الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 998الرجوع إلى "الرسالة"

الصحافة الأدبية في العراق،

Share

اتصل بي كثير من أدباء وشعراء البحرين والكويت  والقطيف وعدن بريديا طالبين مني إرسال بعض صحف العراق  الأدبية للإطلاع على الحركة الفكرية الحديثة، لأنهم يجهلون كل  شيء عن الأدب العراقي المعاصر، ولا يعرفون شيئا عن أدباء  وشعراء الشباب إلا القليل الذي لا يبل الصدى ولا يقنع الغلة،  فهم مثلا لا يستطيعون أن يرسموا خطوطا واضحة عن شاعر أو  أديب عراقي لأنهم لم يقرءوا له البتة، ومن كان ينشر منهم في صحف  

بغداد السيارة، فهم يعرفونه لأن صحف العراق لا تصل  أبداً؛ أما الذين ينشرون في صحف مصر ولبنان وسورية والمهجر  العربي في أمريكا فهم فئة قليلة جدا، تكاد تعد بأصابع اليد  الواحدة؛ وفي الوقت نفسه كتبت إليهم جميعا أعتذر عن تلك  المهمة لعدم وجود مجلة أدبية راقية تمثل الأدب العراقي المعاصر  خير تمثيل تستحق أن تكوم سفيرا بيننا وبين البلدان العربية  الأخرى، وكاد الأمر ينتهي عند هذا الحد لو لم يصل العراق هذا  الأسبوع بعض الأدباء المعروفين، منهم شاعر القطيف الأستاذ  محمد سعيد المسلم، والأستاذ عبد الله الطائي من البحرين. وفي  معرض الحديث عن الأدب العراقي عاب الطائي علينا خلو البلاد  من صحيفة أدبية راقية، وأيده الأستاذ المسلم، فأخبرتهما أنني  أحسست بهذا النقص قبلهما. لذلك منذ أكثر من عام قدمنا  طلبا إلى مديرية الدعاية العامة حول منحى الرخصة اللازمة لإصدار  مجلة أسبوعية أدبية باسم   (الخميلة)  لتكون منبرا حرا للآراء  وبعد إجراء المعاملات الرسمية من الشرطة وإكمالها حفظت المعاملة  لأن وزير الداخلية لم يوافق على ذلك في حين أنه وافق على إعطاء  الترخيص - الامتياز - اللازم لكل من هب ودب من  الأميين وأنصاف المثقفين. . فسكت على مضض، ثم قابلت  صديقي الأستاذ المجاهد سلمان الصفواني صاحب جريدة   (اليقظة)   الغراء وشكوت له معاملة الدعاية معي، فأجابني بالحرف الواحد:    (إنك يا أستاذ لست بأمي ولا بمشعوذ)  ثم لجأت إلى صديقي  سعادة الأستاذ محمد جواد الخطيب المحامي عضو البرلمان العراقي  وعضو اللجنة العليا في حزب الاتحاد الدستوري - الحزب  الحاكم في وزارة السعيد - فقال لي إنك شاعر معروف وأديب  لك مكانتك في البلاد العربية، ويكفي أن     (الرسالة)   تحمل كل  أسبوع نتاج قلمك إلى القراء، ولكن الحكومة لا توافق على  منحك الامتياز. قلت له: لماذا؟ في حين أن من أعطتهم  الإجازة اللازمة لا يعرفون حتى كتابة أسمائهم فسكت.

ثم رجعت مرة أخرى إلى موظف كبير في الدولة  قلت: يا سيدي إن الحكومة تحاربني في رزقي الذي يدر علي من  قلمي؛ فقال كيف؟ قلت: إن مدير الدعاية بأمر من وزير الداخلية  

منعني من إصدار مجلة أدبية، وهي كما تعلم دعاية للأدب العراقي  الذي يجب أن يعلن عنه، لأن الأمة التي لا أدب لها لا قيمة لها؛  قال: هذا أمر وزاري، قلت: ما رأيك في أنني نظمت شكواي  في قصيدة رفعتها إلى الأستاذ الجليل الزيات، وسأنشرها قريبا ومنها:

أأبا     (الرسالة)   والحديث كما ترى ... شجن ولولا أن يقان أعادا

لأسلت من شكواي جرحا داميا ... هيهات يلقي في العراق ضمادا

في أي مملكة يموت أديبها ... جوعاً وتختزن الكلاب الزادا

في أي مملكة يقيد شاعر ... ليعيث وغد في البلاد فسادا

ثم ختمتها بقولي له:

ما زلت في بغداد أحتمل الأذى ... حتى سئمت من الأذى بغدادا

قال ومتى ستنشرها كاملة؟ قلت: خلال هذا الشهر هذه قصة الصحافة الأدبية في العراق أسوقها شاهداً وأطلب  من كل قارئ التعليق عليها أولا، ثم أريد أن يفهم إخواني  الذين يعتبون عليّ لكوني أنشر في مصر ولا أحب النشر في  العراق، أنني لا أحب أن أقبر بين ظلال العبودية، وتحت أقدام  أذناب المستعمرين الجهلاء. فهل من سميع؟

بغداد

اشترك في نشرتنا البريدية