ولد فرنسوا ملنار (Francois Molnar) ببودابست (Budapest) سنة ١٨٧٨ واختص منذ اول كتاباته بدقة الملاحظة واتقاد الذكاء وارهاف الاحساس وغضاضة الشباب بحيث اصبح مبكرا من احسن روائي المجر واصبحت مسرحياته من احسن مسرحيات الادب المجري اتقانا وغوصا فى النفس الانسانية لا سيما في ميدان الطفولة وترجمت الى سائر اللغات ومثلت على اشهر مسارح اوروبا واميركا واشهر مؤلفاته : " الشيطان " (az ordog) ١٩٠٧ " أطفال شارع بال " (A Pal-uteai Fiuk) ١٩٠٧ - " الملازم " (A testor) ١٩١٠ - " الذئب " (A farkas) 1912 ب " الزنبقة " (Liliom) ١٩٠٩ - " كرنفال " (Farsang) - " سحاب ابيض " (Afeher felhs) ١٩١٧ - " لعب فى القصر " (Jatek a Kastelyban) واخذت هذه المحادثة من مؤلفه " أطفال " (Gyerekek)
الاشخاص : بيرو ( Pierrot) طفل في الخامسة من عمره جان ( Jean) طفل في السادسة من عمره
الزمان والمكان : أصيل من أصائل الشتاء بيررو بالفراش وجنتاة حمراوان - هو مصاب بالسل - لقد خرج منذ حين أبواه مع الطبيب الذي فحصه طويلا فحصا أتعبه - وهو الآن مستريح في استرخاء على مخاده ينظر الى رداء السقف - يسمع في الغرفة الاخرى همس محادثة مخلوقة فهو حديث الطبيب الذي لا يزال متواصلا ثم ينفتح الباب الآخر فيظهر رأس جان
- جان : يا بيرو - بيرو : هو انت يا جان ، فأدخل
- جان : ( بصوت خافت مقتربا من الفراش ) يا بيرو أتعرف ما قال الطبيب انه قال انك ستموت
- بيرو : أتقسم على ذلك - جان : اقسم لك بشرفي انه قال انك ستموت . اسمع يا يبرو أعطني بوقك النحاسي القابل للتفكيك
- بيرو : اما هذا فلا اقدر ان اعطيك اياه لكني اعطيك منغمتي (Harmoniea) - جان : ولم لا .. بينما سيكون الامر سواء لديك عند موتك - بيرو : لا .. لا اريد اعطاءك اياه لاني في حاجة اليه ... وما عدا ذاك فاني لن اموت - جان : ( وهو يبغي البوق ) لكن بما اني قلت لك ... ولقد فاه بذلك الطبيب وبكت أمك ...
- بيرو : بكت أمي ...؟ - جان : ما من شك في انها بكت وبكى أبوك ايضا والطبيب هو وحده الذي لم يبك ... أعطني البوق ... والحقيقة انك عثرت عليه عثورا انت ايضا ..
- بيرو : فهو لي كبقية اللعب ولو عثرت عليه ( ثم يواصل في هدوء ) قل لي يا جان ما معنى الموت - جان . ليس لي في الامر سوى تصورات مبهمة ( ثم في شىء من الكبرياء ) ان جدي قد مات السنة الماضية
- بيرو : قص على ذلك - جان : لكن ذلك يختلف عن أمرك لان جدي كان طاعنا في السن حتى انه لم يعد يقدر على المشي فكانوا يحملونه على كرسي له عجلتان يمكن فكهما
- بيرو : هل كان للكرسي سيقان - جان : نعم كان له سيقان وعجلات فاذا فكت العجلات بقي منتصبا على سيقانه
فترة استراحة
- بيرو : كرسي كهذا ... لا بد ان يكون مرتفع الثمن
- جان : ثم لازم جدي الفراش وكان يزوره كل يوم جمع من الاساتدة لكن امي هي وحدها التى بكت
- بيرو : وأبوك .. ألم يبك - جان : لا لم يبك ( ثم في ذكاء ) كان جدي ابا لامي فقط ... - بيرو : ثم لماذا
- حان : ثم مات اثناء الليل ونحن نائمون وكان بعربة المقبرة أربعة من الخيل لكن وضعوه في اول الامر في التابوت واشعلوا الشموع وكانت ستا لم أرقط مثلها طولا لكن النور كان مع ذلك غير كاف ولا ادري لماذا لم يشعلوا الغاز
- بيرو : انتم عندكم الغاز .. أما نحن فعندنا الكهرباء - جان : واتى حمالون بأكاليل فبكت امي يمناسية كل اكليل وناول ابي كل حمال نقودا
- بيرو : كم أعطاهم - جان : لا ادري قد يكون ثلاثين او اربعين ... ان ابي اثرى من ابيك - بيرو : ( وهو يقضم اظافره في حركة انفعالية ) لعنة الله على المدعي - جان : انك لتضحكني فكم يكون مال ابيك - فأبي رحالة تجاري voyageur) commerce ) مطالب دائما بالسفر - لربما ظننت ان السفر يكون مجانا ... اما ابوك فهو محام ملازم دائما للمنزل
فترة استراحة اخرى
- بيرو : ثم ماذا فعلوا بجدك - جان : وضعوه على العربة - بيرو : هل بكيت
- جان : أنا . . لم أبك ... امي هي التي بكت وكانت تقول لي كل حين : انظر يا جان انهم يحملون جدك العزيز جدك الطيب الى المقبرة لكن ابي جذبها ولم يدعها تواصل كلامها ... وكان بالباب جمهور من السائلين فناولني ابي انا ايضا نقودا اعطيتها اياهم
- بيرو : ووزعتها عليهم ؟ - جان : أجل أتظن انه يمكن الاحتفاظ بها - بيرو : ألم تحتفظ بشيء منها - جان : لم احتفظ بأي شيء ... ثم ركبنا عربة جلسنا فيها وسرنا ما بعد الزوال كله فالمقبرة قرب السكة الحديدية بعيدة جدا عن هذا المكان
- بيرو : هل ذهبت انت ايضا الى المقبرة - جان : من غير شك وكانت على الخيل أرياش عظيمة مغروسة في رؤوسها - بيرو : ( وقد جلس ) غير ممكن ان تكون مغروسة في رؤوسها ولو صح الامر لكانت الخيل قد قضت من اجل ذلك
- جان : فما هذا الهذيان يا أنت ... ألم يحدث لك أن رأيت جنازة وانها لكأرباش الخيالة لكنها سوداء وأطول منها وانها لمنتصبة انتصابا على رؤوسها - بيرو : مستحيل ، إنها لم تكن مغروسة
- جان : انها لمغروسة والدليل على ذلك ان الخيل كانت لا تنفك تحرك رؤوسها لانها كانت تؤلمها وعلى كل فانها لم تكن مغروسة تماما لكنها مغروسة قليلا ليتسنى لها ان تكون منتصبة
- بيرو : وجدك ما فعلوا به - جان : أخذت انظر الخيل و كان السائق مرتديا لباسا أسود - بيرو : ( في انتباه ) هل كان له سوط ايضا
- جان : من دون شك وكان طوله يتجاوز المسافة التى تفصل بيننا وبين الحائط لكنه لم يضرب به الخيل ولم أر أنا سوى انزال التابوت في القبر وإن حفر قبر العسير جدا لان القبر عميق عميق جدا . ثم هالوا عليه التراب
- بيرو : ثم ماذا حدث - جان : ثم نزل مطر غزير فاضطررت الى ركوب العربة ولم أر غير ذلك - بيرو : فابتل اذن جدك - جان : لا انه لم يبتل لانه كان في التابوت - بيرو : ومم يصنع التابوت - جان : من النحاس ... أعطني البوق
- بيرو : الآن عزمت الا اعطك اياه ابدا ولو لم تطلبه مني لاعطيته اياك - جان : وانا ايضا لن اطلبه منك - بيرو : مهما يكن الامر فلن اعطيك اياه ... ولقد قلت لك دعني وأمري . . وهل وزع جدك أثاثه قبل ان يموت
- جان : لا لكن عندما عدنا من المقبرة غمس العم " توتور " ساعة جدي الذهبية في جيبه ليحتفظ بها تذكارا منه اما خاتمه فقد ذهب به سيد وكان الاثنان قد قدما من كولوسفار (Kolozsvar) لحضور الجنازة .
- بيرو : ثم ماذا جرى - جان : لم يحدث شئ بعد ذلك فقد فتحوا النافذة وأحرقوا الكبريت في الغرفة التي كان جدي مضطجعا بها ولقد كانت الرائحة عنيفة خانقة
- بيرو : ثم ... - جان : اتظن ان الشئ دائم لا نهاية له ... ثم لا شئ - بيرو : وجدك - جان : مكث جدي هنالك وسيبقى أربعين عاما هنالك وان ذلك لكثير لكن موتى المقبرة الجديدة يمكنون أمواتا أربعين سنة
- بيرو : لماذا - جان : لا ادري فابي هو الذي قال انه يجب حمله الى المقبرة الجديدة وان المساكين يتركون بها اربعين سنة
- بيرو : وفي المقبرة القديمة - جان : اما في المقبرة القديمة فانهم يبعثون بعد زمن أقصر لكن والدي قال ان الدفن هنالك ارفع ثمنا بكثير
- بيرو : ان والدي لقادر على دفعه فلنا مال مستودع بالبنك - جان : اني لمبارح لان المكرر على وشك المجيء ويقف جان وسط وسط الغرفة وقد عدم الجرأة على طلب البوق فيترقب حينا وهو يلوح بنظره نحو الزاوية التي بها اللعب . ويبقى بيرو جالسا وقور الوجه ملتهب الوجنتين التهابا متزايدا لامع العينين لمعانا غريبا ثم يشرع في قضم اظافره وهو مستغرق في التفكير . - بيرو : ( بعد سكوت طويل ) اسمع يا جان اني ما زلت أظن ان الارياش لم تكن مغروسة في رؤوس الخيل .
