الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 633الرجوع إلى "الرسالة"

الحديث المحمدي، لمحة من تاريخه

Share

(عن لنا أن نبحث عن تاريخ الحديث ، و بعد درس طويل تهيأ لنا من هذا التاريخ - كتاب سنقدمه للطبع وهذه كلمة صغيرة عنه )  أبو ريه ،

لا أنشأت أدرس ديني درس العقل والفكر بعد أن أخذته تلقينا من نواحى العاطفة والتقليد رأيت أن أرجع إلى مصادره الأصلية ومراجعه الأولى ، ولما وصلت من دراستي إلى كتب الحديث كنت أجد فيها بعض أحاديث لا تتكن نفسى إليها ولا يطمئن قلبى لصحتها ، ذلك بأنها تحمل من المعانى ما لا يتجله عقل سليم أو يقربه علم ثابت أو يؤيده حيس ظاهر أو كتاب متواتر (۱) ، وكنت أجد مثل ذلك في كثير من الأحاديث التي شحنت بها كتب التفسير والتاريخ وغيرها .

وكان أكثر ما يثير عجى أتى إذا قرأت كلمة لأحد أجلاف العرب أهتر لبلاغتها وتعتريني أريحية من جزائها ، وإذا قرأت بعض ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية ولا ذلك الاهتزاز . وكنت أستبعد أن يصدر مثل هذا الكلام المغسول من البلاغة عن النبى الذى كان أفصح من نطق بالضاد . وما كان مجى هذا إلا لأنى كنت أسمع من شيوخ الدين عفا الله عنهم : أن كل الأحاديث التي وردت في كتب السنة قد جاءت بألفاظها ومعانيها ، وإن على المسلمين أن يسلموا بكل ما حملت ولو كان فيها ما فيها .

ولما قرأت حديث ( من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ، غمرنى الدهش لهذا القيد الذى يبعد أن يأتي من رسول جاء بالصدق وأمر به ، على أن الكذب كما قال الحافظ بن حجر3:

من الأخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء أكان عمداً أم خطأ

ظلت على ذلك زمناً طويلا إلى أن حفزني حب عرقان الحق إلى أن أنقب عن تاريخ الحديث من مصادر الدين الصحيحة ، والأسانيد التاريخية الوثيقة لعلى أقف على شيء يذهب بما في صدرى من حرج ويصرف ما بنفسي من ضيق ، وذلك لأن هذا الأمر الجليل لم يفرد من قبل بالتأليف المستقصى أو التدوين المستفيض .

ولبثت فى البحث والتنقيب زمناً طويلا إلى أن انتهيت من أمر ( الحديث المحمدى ) إلى حقائق غريبة ونتائج خطيرة ، ذلك أني وجدت أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها ما سموه صحاحاً وما سموه سننا حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه ، حتى لقد قال الإمام الشاطبي في الاعتصام (۱) : ( أعوز أن يوجد حديث عن رسول الله متواتر ) ووجدت أن الصحيح منه على اصطلاحهم إن هو إلا معان مما فهمه الرواة من أقواله صلى الله عليه وسلم . وقد يوجد بعض ألفاظ مفردة قد بقيت على حقيقتها فى بعض الأحاديث ولكنك لا تجد ذلك إلا في الفلتة والندرة ؛ و من أجل ذلك جاءت أحاديث الرسول وليس فيها من نور منطقه ، أو ضياء بلاغته إلا شعاع ضئيل .

كان أول ما انكشف لى من هذه الحقائق أن النبي (ص) ! يجعل الحديثه كتاباً يكتبونه عندما كان ينطق به كما فعل ذلك بالقرآن ، وبذلك تفكك نظم ألفاظه وتمزق سياق معانيه من أذهان السامعين . ولم يدع الأسمر على ذلك فحسب بل نهى عن كتابة غير القرآن أو تدوينه فقال : « لا تكتبوا عنى شيئاً سوى القرآن؛ فمن كتب عنى غير القرآن فليمحه » رواه مسلم وغيره ، ثم اتبع أصحابه طريقه وأطاعوا أمره فلم يكتبوا أقواله كما كتبوا القرآن . ولم يقف أمرهم عند ذلك بل ثبت عنهم أنهم كانوا يرغبون عن رواية الحديث وينهون الناس عنها ، وينتقد بعضهم بعضاً فيما يأتى منها ويتشددون في قبول أخبارها حتى لقد. كان عمر رضى الله عنه لا يقبل الخير من أي صحابي إلا إذا جاء بشاهد يشهد أن التي قاله .

رواية الحديث بالمعنى

ولما رأى بعض الصحابة أن يرووا من أحاديث نبيهم ووجدوا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بأصل الحديث كما سمعوه على لفظه ، كما نطق النبي الكريم به ، وإن الذاكرة لها حكم يجب الأذعان له والنزول عليه أباحوا لأنفسهم أن يرووا على المعنى . ثم سار على سيلهم كل من جاء من الرواة بعدهم فيأخذ المتأخر عن المتقدم ما يرويه عن الرسول بالمعنى ثم ينقله إلى غيره بما بقى في ذهنه من هذا المعنى . وهذا أمر معلوم بينهم حتى لقد قال وكيع كلمته المشهورة : ( إذا لم يكن المعنى واسعاً فقد هلك الناس ) وهكذا ظلت المعاني تتوالد والألفاظ تختلف باختلاف الرواة ، وفيهم . الأعاجم وغير الأعاجم ممن ليسوا بعرب . ولا يخفى ما في ذلك من ضياع معالم المعنى الأصلى وزوال شيء كثير منه . ومن العجيب أن رواية الحديث بالمعنى قد سارت على هذا النهج قروناً إلى أن خرج الحديث في صورته الأخيرة التي خلها كتب السنة وخرجت بها في القرن الثالث وما بعده. وقد قال البخارى المتوفى سنة ٢٥٦ه وكتابه كما يقولون أصح كتاب بعد كتاب الله : « رب

حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر ، فقيل له يكماله ؟ فسكت » (۱)

ولقد كان لرواية الحديث بالمعنى ولا جرم ضرر كبير سواء . أ كان من الناحية الدينية أم من الناحية اللغوية والبلاغية ، وبعد أن أباحوا الرواية بالمعنى استجازوا لأنفسهم أن يأخذوا بالحديث إذا أصابه اللحن أو اعتراء الخطأ أو اختلف . نظم عقده بالتقديم أو التأخير؛ وكذلك قبلوا أن يأخذوا ببعض الحديث ويتركوا بعضاً.

الموضوعات

. وإن أشد ما منى به الحديث ولا جرم إنما كان منها ( الموضوعات ) التى اختلطت به وتدمت إليه فكانت مصدر بلاء كبير للمسلمين في كل العصور ، وقد تولى كبر هذه الموضوعات فريقان : أحدهما : أحباء الإسلام من مختلف الفرق والمذاهب. وأصحاب الأهواء حتى الصالحين وأهل العبادة ، أولئك الذين قال فيهم

يحيى بن سعيد القطان : ( ما رأيت الصالحين في شيء أكتب منهم في الحديث ، ولقد كانوا يسوغون افتراءهم بقولهم : ( إنا نكذب له لا عليه ) ولكى يشدوا عملهم هذا بما يؤيده وضعوا أحاديث على النبي تجيز لهم هذا (الوضع ) مثل ما رووا ة إذا لم تخلوا حراماً ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس ) .

ثانيهما : أعداء الإسلام من الزنادقة وغيرهم من دهاة اليبود والنصارى الذين أظهروا الإسلام وأضمروا دينهم ، فاغتر الصحابة وتابعوهم بإسلامهم ، وأخذوا من غير بحث عنهم . ولقد كان مما وضعوه ، تلك الأحاديث التي جاءت في فضل الشام الذي كان في عهد بني أمية قاعدة الحكم ومصدر السلطان ، وكذلك وضعوا أحاديث في أن ( الأبدال ) المعروفين عند الصوفية سيظهرون في الشام !

ولين كان قد كذب على النبي بعد وفاته فقد كذب عليه وهو حى ، ولا غرو فإن الكذب عريق في الإنسانية لا يخلو منه زمان ولا مكان .

الاسرائيليات والمسيحيات

وقد عقدنا فصلا للإسرائيليات تحدثنا فيه عما صنعه كمان اليهود في حديث رسول الله وأثبتت في كتب السنة وفى التفاسير ومصادر التاريخ وغيرها أمثال : كعب الأحبار ، ووهب ابن منبه وغيرها. وبينا كيف استحوذ هؤلاء الكهان على عقول المسلمين حتى وثقوا بهم ورووا عنهم ، وعرضنا لأمر مؤامرة قتل عمر التي اشترك فيها كعب الأحبار ، وقصة الصخرة ، وبينا كيدهم السياسي الذي قام به عبد الله بن سبأ وأردفنا هذا الفضل بفصل آخر عن المسيحيات و. اصنعه مثل تميم الداري الذي كان مسيحياً وأسلم .

كثرة الأحاديث المروية

ولما كان التدوين قد تأخر وما جاء عن الرسول من قول غير القرآن قد فاته الإحصاء والتقييد ولم يرتبط في زمن التي وصحابته بالتدوين ، فإن الرواية قد اتسعت واستفاضت ، وكلما امتد الزمن زادت الرواية حتى صارت الأحاديث المنسوبة إلى التي تعد بمئات الألوف. وقد نقلوا عن احمد بن حنبل أنه قال : صخ من الحديث

۷۰۰ ألف حديث وأكثر ، وأن أبا ذرعة قد حفظ ۷۰۰ ألف حدث.

ولما طلب إسحاق بن راهويه من تلاميذه وفيهم - البخاري - أن يجمعوا مختصراً لصحيح سنة رسول الله . ونهض البخاري لتحقيق رغبة أستاذه قال :

"إنى أخرجت كتابي من زهاء ستمئة ألف حديث ) ونقل عنه أنه قال : احفظ مئة ألف حديث صحيح ومتى ألف حديث غير صحيح ! على أنك لو نظرت إلى عدد ما اختاره في كتابه لوجدت أنه لا يزيد عن ٢٥١٣ كما حرر كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر فأن ترى قد ذهبت هذه الثروة الهائلة من الأحاديث !

أبو هريرة

ولما كان أبو هريرة أكثر الصحابة رواية عن رسول الله في حين أنه لم يصاحب النبي إلا ثلاث سنين فحسب ، وكذلك كان أكثر من نقل عن هؤلاء اليهود فقد أفردنا له ترجمة خاصة تحرينا فيها وجه الحق ، وحق العلم ، وأوردنا فيها ما له وما عليه بغير أن نخشى أحداً في إظهار الحق أو نتحرج من شيء في بيان العلم ، وكيف يصدنا تحرج أو يمنعنا خوف وقد انتقده الصحابة أنفسهم وردوا كثيراً من رواياته ، وكذبه عمر وعثمان وعلى وعائشة وغيرهم ، بل قد ضريه عمر بالدرة وحذره الرواية عن النبي أو ينفيه إلى بلاده حتى لقد كان بذلك أول راوية انهم في الإسلام.

حديث من كذب على

أما حديث من كذب على ( متعمداً ) فقد عنيت بالبحث عن حقيقته عناية كبيرة حتى وصلت من بحثى إلى أن كلمة (متعمداً) هذه لم تأت في روايات كبار الصحابة ومنهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين : عمر وعلى وعثمان ، وأن الزبير بن العوام - وهو حوارى رسول الله وابن عمته - قد قال عنها : « والله ما قال متعمداً » ولعلها قد تسللت إلى الحديث من سبيل الأدراج المعروف عند رجال الحديث ليتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم على سبيل الخطأ أو الوهم ، أو الغلط أو سوء الفهم حتى يدرأوا عن أنفسهم إثم الكذب ولا يكون عليهم حرج في الرواية لأن المخطى غير مأثوم ومن أجل ذلك وضع الرواة قاعدتهم المشهورة : إنما الكذب

على من تعمده ؛ أو أن هذه الكلمة قد وضعت ليسوغ بها الذين يضعون الحديث حسبة عن غير عمد عملهم كما كان يفعل الصالحون من المؤمنين ، ويقولون : نحن نكذب له لا عليه . ومن العجيب أنهم قد جعلوا هذا الحديث من المتواتر بلفظه ومعناء في حين أنه قد ورد بصيغ كثيرة كل سيغة منها تخالف الأخرى .

تدوين الحديث

ومما كشف عنه البحث أن تدوين الحديث لم يقع إلا في القرن الثانى أي بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى بأكثر من مئة سنة . ولم يكن ذلك بدافع من الرواة ، وإنما كان بوازع من الولاة ! وبدأ أول ما بدا غير كامل ، ثم تقلب في أدوار أربعة ، فكان في أول أمره مشوباً بأقوال فقهاء الصحابة في التفسير وغيرها من مسائل دينية أو طرف أدبية أو أبيات شعرية أو ما إلى ذلك مما كانوا يعنون بجمعه وتدوينه من غير ترتيب ولا نظام إلى أن جاءت طبقة (۱) ابن جريح والربيع بن صبيح وحماد بن سلمة وغيرهم في منتصف القرن الثامن وما بعده ، فوضعوا كتباً في الحديث ولكنهم مهجوا أقوال الرسول بفتاوى الصحابة والتابعين کا تجد ذلك في موطأ مالك (٢)

و بعد انقضاء متى سنة من الهجرة جرد العلماء ما كان ينسب في هذا العهد إلى النبي من أحاديث ودونوه في مسانيد بقير أن يخلطوا به شيئاً من فتاوى الصحابة والتابعين مثل مسند الإمام أحمد (۳) وغيره

وفى منتصف القرن الثالث وأول القرن الرابع وما بعد ذلك ظهر التدوين في صورته الأخيرة ، فاختار البخاري وغيره من الأحاديث التى كانت منتشرة في زمنهم وخرجوا منها كتبهم.

علماء الأمة أناء الحديث

ولأن الحديث لم يبدأ تدوينه إلا في القرن الثاني وكتبه المعتمدة بلا خلاف بين المسامين وهي : البخاري ومسلم وأبو داود

والترمذي والنسائى (١) لم تظهر إلا في القرنين الثالث والرابع وكانت روايته قد جاءت بالمعنى من طريق الآحاد التي لا تعطى إلا الظن - والظن لا ينتى من الحق شيئاً ، فإن علماء الأمة لم يتلقوه بمحض التسليم والإذعان كما تلقوا ما جاءهم من محكم القرآن ولا اعتبره من الأخبار المتواترة التي يجب الأخذ بها ولا يجوز لأحد أن يختلف في اتباعها وإنما اختلفوا طرائق قدحاً فيه اختلافاً يينا لم يستطع أحد إلى اليوم تلافيه

المتكلمون وعلماء الأصول

أما المتكلمون وعلماء الأصول فإنه لما كان ) الخبر ( عندهم ينقسم إلى ـ متواتر وآحاد ؛ والمتواتر إنما يعطى العلم اليقيني ، والآحاد لا يعطى إلا الظن ، ولم يجدوا في كتب الحديث خبراً متواتراً تكون دلالته يقينية بل إنه قد جاء من طريق الآحاد التي دلالته ظنية - والظن لا يغنى من الحق شيئاً ـ فقد ردوا كل حديث لا يتفق مع ما يذهبون إليه من الأصول التي اتخذوها لهم. ومن القواعد التي أتفق عليها جميع النظار أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقائد .

الفقهاء

وأما الفقهاء فقد كبلهم. التقليد فلم يعنوا يكتب الحديث ولم يعطوها حقها من البحث والدرس كما أعطوا كتب شيوخهم ، ولم يجعلوها بعد كتاب الله من مصادرهم التي يأخذون منها أحكام دينهم : - وإنهم عفا الله عنهم لم يتفقوا على الأخذ بالراجح من الأدلة فترى كل فريق قد ذهب في طريق يناير الآخر ـ وإذا وجد من الأحاديث حتى الواهية ما يتفق ومذهبه أخذ به ـ وقد يأخذ ببعض الحديث ويدع بعضه ، أما ما يخالف مذهيه ولو كان مما رواه الجماعة (٢) فإنه يرفضه ولا يرتضيه وبهذا الصنيع كثر اختلافهم وتعددت مذاهبهم ، ومن أجل ذلك وقف سير الفقه وسكنت حركته ، ولقد أعانهم على عملهم هذا أن أحكامهم مبنية على ما غلب على الظن صدقه ولكل أحد أن يأخذ من الأدلة بما - يطمئن به قلبه ، وأن أعمتهم قد ماتوا قبل ظهور كتب الحديث

المشهورة (١) وأن هؤلاء الأمة أنفسهم قد كانوا مختلفين في الأخذ بما جاء عن الرسول من احاديث فما يأخذ به هذا يدعه ذاك وهلم جرا .

ولو أنت رجعت إلى كتب العلماء المحققين وبخاصة كتاب أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية لوجدت فيها أحاديث كثيرة جداً لم يأخذ علماء الفقه بها ولم يخالفوا مذاهبهم من أجلها ، وبذلك أصبحت كتب الحديث في ناحية الإهمال منهم ، وإذا ما رجعوا إليها فإنما يكون ذلك للتبرك بها أو لدفع النوازل بأسرارها (۳) ، ومن عجيب أمرهم أنهم وقد جعلوا حديث الرسول وراء ظهورهم لا يزالون يقولون بأنه الأصل الثاني من أصول دينهم .

علماء النحو

وأما أئمة النحو فلم يجعلوا الحديث من النصوص التي يستشهدون على قواعدهم بها لأنهم قد استيقنوا أن رواية نصوص الحديث الصحيحة قد انتثر عقد تركيبها ولم تأت عن النبي بحقيقة لفظها ولا يعلم أحد على التحقيق ما هي الصورة الصحيحة التي نطق بها وقاعدتهم الى اتفقوا عليها أنهم لا يستشهدون إلا باللفظ المتواتر والنص الصحيح، وعلى أنهم قد تركوا الاستشهاد بالحديث . الذى جاءهم عن نبيهم فإنهم يأخذون بكلام الأعراب الذين يبولون ... على أعقابهم .

ولما انكشف لى ذلك وغيره مما لم أذكره هنا وبدت لى حياة الحديث المحمدى ) واضحة جلية أصبحت على بينة من أمر ما جاء عن الرسول من أحاديث فآخذ منها ما آخذ وقلي مطمئن وأدع ما أدع ونفسى راضية . ولا على ما أدع شيء ؛ وصرت متابعاً للأستاذ الإمام محمد عبده فيما يقول : ( لا أومن بحديث تعرض لى شبهة فى صحته » وللسيد رشيد رضا في قوله : لا أعتقد سند حديث ولا قول عالم صحابي يخالف ظاهر القرآن وإن وثقوا رجاله ؛ قرب راو يوثق للاغترار بظاهر حاله وهو سي الباطن » . ولا يتوهمن أحد أن هذا بدع فى الدين فإنهم قد جعلوا من قواعدهم

المشهورة : إن من علامة الحديث الموضوع مخالفته لظاهر القرآن أو القواعد المقررة في الشريعة أو للبرهان العقلى أو للحس والعيان وسائر اليقينيات ..

ومن قواعدهم كذلك (۱) : ليس كل ما صح سنده يكون متنه صحيحاً ولا كل ما لم يصح سنده يكون متنه غير صحيح ) .

من بلغه حديث وثبت عنده وجب عليه العمل به ومن خالف بعض الأحاديث لعدم ثبوتها عنده أو تقدم العلم منها فهو معذور .

وقال حجة الإسلام الغزالى : إن من يعمل بالمتفق عليه كان مسلماً ناجيا » .

( المنصورة )

اشترك في نشرتنا البريدية