الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 316الرجوع إلى "الرسالة"

الطرق تحكم أوربا

Share

أصبحت الطرق تحتل المكان الأول من اهتمام الدول الأوربية لقد صار من المحتمل أن تقع حرب عالمية من أجل طريق تمتد بضعة أميال في بولندا

ويرجع ذلك الاهتمام العظيم بأمر الطرق إلى إدخال السيارات في أنظمة الجيوش والاعتماد عليها في الحروب . ومن المعروف عند رجال الحروب أن النجاح فيها موكول إلى سرعة الانتقال . فالجيش الذي لديه الوسائل لنقل الرجال والأسلحة قبل غيره معقود له النجاح، ومن هنا جاءت أهمية الطرق ، وصح القول بأن من يستولى على الطرق الحربية في أوربا هو الذى سيحكمها ولا محالة

وقد اشتد اهتمام ألمانيا في الأيام الأخيرة بتعزيز جبهتها بالطرق التي تحتاجها وقت الحروب، فتم منذ استولى هتلر على ذمامها مالا يقل عن أربعة آلاف ميل من الطرق المعبدة لسير السيارات ، وأصبح من السهل على ثلاثين ألف عربة من سيارات الانتقال ، ومليون رجل من رجال الحروب أن ينتقلوا إلى أقصى الجهات في جهة ألمانيا في وقت لا يزيد على أربعة وعشرين ساعة

وقد أصبحت برلين الآن محاطة بأنسجة من الطرق الحربية من كل الجهات وهذه الطرق توصل بين جبهتها وبين الطرق الهامة في أوربا ، فلا يكاد الإنسان يتأملها حتى يتساءل ، من أى هذه الأنسجة تقفز الرتيلاء ؟ !

والطريق من برلين إلى وارسو ( وموسكو ) هي الطريق المؤدية إلى سهول شمال أوربا الشاسعة . وهذه السهول منبسطة في أكثر الجهات ، وقد لا يزيد ارتفاع الجهات العالية بها على ٦٠٠ قدم ، وتمتد هذه الطريق من برلين إلى جبهة بولندا إلى

بروبرج إلى سهل الفستيولا، ثم إلى وارسو، وقد تؤدى إلى موسكو

وقد عبر نابليون سنة ۱۸۱۲ هذه السهول ، فاحتل وارسو وخط الفستيولا ثم تقدم منها إلى عاصمة روسيا . ومن هنا يتبين أهمية الطريق التي تطلبها ألمانيا إلى دانزج وشمال بروسيا داخل حدود بولونيا . فدانزج وشمال بروسيا ما زالا كما كانا بالأمس المركز الممتاز الذى تتطلع إليه الأنظار لاقتحام وارسو وشرق بولندا . وكل ما تطلبه ألمانيا أن تضع يدها عليه – لا من أجل الطريق الذى تزعمه - ولكن لتصوب منه الضربة القاضية !

اشترك في نشرتنا البريدية