إذا كان طريق إصلاح هذا الدين الحنيف أن نأتي على أسسه القومية وأركانه المشيدة، ونترك الرغبة في إرضاء الجماهير تتحكم فيه وتصرفه كيف تشاء وكما تهوى، فلا كان إصلاح ولخير للإنسانية أن يظل الناجي على الشاطئ يشهد الغرقى تحوم فوق رؤوسهم طيور الموتى، وتمتد إليهم يد الفناء من أن يمد إليهم يده لينقذهم فيجذبوه هم نحو الفناء، ويمضوا به صوب الأعماق ولخير للأزهريين ولرجال الدين أن يظلوا في جمودهم وخمودهم من أن يتحركوا حركة المذبوح، وينتفضوا انتفاضة اليائس الذي يحطم كل شيء، ولا يبقى على شيء
وإذا كان سبيل الإصلاح أن ندع التيار يجرفنا في منحدره إلى القرار فلن يكون إصلاح، ولن يكون فلاح، وإنما هي الفوضى وخيبة الأمل
كتب أحد العلماء الإجلاء في أوائل إبريل بمجلة أسبوعية يقر الناس على الكذب، ويحبب إليهم اختلاق الأكاذيب، ويرغبهم في افتراء القصص الوقائع بحجة المرح والسرور، ومن أجل التفكه والدعابة. وكان من اثر هذه الدعوة السيئة أن استجابت لها إحدى صحفنا الصباحية فنشرت عن مناظرة تقام ببناء كلية الشريعة؛ يشترك فيها بعض أعلام الفكر الحديث. وما كاد الوقت يحين حتى توافد الناس إلى الكلية من كل صوب لسماع هذه المناظرة. وإذا بالواقع يروعهم، وبالحقيقة تواجههم، وإذا بها (كذبة إبريل)
فليهنأ الشيخ بنجاح دعوته ونفاذ رغبته! وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل جاءت ثالثة الأثافي - كما يقولون - إذ نشرت الأهرام تكذيباً للخبر وأردفته بكلمة لأديب أزهري، كان أكثر استجابة لنداء شيخه الوقور وفيه يقول: (وشكراً للأهرام على مداعبتها اللطيفة، وكل (إبريل) والأمة جميعها بخير وسلام)
أيها الذين آمنوا بالله ورسوله الكريم، لن يكون إصلاحاً
تميعنا ونسياننا لتعاليم من كان يمزح ولا يقول إلا حقاً، ولن تكون نهضة فقداننا لمقوماتنا وشخصياتنا، فننسى أنفسنا أمام هذه الفتنة القاسية
رويدكم يا دعاة الإصلاح ما دام مركبه سيحملكم إلى شاطئ غير الذي نروم، وسيجعلكم تنحدرون من القمة إلى الهاوية، بدل أن ترفوا الناس إلى المعتصم.

