قد لا نعجب من أن نرى المثل والتقاليد فى الجامعات العصرية متشابهة متين التشابه. فالجامعات البريطانية العتيقة كأكسفورد وكمبردج والاقدم منها بسكوتلاندا أنشئت على نمط جامعات أروبا فى القرون الوسطى ثم أنها أثرت بدورها على الجامعات العصرية بأروبا، فأكسفورد وكابريدج أو حتى زيادة على ذلك بالتقاليد المعمول بها فى الجامعات البريطانية الاحدث عهدا وهذه اتخذت انموذجا للجامعات التى اسست فى مختلف بلدان رابطة الشعوب البريطانية خلال المائة سنة الاخيرة
غير أنه يوجد رغم هذا التشابه فى المبادىء والاهداف المقصودة تباين " شديد فى وجهات النظر بين جامعات العالم الحديث سواء من حيث العادات او المرمى المنشود وهناك فوارق كبيرة حتى داخل اقطار رابطة الشعوب الانجليزية. وتجلى هذا بصفة واضحة خلال بعض دورات مؤتمر جامعات رابطة الشعوب البريطانية المنعقد بمونرئال فى سبتمبر 1958 وكذلك اثناء اجتماع مديرى الجامعات الذى سبقه. فالجامعات الكاندية نسجت عند تكوينها وتصميم دروسها منوال الجامعات الامريكية دون الانقليزية وأما الجامعات الهندية فأنها تأثرت كل التأثر بالجامعات اللندنية وبطابعها الفكتورى Vietorein لما كانت مؤسسة يقتصر دورها على اجراء مختلف الامتحانات والاختبارات ونتيجة ذلك فان الاتجاه في الهند والباكستان يرمى الى تاسيس جامعات يتعلم بها عدد قليل من الطلبة فقط كما تجرى بها امتحانات وتسلم الشهادات لطلبة معاهد ملحقة بها. وهذه الطريقة لا ينجر عنها سوى التفكير في الامتحان والمحافظة الشديدة على معنى النظم اكثر منه على روحها.
والجامعات الاسترالية سعيا لتلبية حاجيات مجموعاتها ضعفت لما حاولت القيام بأعمال جبارة بوسائل ضيقة وها هى الآن تقوم باصلاح كامل لنظامها.
وفى افريقيا الجنوبية نرى الحكومة تغالى فى معاملتها للجامعات وذلك بجعلها أداة للسياسة القومية وبالتدخل في شؤونها الداخلية. ومن بين المؤسسات المنشأة بعد الحرب في المستعمرات البريطانية وفي أقطار مستعمرة أخرى بوجد عدد من المعاهد الجامعية ارتبطت ارتباطا متينا بجامعة لندن وتشاركت معها نظرا لمستواها الاكاديمي الراقي. وبفضل هذه المشاركة وضع نظام يرمي الى ازالة الاضرار المنجرة عن العادات القديمة كقبول الطلبة الخارجيين للمشاركة في الامتحانات والحصول على رتب جامعية.
ان هذه المؤسسات صغيرة باعتبار عدد طلابها وخاصة بأفراد دون أفراد وتتطلب مصاريف باهضة غير أن هذا لا يمنعها البتة من أن تؤثر تأثيرا عميقا على ازدهار البلدان التى تحويها فتزود هذه البلدان بالاطارات وبالمتصرفين وبالاساتذة وبالاطباء وبالمهندسين كما تمكن عددا كبيرا من الرجال والنساء من الحصول على ألقاب مهنية
وهكذا اذا تأملنا الميدان الجامعى لاحظنا فوارق شاسعة باعتبار مستوى طرق التدريس وكذلك أساليب الادارة والتمويل والبرنامج. وهذه الفوارق تظهر لا بين البلد والآخر فحسب بل في شتى مؤسسات البلد الواحد. وأما فيما يخص المستوى التكويني المطلوب فقد ضبطه العالم الجامعي بدقة وأقره بفضل نظام صارم. وفى هذا الصدد يجدر بالملاحظة أن أى حكومة لا تجلب الفائدة الى بلادها ان هى أسست جامعة لا يرى فيها العالم الاكاديمي الكفاءة المطلوبة ولكنه يوجد رغم هذه الفوارق بعض مبادئ أساسية تتمثل اليها كل الجامعات التى تتطلب أيضا توفر بعض شروط أصلية نذكر من بينها فى المقام الاول مبدأ الاستقلال الجامعي معناه عدم وجود مراقبة حكومية أو أى مراقبة خارجية أخرى وهذا من الضرورة بمكان فى وقتنا هذا اذا اعتبرنا ان أغلب الجامعات مرتبطة ماليا بالدولة وأن الامم من جهة أخرى فى حاجة من حيث نموها الاقتصادى الى التعليم العالى الذى لا يتوجد بالجامعات دون سواها. وزيادة على ذلك فمن واجبات الحكومات أن تقتصر على الحكم فيتحتم عليها مزيد التبصر والحكمة لمنح الجامعات مبالغ مالية وافرة بدون أن تهتم عن كثب بكيفية استعمال هذه المبالغ وبدون أن تبالغ فى فرض وجهات نظرها فى ميدان سياسة نشر التعليم.
وهذا التبصر أمر ضرورى لتمكين الجامعات من بلوغ الهدف المنشود على أحسن وجه ومن المساهمة فى خدمة مجموعاتها بأقصى ما يمكن من المفعولية.
ومن المعلوم أن الحرية الأكاديمية لا تتجلى فى التخلص من المراقبة الحكومية فحسب. واذا ما اختصرنا الى أقصى حد مفهوم هذه اللفظة أمكن القول بأن الحريات الاكاديمية تفترض بالنسبة الى الجامعة امكانية ضبط برامج تعليمها بنفسها واختيار طلبتها ولا يمكن بصفة عامة صيانة هذه الحريات الا اذا استطاعت المؤسسات المتمتعة بها أن تقوم بمراقبة شديدة جدا على اختيار المدرسين وتجرى هذه المراقبة بشتى الطرق فهي تكتسى غالبا صبغة فعلية عند ما لا تتعرض اليها القوانين الكتابية ففي جامعات الهند والباكستان مثلا يتولى نائب وزير العدل على ما أظن انتداب الاساتذة بينما هو يعين من طرف هذا الوزير الذى هو شخصية سياسية وقد يكون فى هذا الاجراء سلوك يمكن الحكومة من القيام يمر اقبة مطلقة ولكن أعضاء المؤسسات الاكاديمية يعرفون التقاليد الغربية المتعلقة بالاستقلال الجامعي الداخلى الى درجة أنهم يستثمرونها ويشاركون فعليا بقسط وافر في اتخاذ المقررات التى تخصهم وتخص الجامعات ذاتها
وعلى خلاف ذلك يوجد نظام حكومي أكاديمى مستقل داخليا كما هو الشأن بأكسفرد وكامبردج أين تتمتع المجموعة الاكاديمية كلها بالنفوذ المطلق بدون تدخل الغير وهذا ما تمتاز به خاصة الجامعات المصرية بالمملكة المتحدة وبرابطة الشعوب البريطانية وبينما تهتم الامة بأسرها كامل الاهتمام بأن ترى الجامعات تقوم بعملها على أحسن وجه تتعدد الحجج لفائدة مشاركة الغير فى الادارة الاكاديمية بشرط حماية الحقوق ومميزات الجامعة بصفة ناجعة وذلك فى ميدان قبول الطلبة وسن برامج الدراسات
ومن الصالح أن نتمسك بمفهوم الجامعة حسب نظرية القرون الوسطى حيث كانت تعتبر بمثابة مجموعة طلبة متفرغين تماما لنشر المعرفة وتنميتها وكذلك بمثابة منبت لنخبة من العلماء والمثقفين وليس من الواقعية ألا نعترف بما يتطلبه المجتمع من الجامعات التى يساندها. وعلى مدير الجامعة المنتبه أن يسعى في توجيه برنامج تعليمة باعتبار هاته المقتضيات
وقد كانت الجامعات الاولى بانلقترا وسكوتلاندا مؤسسات دينية شبيهة بما كانت عليه المؤسسات الرهبانية الاقدم منها بئاسيا مثل " التاكسيلا " بالباكستان و " النالاندا " بالهند وفى أكسفورد وكنبردج ما زال التقارب الروحى مع الكنيسة حيا الى العصر الحديث ومنذ قرن تقريبا ألغيت الامتحانات في ميدان " تدريس الديانة المسيحية " بالنسبة للمدرسين والطلبة. وكانت الطريقة التى زالت منذ ذلك العهد قد أضرت بالتعليم الحقيقى والتقدم العلمي إلى درجة أن الجامعات العصرية اعتزمت عدم قبول كل عرقلة قد تنشأ عن الانتساب إلى جمعية رهبانية وقررت أن مسائل العقيدة لا يمكنها البتة أن تكون مدعاة الى أى تمييز. وقد أدرجت الآن معظم جامعات رابطة الشعوب البريطانية ضمن نظامها بنودا تنفي كل تمييز سواء كان مبنيا على العقيدة أو على الجنس أو على لون البشر ومن المعلوم أنه توجد جامعات ملحقة بمجموعات دينية تساندها ماليا وان غالب أعضائها يؤخذون بلا شك من هذه المجموعات الدينية والظن عندى أن أبوابها مفتوحة لاعضاء آخرين (وقد يكون لدى بعض زملائي في قسم الابحاث ارشادات أخرى فى هذا الموضوع)
واذا ما ألقينا نظرة على الحياة الجامعية برابطة الشعوب البريطانية فلا يسعنا الا أن نلاحظ عدم مسايرة بعض جامعات افريقيا وآسيا للثقافة الاهلية يبلدانها. وقد نشأت عن ذلك لا محالة نظم غير قارة
ومن المتوقع أن يتوجد منهاج يجعل الجامعات تتجه تدريجيا الى نظام يقيم أكثر اعتبار للاديان والثقافات القومية وكذلك للتقاليد و " البيئة العامة "
وهكذا تتجلى فى جامعات جنوبى الهند نزعة ترمي الى تركيز التعليم على الثقافة " التأملية " بينما تبدى الباكستان رغبتها فى مسايرة تعليمها أكثر فأكثر للطرق الاسلامية. غير أنه ليس في وسع أى جامعة أن تسمح لنفسها بالقضاء
على سلامتها التثقيفية. هذا ويجب الاعتناء بالمحافظة على مستوى فكرى راق وقد اعترضت عدة بلدان مشاكل تتعلق بطريقة التدريس التى ستطبق فى مختلف الجامعات ونشأت الصعوبات الى حد ما عن تلك الموجة القومية التى تكتسح الاقطار المتحصلة حديثا على استقلالها. حقا يسعنا أن نشاطر الرغبة في تشجيع استعمال اللغات الاهلية ولكنه لا يمكننا أن نجهل أن معظم المؤلفات العلمية بالبلاد تنشر باللغة الانقليزية وليس من السياسة الرشيدة - على ما يبدو - أن تجعل حواجز لغوية جديدة فى عهد يلعب فيه العلم و " التكنولوجية " (أى لغة المفردات الفنية) دورا له كل الاهمية فى تنمية الاقتصاد الوطني وربما في احيائه. وتبدو مشكلة اللغات دقيقة جدا فى بعض الاقطار يلقى بها التعليم المدرسي بلغة والتعليم الجامعي بلغة أخرى. ان هذا العامل هام وهو أيضا عقبة تقف دون تأسيس جامعات لها مستوى راق كاف. ويبعد هذا الحل عن أن يكون واضحا. فهناك نفور طبيعي من استخدام لغة أجنبية بالمدارس وتوسيع نطاقها. ومن جهة أخرى فالمدرسون الجامعيون يعترفون بما ينشأ من الاضرار عن اجراءات من شأنها أن تعرقل التبادل الحر مع الغرب فى ميدانى الاخبار والفكر. لذا يترددون في حذف استعمال اللغة الانقليزية حيث كان مبرر لوجودها منذ أمد طويل ومن المحتمل أن نرى استعمال اللغتين يتسع بصفة ملحوظة كما هو الشأن في بعض البلدان لكن التجربة أثبتت أن هذا الاجراء يعود بالخسران على مستوى العمل. وزيادة على ذلك فدراسة المسائل اللغوي تلفت أنظارنا إلى المؤسسات التقليدية الاسلامية في العالم العربى ذات الاهمية الكبرى بالنسبة للمحافظة على الثقافات الاهلية ولكن لنا أن نتساءل عما عسى أن يكون من أثرها على الحياة العصرية فى عهد يدين كثيرا " بالتكنولوجية " مثل عهدنا
ما هي واجبات ومسؤوليات الجامعة نحو الدولة ونحو المجموعة أين تنتدب أعضاءها؟ وتسلم معظم الجامعات لانه يتحتم عليها مراعاة الضروريات القومية وذلك بأن تعطي ثقافة أتم لمن سيتولى السهر على رفاهية المجموعة ويحتل مناصب تتطلب اعدادا أكاديميا. وهي مستعدة لبذل كل مجهوداتها لتحقيق هذا الهدف. وكثيرا ما يرد الحديث عن هذه الحاجيات فى المملكة المتحدة مثلا في صورة تقارير حضرتها لجان مستقلة أنشأت لدراسة شتى المشاكل الخاصة وليس في عرف الجامعة أن ترفض ما تمنحها الحكومة من اعانة مالية لتمكنها من توسيع نطاق أحد برامج تعليمها قد حرر في شأنها تقرير قدمته اللجان السابقة
والحكومة عند ما تعرض مثل هذه الاعانة المالية انما تعمل باشارة من " لجنة الاعانات والمنح الجامعية " وهذه اللجنة نظرا لاشتمالها على أعضاء أكثرهم من الجامعات تعمل حتى تضطر الجامعة الى سن برنامج مناف لمبادئها وتقاليدها حتى يكون مستوى العمل وقيمته أمرا لا جدال فيه. ولا يعتبر هذا النوع من الصلة بين الجامعة والمجموعة منافيا لمبادىء حرية العلم وكذلك لمبادىء استقلال
المؤسسة داخليا. غير أن واجب الجامعة يجعلها تضع فى مقدمة أهدافها البحث العلمي والنزاهة فى طلب الحقيقة لذا كان لزاما عليها أن تتجنب كل ما من شأنه أن يضعفها فى القيام بأعمالها
واذا كانت جامعات بلد بلغ من التقدم درجة التصنيع الرفيع ما بلغته بريطانيا العظمى قد سلمت بأن من واجبها سد حاجيات المجموعة فمن الاهم أن يعترف بهذا الواجب في أقطار أقل نموا وأوسع حاجيات تقوم فيها الجامعة بعمل أثمن. ويعتبر احداث مدارس جامعية فى أقطار ما وراء البحار البريطانية - اثر تقرير لجنة اسكف في عام 1945 - من أبلغ الاعمال طموحا فى ميدان الازدهار الاكاديمي خلال السنوات الاخيرة. وكان لهذا الابتكار تأثير هام جدا فأسست مدرستان بافريقيا الشرقية ومدرسة بافريقيا الغربية وأخرى بافريقيا الوسطى وأخرى بجزر الانتيل وكلها على نمط جامعات انقلترا العصرية.
واستفادت مما قدمت لها جامعات المملكة المتحدة من مساعدة لتسطير برامجها وانتداب أساتذتها كما أن الروابط الخاصة بجامعة لندن كانت ترمي الى انماء ازدهارها الاكاديمي وذلك بمساعدتها في تسطير ومحافظة برنامج دروسها حتى بوافق المقضيات والظروف المحلية على أحسن وجه ويحقق ضمان مستواها الاكاديمي من طرف جامعة لندن التى تتولى اجراء الاختبارات وتسليم الشهادات بها وذلك بمساعدة المدرسين المحليين وقد أحدثت هذه المدارس الجامعية بكامل السرعة وهي تتطلب مصاريف بليغة باهضة فى بعض الاحيان وبلغ مستوى التعليم بها درجة عالية الى حد أن عددا ضيقا نسبيا من تلاميذ المدارس الثانوية يستطيع الانخراط بها. وعدد الطلبة المنخرطين الى الآن فى مختلف هذه المدارس عدد قليل الا انه أخذ ينمو سريعا جدا فى بعضها
وتساءلنا أحيانا لنعرف هل من الحكمة أن نؤسس معاهد تقتضى أموالا كثيرة الى هذا الحد وتفرض مستوى اعداديا مرتفعا جدا لم يكن الا فى متناول عدد ضيق من الطلبة وذلك اذا اعتبرنا أننا فى أقطار فقيرة ذات نمو متأخر لا يتمتع بما فيها من فوائد سوى أقلية ضئيلة. أليس من الانصف أن نحسن أولا النظام المدرسي ونوسع من نطاقه حتى نتمكن من تركيز الجامعات على أسس أمتن مع عدد من الطلبة زودوا أحسن تزويد وتلقوا أحسن اعداد؟ هل كان من الحكمة أن نجعل هكذا الطلبة منعزلين في هذه المدارس بعيدين عن وسطهم العائلي وعن أصدقائهم؟ وهل أقامت هذه الطريقة وزنا كافيا للمسائل الاجتماعية والاقتصادية ولحاجيات البلدان ذات النمو السريع؟ وباختصار لو كان يجب علينا أن نعيد كل شئ فهل نأتي بنفس العمل أم هل يجب علينا أن نحتاط بانشاء منظمة تتماشى أكثر فأكثر مع الحاجيات القومية؟ أما من جهتى فليس لى أدنى شك فيما سيقدم من أجوبة على هذه الاسئلة. وانى على يقين من أن السياسة المتبعة كانت سليمة ولو يتاح لنا أن نرجع الى سنة 1945 ونسطر مشاريع من جديد تداعمها التجربة والخدمة المكتسبة خلال الاربع عشرة سنة الاخيرة لفضلت شخصيا أن أعيد الكرة معتمدا على نفس الاسس تقريبا.
واني على يقين أيضا من أن أغلبية المدرسين الذين يعرفون جيدا هذه البلدان والمدارس الجديدة يشاطرونني في رأيى. لقد عين مستوى أكاديمى راق منذ البداية كما لقنت تقاليد جامعية سليمة وانتدب مدرسون على جانب عظيم من الكفاءة وقدمت مساهمات هامة فى ميدان العلم الحديث وهذه المساهمات تهم مباشرة البلاد باستثمارها ما لهذه من امكانيات، ومما لا شك فيه ان حاملى الشهادات وعددهم قليل فى أول الامر ثم هو يزداد بصفة مطردة سوف يكون لهم تأثير عظيم على ازدهار وطنهم، أضف الى ذلك أن هذه المدارس عملت كثيرا لتحضير نظام التربية المدرسية وتوسيع نطاقه بواسطة مؤسساتها التربوية وقد ساهمت أقسامها المخصصة لتعليم الكهول ويختلف توجيهها باختلاف نوع المشاكل المطروقة فى تثقيف عدد كبير من الاشخاص الذين لم يكن لهم أى اتصال مباشر بهذه المدارس ثمينة جدا وسيؤتى ثمره فى وقت قريب ولكن القول في المستقبل؟ ان بعض الاقطار شاسعة جدا ومؤسسة جامعية واحدة لا تكفي لسد حاجيات هذه البلدان حيث ينمو عدد المثقفين بدون انقطاع فلا بد من التفكير في تأسيس جامعات جديدة. الا أني لست مقتنعا بالمرة بضرورة جعلها في مستوى المؤسسات الموجودة ولو كان هناك ما يبرر هذه الضرورة وهناك امكانية لاجراء تجارب جديدة يتحتم معها أن نراعي الموارد المالية للبلدان المتحصلة حديثا على استقلالها. والمهم أن نحافظ على مستوى أكاديمي راق وعلى التقاليد الجامعية التى أقامت الدليل على صلوحيتها خلال القرون وعلى ضوء هذا الاعتبار تتخذ المؤسسات الموجودة انموذجا وتقوم مقام دليل فائق القيمة فلا بد اذا من صرف اهتمام خاص بما للبلدان من ثقافة تقليدية وحاجيات متزايدة ومشاركة جامعات البلدان ذات النمو السريع فى الخلافات السياسية تشكل عليها أكبر خطر. وتهددها بما تتمتع به من حظوة نعم يحق للجامعات أن تعنى بالتطور السياسى والاقتصادى والاجتماعى لكن بقدر ارتباطه المباشر بالبحث العلمي الانشائى وازدهار المعرفة فى الميدان الاجتماعي والانسانى. ومن الهام أن تتوخى الجامعات مثل هذا المسلك حتى تكون قادرة على المساهمة فى حل المسائل التى تواجه المجموعات غير أنه يجب ألا تكتسي هذه البحوث صبغة تعصبية ولا يرغب عادة فى أن يكون لمدرسى جامعة نشاط سياسي. وأما فيما يخص الطلبة فان ما يمتاز به نشاطهم الفتوى من قلة التجربة وعدم الرصانة يجعل مثل هذا التدخل فى السياسة أمر غير مرغوب فيه أقل فأقل وكذلك مضرا اضرارا
قدمت لكم بعض أفكار متنوعة لا تدعي البتة أن تحيط بالموضوع المطروق احاطة دقيقة وأن تتناوله بتعمق وان تبحث فى كل جزئياته. وقد يكون البعض من هذه الافكار محل جدال وما بسطتها عليكم الا لاثارة مناقشتها %
