عرفنا معنى الإيمان في اللغة. أما معناه في الدين فهو التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر (وسيأتي الكلام على ذلك كله إن شاء الله) فمن صدق بها تصديقا جازما فهو المؤمن حقاً. وقد جعل الله هذا التصديق أصل الدين وأساسه، وأقام الأدلة على هذه المسائل، وخاطب بها العقل، لكن الذي أفهمه أن العقل يقبل مبدأ الإيمان إجمالاً، ثم يدع دقائقه للقلب، أي أنه كالملك في الدولة يوقع على المرسوم ولكنه يدع لغيره من الموظفين فهمه وتطبيقه ومراعاته دائما. فالعقل يؤمن بأن الله موجود، وأن القرآن كتابه الذي أنزله، وأن محمداً نبيه الذي لا ينطق عن الهواء. ثم يقف ويدع للقلب (الإيمان) لكل ما جاء في الكتاب، وما نطق به الرسول والاطمئنان إليه والتصديق به وقبوله بلا أدنى شك ولا ريب. . . وليس في أصول الإسلام ما يرفضه العقل، أو يتعذر عليه قبوله لمخالفته لبديهياته الثابتة، أو أحكامه الصحيحة، وهذه هي ميزة الدين الإسلامي عن كل دين.
