الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 323الرجوع إلى "الرسالة"

البيوع والمعاملات

Share

أما ما وضعه بعض الفقهاء من شروط وقيود لبعض البيوع  والعقود، مما ليس فيه نص صريح، ولا قياس صحيح، فالناس  غير ملزمين به، إذ أن لكل زمن عرفه وأهله ومصالحه، وإنما  نهى الرسول   (ص)  عن أنواع من المعاقدات والبيوع كانت  في الجاهلية لما فيها غبن وغش وغرر وضرر، وأمثلتها معروفة  في كتب السنة. والمعاملات تفترق عن العبادات في كون الأصل  فيها الإباحة والصحة، حتى يقوم الدليل على التحريم والبطلان.  وأما العبادات فلا تكون صحيحة ما لم تكن قائمة على أمر الله،  وعلى الوجه الذي شرعه وارتضاه. وفي الأعلام للإمام ابن القيم  مباحث ضافية في ذلك أكتفي منها بقوله   (رحمه الله) :

(الخطأ الرابع) اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم  ومعاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحة، فإذا  لم يقم عندهم دليل على صحة شرط أو عقد أو معاملة استصحبوا  بطلانه، فأفسدوا بذلك كثيراً من معاملات الناس وعقودهم  وشروطهم بلا برهان من الله بناءً على هذا الأصل، وجمهور  الفقهاء على خلافه، وأن الأصل في العقود والشروط الصحة  إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه، وهذا القول هو الصحيح،  فإن الحكم ببطلانها حكم بالتحريم والتأثيم، ومعلوم أنه لا حرام  إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا تأثيم إلا ما أثم الله ورسوله به فاعله،  كما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله،  ولا دين إلا ما شرعه   (إلى أن قال) : فكل شرط وعقد ومعاملة

سكت عنها فإنه لا يجوز القول بتحريمها فإنه سكت عنها رحمةً منه  من غير نسيان وإهمال. وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة  فيما عدا ما حرمه؛ وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود كلها،  فقال تعالى: وأوفوا بالعهد) وقال: يا أيها الذين آمنوا أوفوا  بالعقود) وقال: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وقال تعالى:  والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) (٢: ٣٤ من أعلام الموقعين) وقال الإمام نجم الدين الطوفي المتوفى سنة   (٧١٦)  في بحث  المصالح: وإنما اعتبرنا المصلحة في المعاملات ونحوها، دون العبادات  وشبهها، لأن العبادات حق للشارع خاص به، ولا يمكن معرفة  حقه كماً وكيفاً وزماناً ومكاناً إلا من جهته، بخلاف حقوق  المكلفين فإن أحكامها سياسية شرعية وضعت لمصالحهم وكانت  هي المعتبرة، وعلى تحصيلها المعول اهـ باختصار، وتمام البحث في  رسالة يسر الإسلام، وأصول التشريع العام للسيد الإمام محمد  رشيد رضا رحمه الله تعالى

اشترك في نشرتنا البريدية