الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 535الرجوع إلى "الرسالة"

الدين العام المصري، نشأته وتطوراته

Share

ليس الدين شراً كله كما أنه ليس خيراً كله، ولكنه لم يأخذ  أية أمة مثلما أخذ في مصر طريقاً حافلاً بالحوادث، مليئاً  بالاضطرابات، حتى أصبح تاريخه في مصر تاريخاً لفترة طويلة  في حياتها السياسية والمالية، شهدت فيها البلاد ألواناً شتى من  التدخل الأجنبي، وصوراً متعددة من التعسف، وضروباً كثيرة  من التقلب والاضطراب. ولقد انتقل حكم مصر إلى سعيد باشا  والبلاد لا تعرف طريقاً إلى القروض الأجنبية، حتى أحاط بالوالي  الجديد بطانة من الفرنسيين وعلى رأسهم فردناند دلسيبس،  فزينوا له فوائد الإصلاح ويسروا له سبل الاقتراض، فامتدت  يد سعيد باشا إلى المصارف الأوربية للمرة الأولى، ثم إلى الأهالي،  فاقترض عدة قروض كان منها الدين الثابت على المصارف الأجنبية

ويقدر بمبلغ ٣,٢٩٢,٨٠٠ جـ . ك ومنها الدين السائر على  الأهالي ويقدر بمبلغ ٧,٨٦٧,٢٠٠ جنيهاً. فلما توفي سعيد باشا  ترك البلاد وعليها دين يزيد على الأحد عشر مليوناً من الجنيهات

وتولى الخديو إسماعيل عرش مصر، وكان شاباً جريئاً  طموحا، يفيض قلبه بالآمال، ويجيش صدره بأجمل ما يتمناه  ملك يتفانى في خدمة بلاده، فأسرعت البطانة الأوربية وخاصة  الفرنسية بالالتفاف حوله، كما التفت حول سلفه، تلتمس فيه  نقط الضعف، فإذا بها، ويا لفخره. . . رغبته في الإصلاح وحبه  للإنشاء. فراحت تزين له آفاق هذا المجال وتمده بالمال، فاندفع  نحو الاقتراض مدفوعاً برغبته الصادقة في إصلاح حال مصر،  وبحسن نواياه وثقته بمن حوله، وهم بطانة من الأجانب المرتزقة،  أو المصريين الذين أعمى الطمع قلوبهم وأضل أفئدتهم، فصرفهم  عن أن يخلصوا النصح لمولاهم، أو يتبصروا عواقب الأمور. . .

وراحت القروض تتوالى على مر السنوات، وترتفع الأرقام  في سرعة هائلة، فإذا الديون الثابتة تبلغ من سنة ١٨٦٢ إلى  سنة ١٨٧٣ (أي مع دين سعيد باشا الثابت) ٦٨,٤٩٧.١٦٠  جـ . ك. والديون السائرة ٢٥ مليوناً من الجنيهات. وقد كان  أكبر هذه القروض الثابتة قيمة قرض سنة ١٨٧٣ بمبلغ ٣٢  مليون جنيه إنجليزي، وكان سعر الفائدة ٧ %؛ على أنه إنصافا  للحق لم تصل القيمة الاسمية من الديون الثابتة إلى الحكومة؛  إنما دخلها منها ٤٧,٣٥٧,٤٦١ جـ . ك فقط، وضاع الفرق  ما بين القيمتين الاسمية والحقيقية، ويقدر بمبلغ ٢١,١٣٩,٦٩٩ في السمسرة والعمولة والمصروفات الأخرى، حتى سعر الفائدة  ٧% كان لا يعمل به، بل كانت تتراوح الفائدة الحقيقية  ما بين ١٢ % و٢٦ %. وقد رهنت في مقابل هذه الملايين  إيرادات بعض مديريات الوجهين القبلي والبحري، وإيرادات  الجمارك والسكك الحديدية وجميع الثغور والعوائد المختلفة،

وإيرادات أملاك الدائرة السنية، وكان يقدر الدخل في الجميع  بنحو ستة ملايين من الجنيهات، وبهذا أصبح معظم إيرادات  القطر رهناً لهذه الديون الأجنبية. ولم تزد الحالة إلا سوءا؛  فكان كل قرض يعقد يجلب معه الاضطراب الشديد والخلل  السريع إلى المالية المصرية، حتى أقبل عام ١٨٧٥ فإذا بالحكومة

عاجزة عن تسديد فوائد هذه الديون ودفع الأقساط في مواعيدها،  وقد استخدم إسماعيل صديق باشا (المفتش) وزير المالية يومئذ  كل ما تفتق عنه ذهنه من أساليب شيطانية لابتزاز الأموال  لتسديد الأقساط. ولما شعر الخديو بشدة وطأة الحال عرض  على إنجلترا رغبته في أن تبعث إليه بمالي كبير يدرس الحالة المالية  ويعاون الوزير المصري في إدارة شؤونها وعلاج أسباب اضطرابها،  وجاء هذا الطلب في وقت كانت تطمع فيه كل من إنجلترا وفرنسا  في بسط إشرافها المالي على البلاد بعد ما أصبها من سوء وانحلال .

ولذلك سرعان ما لبت إنجلترا رغبته وأرسلت (بعثة) يرأسها  (ستيفن كيف) لبحث الحالة المالية، وقدم (كيف) مصر ووضع  تقريراً مطولاً مستفيضاً عن الشؤون المالية استعرض فيه أسباب  اضطرابها وخللها ودواعي عقد القروض وقدم مقترحات تتلخص  في تسديد القروض القصيرة الأجال وتحويل الباقي من الديون  الأخرى الطويلة الأجل إلى دين واحد قدره ٧٥ مليون جنيه  بفائدة سعرها ٧ % يسدد في ٥٠ سنة وأن تنشأ مصلحة للمراقبة  يعهد إليها تسلم متحصلات بعض أنواع الإيرادات؛ على أن  لا تعقد الحكومة أي قرض جديد إلا بعد موافقتها عليه. غير  أن الخديو إسماعيل أغضبه تقرير (كيف) فاتجه للمساعدة  الفرنسية؛ وما لبث أن قدم المالي الفرنسي الذي حضر إلى مصر  لدراسة شئونها المالية، مشروعاً يقضي بإنشاء صندوق الدين.

ورأت إنجلترا أن فرنسا تنافسها في الميدان فأرادت أن تحمل  الخديو على قبول مقترحات كيف، ولجأت إلى مناورة برلمانية في عهد دزرائيلي ونشرت تقرير كيف عن حالة مصر المالية  فأغضب ذلك الخديو كل الغضب وانحاز بكليته إلى المشروع  الفرنسي وأصدر أمراً عالياً في ٢ مايو ١٨٧٦ يقضي بإنشاء  صندوق الدين على أن يؤلف من أعضاء أجانب يعينهم الخديو  بناء على ما تعرضه الدول التابع لها كل منهم. ويستلم الصندوق  إيرادات بعض مديريات الوجهي البحري والقبلي المخصصة لخدمة  الدين، وعوائد الدخولية في العاصمتين، وإيراد الجمارك في جميع  الثغور، والسكك الحديدية وغير ذلك، وحظر على الحكومة  تخفيض أموال الأطيان المخصصة للدين بغير موافقة الصندوق،  كما تقرر أن تكون المحاكم المختلطة هي المختصة بالنظر في النزاع

بين الصندوق والحكومة. وأعقب هذا صدور أمر عال آخر  في ٧ مايو يقضي بتحويل ديون الحكومة الثابتة والسائرة إلى  دين واحد قدرة ٩١ مليون جنيه إنجليزي بفائدة ٧ % ويسدد  في ٦٥ سنة، وأن يخصص لتسديده الإيرادات التي ذكرنا  أبوابها وتقدر بمبلغ ٦,٧٤٥,٢٥٦ج. ك ثم رأى الخديو زيادة  في حسن الإشراف والإدارة إنشاء مجلس المالية الأعلى، فأصدر  أمراً بتشكيله في ١١ مايو من تلك السنة. بيد أن تنافس  الإنجليزي الفرنسي كان يزداد شدة فدعا هذا إلى اتفاق الدولتين على  المطالبة بوضع نظام يكفل لهما دقة الإشراف المالي على مصر، وذلك  بتعين مراقب إنجليزي للإيرادات، ومراقب فرنسي للمصروفات.

وقد تم لهما ذلك بإنشاء المراقبة الثنائية في الأمر العالي في ١٨  نوفمبر سنة ١٨٧٦ على أن توضع السكك الحديدية وميناء  الإسكندرية تحت إدارة لجنة أوربية. وبهذا اتخذ التدخل  الأجنبي ثاني صوره الرسمية بعد إنشاء صندوق الدين. غير أن  توحيد الديون جميعها أثار احتجاجات حاملي السندات القصيرة  الأجل وسندات الدائرة السنية فدارت مفاوضات أعقبها صدور  أمر عال في ١٨ نوفمبر أيضاً يفصل ديون الدائرتين السنية والخاصة  عن الدين الموحد وإصدار سندات ممتازة للمرة الأولى بمبلغ  ١٧ مليون جنيه إنجليزي بفائدة ٥ % وتخفيض الدين الموحد  بذلك إلى ٥٩ مليون ج. ك، ثم عقد في شهر يونيه ٨٧٧ اتفاقاً  خاصاً بديون الدائرتين السنية والخاصة وأصبحت قيمتها الرسمية ٩,٥١٢,٩٠٠ جـ . ك - وعلى الرغم من هذا ازدادت الأحوال  اضطراباً، فأشار وزير المالية على الخديو بتشكيل لجنة للتحقيق  فصدر أمر عال بها في يناير سنة ١٨٧٨ يقضي بتعيين لجنة  التحقيق العليا التي كان يرأسها اسماً دليسبس، وفعلاً السير ريفرز  ولسون، وذلك للبحث في أسباب الخلل ووضع المقترحات اللازمة  لعلاج الاضطراب المالي والضيق الشديد. وفي أثناء قيام لجنة  التحقيق بعملها تدخلت إنجلترا وفرنسا بطلب تعيين وزيرين  أوربيين في الوزارة المصرية وتحديد المسئولية الوزارية. وقد تم لهما  ذلك، فتولى السير ولسون وزارة المالية، والمسيو دي بلينر وزارة  الأشغال في الوزارة المختلطة التي تألفت في عام ١٨٧٨، وبهذا  أصبح ولسون يشغل منصبين خطيرين. ولكن تأليف هذه

الوزارة ما لبث أن قوبل بامتعاض شديد من الوطنيين. وكان هذا  العمل جرحاً عميقاً للكرامة المصرية القومية، فاتجهت الأفكار  كلها إلى التخلص منها. وكان الخديو أكثر الناس رغبة في ذلك  فما لبث أن انتهز فرصة وضع تقرير لجنة التحقيق العليا التي ذكرت  فيه أن الحكومة المصرية في حالة إفلاس، وأنه يجب تشكيل  لجنة لتصفية الحالة المالية والديون، حتى أسقط الوزارة المختلطة  وعين شريف باشا رئيساً للوزارة الوطنية البحتة، وقوبل هذا  العمل الجريء من الخديو باحتجاجات شديدة من الوزيرين  الأوربيين ودولتهما ولجنة التحقيق وغيرهم، ولكن ظل الخديو  وشريف باشا على سياستهما الوطنية وإن كانا قد فاوضا الدول  في إعادة المراقبة الثنائية مرة أخرى

وفي ذلك الحين عقد قرض الدومين مع بنك روتشيلد بمبلغ  ٨,٥ مليون جـ . ك في ٢٦ أكتوبر سنة ١٨٧٨، ثم صدر  بعد ذلك مرسوم بالتصفية في ٢٢ إبريل سنة ١٨٧٩، غير أن  الدول لم تقبله واحتجت عليه. واستمر النزاع قائماً بين الخديو  إسماعيل والدول الأوربية التي نشطت في تألبها عليه؛ وأقنعت  الباب العالي بضرورة عزله للعمل على الإصلاح المالي؛ وخضع  السلطان العثماني وأصدر فرمانا بهذا السؤل في ٢٦ يونية  سنة ١٨٧٩. ويبدأ مع عصر الخديو توفيق عهد جديد تضافرت  فيه جهود الدول على العمل لتحقيق غرضين أولهما: البحث  الجدي المنتج لتوطيد الحالة المالية المصرية، وثانيهما الوصول  بالتنافس الإنجليزي الفرنسي إلى الاحتلال العسكري للبلاد

ولقد سار الغرضان معاً فبدأت الحكومة المصرية بإصدار  قانون التصفية العام في ١٧ يوليه سنة ١٨٨٠ ويقضي بإصدار  سندات جديدة من الدينين الموحد والممتاز، كما خفض سعر  الفائدة في الدين الموحد إلى ٤ %، وضمت أملاك الدائرتين  السنية والخاصة إلى الحكومة، وألغيت المقابلة على أن يسترد  ما حصل منها على أقساط شهرية لمدة ٥٠ عاما - وفي هذه  السنة نشرت أول ميزانية رسمية للحكومة، ثم أدى الاتفاق  الإنجليزي الفرنسي على احتلال البلاد احتلالاً مشتركاً إلى  أن أسرعت إنجلترا بالاحتلال الفردي سنة ١٨٨٢ متخذة من  بعض الحوادث الداخلية، كالثورة العرابية وغيرها مبرراً لتنفيذ

هذا الاحتلال السريع. وقد نتج عن هذا كله اضطراب مالي  سياسي جديد، ورأت الحكومة أن تغطي عجز إيراداتها بعقد  قرض جديد بضمان الدول، وقد تم لها هذا بالأمر العالي  في ٢٧ يوليه سنة ١٨٨٥ الذي يقضي بإصدار سندات بقيمة ٩,٤٢٤,٠٠٠ ج. ك. بفائدة ٣ % وبضمان كل من إنجلترا  وألمانيا والنمسا والمجر وفرنسا وإيطاليا وروسيا. وعقد الخديو  توفيق ثم الخديو عباس فيما بعد ثلاثة قروض قيمها لا تزيد عن  الخمسة ملايين من الجنيهات، كما حددها السلطان العثماني،  وذلك لتسوية الحالة المالية. وبدأ الاستقرار المالي يدب بعد ذلك  في الحياة المصرية، وعمل الإنجليز من جانبهم على التخلص من  مشاركة فرنسا في الإشراف على الشئون المالية، فألغيت المراقبة  العثمانية، واستبدلت بالمستشار المالي الإنجليزي. وكان من بوادر  الاستقرار أن أخذت الحكومة في تكوين أموال احتياطية  تحفظ في صندوق الدين، وأعقب ذلك تحويل الديون الممتازة  والدائرة السنية والدومين إلى ديون جديدة بفوائد مخفضة. ولما  كانت البلاد تحت السيادة العثمانية فقد لجأت تركيا إلى مصر  لتكون ضامناً لها في القسط السنوي للقرض العثماني ٤ %  لسنة ١٨٩١، وذلك بتخصيص جزء من الجزية السنوية  المستحقة لها لضمان القسط السنوي من هذا القرض الذي أصدره  بنك روتشيلد بقيمة اسمية ٦,٣١٦,٩٢٠ ج. ك. وحدد له قسط  سنوي قدره ٢٧٣,٦٠٨ جـ . م. ويستهلك في مدة ٦٠ سنة  تنتهي في سنة ١٩٥١؛ وفي سنة ١٨٩٤ حدث تعهد مشابه حين  قبل الخديو عباس الثاني أن تضمن مصر القسط في القرض  العثماني ٣. ٥ % لسنة ١٨٩٤، وكانت قيمته الاسمية ٨,٢١٢,٣٤٠  ج. ك.، ويستهلك في مدة ٦١ سنة تنتهي في سنة ١٩٥٥،  وحدد قسطه السنوي بمبلغ ٣٢١,٠١٨

وقد ظلت مصر تدفع أقساط هذين القرضين العثمانيين  باعتبارها خاضعة لسيادة التركية، حتى بعد أن رفعت عنها هذه  السيادة في سنة ١٩١٤ إلى أن قرر مجلس النواب في سنة ١٩٢٤  أن تتوقف مصر عن دفع هذه الأقساط التي لا مبرر لدفعها من  زوال السيادة التركية وإعلان الاستقلال، ولكن معاهدة  لوزان التي نفذت في سنة ١٩٢٤ قررت إعفاء تركيا من كل

التزامات القروض العثمانية ورفع النزاع إلى المحاكم المختلطة التي  قضت في إبريل سنة ١٩٢٦ بإلزام الحكومة المصرية بالاستمرار  في دفع هذه الأقساط حتى نهايتها

ولما كانت فرنسا تناوئ إنجلترا مناوأة شديدة بعد فشل  الاحتلال المشترك لمصر وتندد بسياستها، فقد عملت إنجلترا  على أن تسعى للاتفاق معها، وقد تم هذا في الاتفاق الإنجليزي  الفرنسي سنة ١٩٠٤ الذي أطلقت فيه يد إنجلترا في شئون مصر  مقابل إطلاق يد فرنسا في شئون مراكش. وبعد ذلك الاتفاق  صدر قانون جديد في ٢٨ نوفمبر سنة ١٩٠٤ يقضي بتنظيم الدين  العام وباستمرار صندوق الدين في عمله حتى ينتهي تسديد هذه  الديون، وأن لا تخفض ضرائب الأطيان إلى أقل من ٤ مليون  جنيه إلا بعد موافقة الدول، وحددت التواريخ لبدء استهلاك  هذه الديون

ولقد تمكنت الحكومة بعد ذلك من التخلص من بعض  ديونها فسددت دين الدائرة السنية حتى ١٥ أكتوبر سنة ١٩٠٥  وكذلك دين الدومين حتى أول يونيه سنة ١٩١٣

وقد شاع الاستقرار في المالية المصرية وانبعث الاطمئنان  إلى النفوس بعد التعديلات والإصلاحات المختلفة السابق ذكرها  إجمالاً وقامت الحكومة المصرية بعد ذلك بإصدار أذونات الخزانة  في سنة ١٩٣٣ بمبلغ ٣,٥ مليون جنيه مصري استهلكت على  دفعتين الأولى في سنة ١٩٣٨ والثانية في سنة ١٩٤٣، وكان  الغرض من إصدارها تخفيف الأزمة الاقتصادية العالمية التي سببت  هبوط أسعار المحاصيل الزراعية، ثم أصدرت بعد ذلك قرض  القطن الأول في سنة ١٩٤١ بفائدة ١/٢ ٤ % وبمبلغ  ١٧,٥ مليون  جنيه مصري طرح منها للاكتتاب عشرة ملايين استهلك منها  حتى الآن ستة ملايين، وأصدر بالباقي أذونات لمدة قصيرة. والثاني  في سنة ١٩٤٢ بفائدة ٤ % وبمبلغ ١٢ مليون جنيه مصري طرح  منها للاكتتاب مليونان من الجنيهات

هذا هو مجمل تطور الدين العام، ويضاف إليه ديون أخرى  صغيرة استهلك بعضها والبعض الآخر في دور الاستهلاك

على أنه يجدر بنا ذكر العمل الجليل الذي قامت به الحكومة  بإلغاء صندوق الدين في سنة ١٩٤٠ بعد مفاوضات مع الدول  ونقل كل اختصاصاته إلى الحكومة التي يتولى البنك الأهلي

- نيابة عنها - القيام بخدمة هذه الديون، وقد صدر بعد هذا  مرسومان ملكيان رقما ٦٨ و٧١ لسنة ١٩٤٠ بتنظيم الدين العام  على هذا الأساس الجديد

ويتضح مما تقدم أن الباقي من الدين العام هو: الدين  المضمون ٣ % وقيمته الاسمية ٩,٤٢٤,٠٠٠ جـ . ك وقسطه  السنوي ٣٠٧,١٢٥ج. م والباقي منه ٧٨٥,٤٠٠ جـ . ك والدين  الممتاز ١/٢ ٣  في المائة وقيمته الاسمية ٣١,٦٤٧,٠٠٠ج. ك وقسطه  السنوي ١,٠٤٥,٣٨٤ ج. م والباقي منه بعد الاستهلاك ٣٠ ٣٠,٦٣٣,٩٨٠ ج. ك؛ والدين الموحد ٤ في المائة وقيمته الاسمية ٦٠ ٦٠,٩٥٨,٢٤٠ ج. ك وقسطه السنوي ٢,١٥٤,٧٦٨ ج. م  والباقي منه بعد الاستهلاك ٥٥,٢٥٠,٤٦٠ ج. ك؛ وجملة  الباقي من هذه الديون الثلاثة ٨٦,٦٦٩,٨٤٠ ج. ك وأما القرضان  العثمانيان فجملة الباقي منهما معاً هو ٥,٣٥٧,١٨٠ج. ك

وقد تقرر منذ سنوات مضت أن تدفع الكوبونات  والسندات في هذه الديون بالعملة الورق الأسترلينية؛ وقد بلغت  قيمة ما تدفعه مصر سنوياً من فوائد لهذه الديون مع قسط  استهلاك الدين المضمون أكثر من أربعة ملايين من الجنيهات  المصرية. ولا ريب أن المشروع الجديد باستهلاك بعض هذه  الديون وتحويل البعض الآخر إلى دين داخلي أخف حملاً، عمل  جليل يرفع عن كاهل البلاد عبئاً ثقيلاً باهظاً من بعض ملايين  الجنيهات كما يرفع عنها ذكريات أليمة تردد صداها في تاريخ  مصر الحديث.

اشترك في نشرتنا البريدية