لا أجد هنا من يضع لى الزهر فى غرفتي، وأنا الذى أحب الزهر قريباً منى، أضمه إلى صدرى حنيناً، وأشمه لتسمو به روحى بعيداً، أحب العطر منه، وأحب العطف عليه. ليس غيرى إذن يضع الزهر لى فى غرفتى، بل أختاره بنفسى وأرعاه وحدى
واليوم اشتريت من الزهّارة الفتية الناضرة، باقة من ذلك الزهر الذى تحبه .... "روحى". لم تدر فتاة الزهر الجميلة لماذا سألتها السماح لى اليوم أن أنتقى بيدى أنا تلك الزهرات الحبيبة التى سأجعل منها وحدها دون غيرها، حديقتى فى هذا اليوم.
سكتت فتاتى الحسناء راضية، وتَنحَّت هادئة، ونظرت إلى فى سرور وابتسام وعجب!. ولِمَ تعجب؟ ومن عاشر الزهر لا يغضب.
لم ترنى الفتاة قبل اليوم ألمس أزهارها بيدى، إنما أشير إليها بالطرف وهو كليل فتفهم منى قصدى، وتجمع لى زهراتى المختارة، تنتقيها من بين أخواتها برشاقة فى حنو وعطف
تبتسم الفتاة بسمات اللطف والرقة، وكأنى بها تعلم سرى عن الزهرات وهى تجمعها فتحدثها بها جهراً تقول: ما أحلاك أيتها الوردة الحمراء، المملوءة عطراً وعطفاً وشوقاً وحرارة!.. وأنت أيتها الزهرة الفاتنة مثال الرشاقة والخفة والحلاوة!.. وأنت يا حبيبة الفؤاد! تعالى تعالى يا زهرة الحب والإخلاص والحنان! أما أنت فيا للفتوة ويا للحياة!. وما أسعد الفتى بالفتاة؟ وأنت ياربة الدلال والكمال. تقدمى! تقدمى! خذى مكانك هنا بين زميلاتك الرشيقات!.
هكذا كانت الزهرة تناجى وتنادى وتداعب هذه الزهرات النواعم، وهى تجمعها من هنا وهناك وتنسقها ثم تلفها فى حرزها لتحميها، ثم تلتفت فى رقة الفاتنات المائلات وتقول: تفضل يا حبيب الزهر فخذ زهراتك المحبوبات. وبودى لو أطلعت عليك معها، أو لو علمت سرها معك!!. ثم تعود مسرعة إلى زهرها
نعم أتيت اليوم بذلك الزهر الذى تحبه ... "روحى"، وهى لا تعلم أننى جئت به! ليس له اليوم شريك من زهرات أُخر هذا الزهر الذى تحبه (...) أشمه يوماً فى كل عام. فيحيينى طول العام!
وبعد .. فليس له عندى هنا زهرية تصونه وتماشه ولابد له من زهرية خاصة ترضيه وتحميه وتحييه ولكن هل أخشى هذه الزهرية ألا تحمل الى هذا الزهر يوما ما ؟.
أم هل أخشى هذا الزهر ألا يكون فى هذه الزهرية يوماً ما؟. أم أخشى يوماً تحمل إلى فيه هذه الزهرية زهراً غيره؟. نعم. قد يأتى هذا اليوم الذى أخشاه، وقد أرى بعيداً عنى هذا الزهر الذى تحبه "..." والذى أحب أنا أن أرعاه
ولكننى لا أخشى أن تكون الزهرية يوما عاطلة!
ألم تحمل لى هذا الزهر يوماً من الأيام؟ وهل هذا اليوم ينسى مع الأيام؟ أنى لأرجو أن تبقى الزهرية بعد اليوم عاطلة على الدوام، فهى عاطلة أحب إلي منها خالية بعد هذا اليوم الذى أخشاه ستظل كنفسى التى تحمل دوماً ذكريات كنَّ فى يوم من الأيام .... حقيقة موجودة. وواقعة مشهودة ...
المعادى
