة أمراً آخر، هو أن مصر ظلت منذ أكثر من ألفي سنة بلد الأسرار الذي تتجه إليه أذهان الإنسانية؛ ولأنها من ناحية أخرى وطن الفن الذي يجمع بين القوة والعظمة والدقة. ثم قال: إن تأريخ الإنسانية يفتح هنا، كأنه كتاب نستطيع تقليب صفحاته واحدة واحدة، وهو إذ نقرأه، يبعث فينا شعور التواضع، وينزل عملنا المنزلة الصحيحة. ولقد وجدنا جماعات برغم السحب التي تظلل سماء العالم بأسره، ونحن على يقين أن عملنا - بفضل النظام الذي وضعه زملاؤنا في كلية الطب، وعميدها خاصة - سيتم على أحسن صورة.) ثم خطب بعده الدكتور ماير سكرتير الجمعية الجراحية الدولية خطبة بالفرنسية جاء فيها:
(وبهذه المناسبة أشيد بالجهود العلمية والمادية التي بذلت لجعل هذا المؤتمر يتمشى مع مبادئ جمعيتنا وهي العمل على أتساع العلوم الجراحية، ولا أريد أن أتكلم عن الشخصيات. غير أني لا أستطيع أن أمنع نفسي عن التكلم عن الأعمال التي قام بها علي إبراهيم باشا والدكتور نجيب مقار وغيرهما من الجراحين الأجانب. فقد أوضح كل منهم تجاربه الشخصية بصور مختلفة؛ وكانت كلها بمثابة أبحاث في المسائل التي اختلفت فيها آراء الجراحين، وأعتبر أن هذه الأعمال إنما هي آثار خالدة خلود الأهرام).
وختم الاحتفال الدكتور شوماكر رئيس المؤتمر بخطبة إضافية في أغراض المؤتمر والتنويه بذكر مصر والجامعة. ولا يزال أساطين الجراحة وأساتذة الطب يوالون أبحاثهم العلمية فجعلوا من القاهرة كما قال أحدهم ميداناً للمناقشة في أحدث ما بلغه الطب من الآراء، وأعوص ما عرفه العلم من مشكلات الجراحة. ومما تناقش فيه الأعضاء (جراحة عصب القطن السمبتاوي) ، وجراحة (القولون) عدا السرطان، والأحوال الجراحية للبلهارسيا، وقد ألقى الدكتور محمد خليل عبد الخالق بك تمهيداً لذلك محاضرة عن (تأريخ حياة البلهارسيا) عرض صورها على شريط سينمائي.

