الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 158الرجوع إلى "الثقافة"

الانسجام

Share

" كنت استطيع أن أنسجم مع كريم ، لولا أنه دائما يستفزني ويستثيرني بالطريق المغلوط ، ذلك ما قالته لي آمال منذ أيام ، وقد رسخت هذه الفكرة في ذهنها حتى إنها لا تكاد تري كريما حتى تتحفز للتحدي والمعارضة ، وهو وضع من شأنه ان يطير طائر الآخرين ، ومع أن آمال لينة الجانب فتانة لكثير من الناس ، ومع ان كريما شاب محبوب مقبول ، فان كلا منهما يظهر للاخر شر نواحيه ، فلا يمكن ان ينسجما معا في اجتماع ، وكانها تقول في وصفه ما قاله أبو الأسود :

بليت بصاحب إن أدن شبرا

يزدني في تباعده ذراعا

أبت نفس له إلا اتباعا وتأبي نفسه إلا امتناعا

كلانا جاهد : أدنو وينأي

فذلك ما استطعت وما استطاعا

ومن الغريب أندا كثيرا ما نتذمر من الأسلوب الذي نعامل به " في حين يكون نصف الذنب راجعا إلينا ، لأنه إذا استثارنا أحد وهيج أعصابنا ، فهذا اعظم دليل على أننا لسنا على انسجام معه ، وما دمنا نشعر بذلك فاننا نستطيع في الغالب ان نريه كل نواحينا إلا الناحية الحسناء ؛ ولكل منا ناحيتان مختلف الواحدة منهما عن الاخري كل الاختلاف ؛ ونحن نظهر الناس الذين نفهمهم ونحب مسايرتهم على أحسن نواحينا . أما أولئك المكروبون سيئو الحظ الذين يستفزوننا فلا نظهرهم إلا على الناحية المنفرة المزعجة فينا فقط

وان نستطيع أن ندهش إذا كانوا لا يقدرونها حق قدرها او يعجبون بها . ويحدث في بعض احايين ان يجهل أهلنا أفضل نواحينا جهلا تاما قاطعا ، لاننا نعتاد العيش معهم ونشعر ان اي شئ " يصلح " للبيت ولاهل البيت ،

ولا نحاول مطلقا أن نبذل أي مجهود لأداء ما يرضيهم وينال استحسانهم

لا خير في قربي لغير مودة ولرب منتفع يود اباعد

وإذا القرابه اقبلت بمودة  فاشتد لها كف القبول بساعد

بيد أنه إذا كنا نريد أن نري الناس في أحسن حالاتهم ، ونظفر بالأحسن والأفضل في كل زمان ومكان ، فانه يجعل بنا ان نفعل بالآخرين ما نود أن يفعله الآخرون بنا ، وان نعطيهم ما نريدهم أن يعطونا

فساق إلي العرف غير مكدر

وسقت إليه الشكر غير مجمجم

وإذا كان بعض الناس بغيظنا ويستفز شعورنا ، فقد يكون ذلك لاننا نؤثر عليه هذا التأثير بعينه

من أشرع الرمح إلي وجهه لا بد أن يقلب ظهر المجن

وعليه فلنذكر أننا إذا كنا لا ننسجم مع إنسان ، فانه يتعين علينا أولا أن ندرس تصرفاتنا معه ، وأساليب معاملتنا له قبل أن ننحي عليه باللائمة ، ثم نعمد إلي اصلاح الأمور وتغييرها ، لنعيش في محيط بفيض وثاما ووفاقا

اشترك في نشرتنا البريدية