وآلة تقطع الأيام سائرة
لا تبصر العين من تسيارها أثرا
أرى عقاربها اللاتي، تدور بها
عقاربا كل حين تلدغ العمرا
كأنها تبصر الأوقات راسمة
لها وما ملكت كفا ولا بصرا
تهاجم العمر دوما وهي ساكنة
والعمر يركض منها خائفا حذرا
نعدها من جماد وهي مدركة
من وقتنا ما اختفى عنا وما ظهرا
تطوى السنين وتجري وهي ثابتة
وتمنح الناس - لكن لم تفه - عبرا
فأن يكن أي سير فى المكان يرى
ففي الزمان مسير جاوز النظرا
ان صاغها من جمادات حجى بشر
فقد ترقت فأضحت ترشد البشرا
كأن دقاتها فى كل آونة
دقات قلب خفوق بالنوى صهرا
كأن فى جوفها قلاب الزمان غدا
يدق مستعجلا من نفسه ضجرا
يقطع الخفق منه كل آونة
جزءا فتحسبه بالخفق منتحرا
بالخفق نحيى وذاك الخفق ينقصنا
جزءا من العمر من أرواحنا أنبترا
كأن دقاتها فى السير حشرجة
للدهر يلفظها جزء قد أحتضرا
كأنما هى أنفاس يرددها
دهر تأوه أو ذو علة زفرا
كأن توقيعها المرنان وقع خطى
للدهر فى موكب نحو الفنا عبرا
يبغى الفرار من الساعات عقربها
خوفا على العمر ممن تتلف العمرا
لكن يعود اليها مكرها جزعا
كساكن قفصا أو موثق أسرا
ليت القلوب من الساعات قد وقفت
أو ليت عقربها الجرار قد كسرا
حتى تمر بنا الأوقات سانحة
ما أن نحس لها طولا ولا قصرا
وكي تمر بنا الأوقات عابرة
جسر الحياة وهذا البرزخ الخطرا
ما العمر إلا منام طال أم قصرا
فلا تقطع مناما فى الرقاد سرى
من يصح من نومه لم يلقى غير أسى
وفاز بالسعد من فى حلمه سكرا
دمشق
