الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 956الرجوع إلى "الرسالة"

الصلاة وطرق التقدم الثلاثة

Share

إن الشرق في حاجة إلى موقظات روحية تدفعه إلى الانتباه  من غفوته التي أذهلته عن وجوده؛ فعاش في كنف المستعمر،  ورضى عن حياته المهينة، وقنع بالدون حتى آده الاستعمار،  وأذاه الاستعباد، وكادت أن تئده الذلة!

وليس أجمل من الاتجاه إلى الروح في إصلاح ما أشكل من  أمور الشرق حتى يعرف القوم مدى صلتهم بخالقهم، وهو المعز  المذل القوي المتين.

ولقد حمل إلى البريد من بغداد رسالة صغيرة في مرأى العين،  لكنها كبيرة قيمة في تبصر البصيرة، بعث بها مشكوراً  (السيد تصدق حسين القادري) ؛ فأثار انتباهي جمال وضعها،  ودقة تحريرها، ومتانة تركيزها؛ فهي تعرض الصلاة  - للعاصين - عرضاً جليلاً، فيه اجتذاب للقلوب النائية عن  المصلحة الروحية بينهم وبين الخالق، لأن ثمة بدعة عجيبة ابتدعها  المارقون في أن الاتصال القلبي ذو كفاء عن الصلاة بأقوالها

وأفعالها، حتى انصرف من أوتوا ظاهراً من العلم  وقد تبطنوا الجهالة، وساروا بطانة الشيطان!

ومن المفيد أن نعرض إلى ما جاء في هذه الرسالة، فقد  وردت في ثناياها قواعد في التربية الروحية يمكن أن تفيد أولئك  المتكبرين على خالقهم، فقد قال المؤلف: (إن الصلاة تعتبر  علاجاً شاملاً لكل شرور البشر) ويعلل هذا بقوله: (في  الصلاة كل الفضائل والوسائل لبلوغ الغاية العالية حيث تمضي  الأفعال والأقوال جنب جنب لمعاونة قوة الإيمان وللشعور بوجود  الله) . ويقول: (يستحيل تقدم الجماعة دون تقدم الفرد)  وهذه قاعدة سليمة في الحكم على الشعوب المرباة تربية بعيدة عن  التقليد، والاندفاع، وعدم احترام التقليد الأصيل في بناء الحياة،  و (إن الإسلام يهتم بتقدم الذات الإنسانية الحقيقية) .

ونرى المؤلف أن الخطوة الأولى في تقدم الإنسان الروحي  (هي التجرد من أي فعل رديء) وتزكية النفس لا تكون إلا  بإبعادها عن أدران الظلم، والقسوة، والكذب والمخادعة،  وجماع ما يطارد هذه الأدران في (القتال المقدس ضد الشيطان)  ويدفع الرقي الروحي إلى الذات العلية إحساس عميق في النفس  الآمنة المؤمنة الأمينة، هذا الإحساس الذي يشعر المرء بأنه كلما  زاد سجوده لربه زاد سمواً روحياً وخلقياً.

وفي الرسالة لمحات مشرقة رائعة على وجازة ألفاظها؛ فالمؤلف  يقول: (إن العظمة المادية شيء سهل، ولكن الرفعة الروحية  شيء شاق) ، وترمز نهاية الصلاة إلى النجاح الفردي (رب  اجعلني مقيم الصلاة) ، كما ترمز إلى رجاء النجاح الجماعي (اللهم  اغفر لي، ولوالدي، وللمؤمنين) .

ويعرض مولانا المؤلف إلى قوله تعالى: (إياك نعبد) ؛ ثم  يعرض لعبادة المسلمين الآلية، ويعرض بالسلوك المتنافي مع أخذ  العهد عند الوقوف بين يدي الخالق ويتساءل: (أيكفي أن  تؤدى الفريضة في كل يوم؛ ثم نستتبع بما لا يتفق مع أوامر الله  وناهيه؟) .

وبعد أن يحقق طرق التقدم الفردي، والجماعي، يتجه إلى

التقدم الثالث وهو (نشر الإسلام) ويرى أن التقدمين الأولين  لا ينفعان إذا لم يؤديا إلى العمل على إذاعة العقيدة الصحيحة في  مدلولها السليم.

هذه نظرة فيما جاء بتلك الرسالة الجديرة بالتقدير، ولا ننس  التنويه بهذا الشعور الطيب البادي من السيد تصدق القادري؛  فقد دل على تقديره لمعنى التبادل الثقافي بين أبناء العروبة التي  نرجو لها الحرية الكاملة في ظل الإسلام وتعاليمه القويمة!

بورسعيد

اشترك في نشرتنا البريدية