يرى المقبل على دار الأوبرا رقعة عريضة طويلة مكتوباً عليها بخط يقرؤه الأعشي من بعد أمتار «طبيب المعجزات» ويقرأ الناس في الاعلانات الملصقة على جدران الأوبرا وفى الشوارع وعلى مدخل غرفة بيع التذاكر ما يفيد أن هذه الرواية تمثل ابتداء من ٩ لغاية ١٣ من الشهر الحالي
أخذت تذكرني على هذا الاعتبار وجلست في مكاني أنتظر مشاهدة تمثيل رواية طبيب المعجزات - درة الموسم - حائزة الجائزة في المباراة
رفع الستار وإذا بالممثلين يمثلون رواية «شمشون» . دهشت لهذه الصدمة الباردة ، ثم عدت فافترضت أيسر الفروض المبررة لهذه الفعلة وأبعدها عن التعسف ، افترضت مرض ممثلين ها بطلا الرواية وقلت : هل يعيق الفرقة عرض ممثلين اثنين عن تمثيل رواية ملأت الاعلانات منها للشوارع والمنازل ومركبات الترام وصحف القاهرة وسألت : أبن الممثلون الاحتياطيون للطوارى ؟
قيل لي إن علاماً الممثل مريض فعلاً، فقلت: أما كان الأخلق يمدير الفرقة الفنى أن يمثل رواية من روايات الموسم، أى يقدم رواية متأخرة بدلاً من تمثيل هذه الروايه الى من زلفها الفاضل جميع
ألفاظ السباب والشتم المعروفة لغة وعرفاً وحشر هاني هذه الرواية الفاضلة ؟ يقول شمشون الخليلته دليلة : « إلى أفرغ فيك شهوتى كأني أفرغها في جميع بنات قومك » ، ويقول مصراييم لكهنة اليهود: ( تتوهم دليلة أنى نمى في حين أني .. أمرت . . " بها ؟ ولقد سمعنا مئات من كلمات الفحش والفاسقة والمومس ، والوحش والشهواني وما إليها من ألفاظ تتناثر من أحاديث شمشون ودليلة . ولعل أغرب من كل ما حوته هذه الرواية الفاضلة من تعايير لا أسمح لقلمى بتدوينها هي أن يجر شمشون خليلته دليلة إلى خبائها فتسمع من وراء الستار زمجرة الشهوة شهوة شمشون، وأنين اللذة أو الألم تدة دليلة، ثم تخرج هي شمثاء الشعر وهو محلول الازار . وهذا يصح أن نسأل حضرات الشيوخ الأفاضل أعضاء لجنة القراءة هل نظروا ( التوحي الفنية والخلقية والاجتماعية واللغوية » في هذه الرواية الفاضلة ؟
أرى الحديث يجذبني للسؤال ( عن المدير الفني ) وذلك بمناسية الحديث الممتع الذى أفضي به حضرة مدير الفرقة إلى محرر مجلة الصباح بمناسبة استقالة سكرتير الفرقة والاستعاضة عنه بالقائم بأعماله الآن ما نصه : « كان ودى أن تحقق أمنيتي ، أن أخلق من الفرقة ومن بين أفرادها مديراً فنياً يتولى جميع أعمالنا الفنية ويدير شؤونها من هذه الناحية وتكون له السلطة النافذة .. إلى آخره » فهل تحققت أمنيته ياترى في إيجاد « السكرتير » الحالي القائم فعلا بالادارة الفنية وغير الفنية، فارتأى هذا بثاقب فنه إرجاء تمثيل رواية طبيب المعجزات لأن بطلها الممثل علام مريض والاستعاضة عنها بتمثيل رواية ( شمشون ، ثم روايتي فتياتنا سنة ۱۹۳۷ ومجنون ليلي وبطلهما. الممثل علام المريض : أم أن هناك
باعثاً فنياً قاهرا أوجب تأجيل عرض رواية طبيب المعجزات استين و لأغراض فنية ، أو أن هنالك أسباباً غير ما ذكرنا يجهلها مدير الفرقة غير الفنى ويتحدث بها الأدباء والممثلون في مجالهم ؟
السكرتير الحالى رجل فاضل يضرع رواية شمشون بالفن والفضل ، ودليل ذلك أنه كان قبل أن يرقى إلى (مقامه) الحاني ، يشرف على نشر الاعلانات وإلصاقها في الشوارع ، وهو هو صاحب الاعلان المشهور عن رواية « الفاكهة المحرمة » فقد طبعه وحده - على ما تقل إلى - وورعه وألصقه على الجدران ولم ينتبه للغلطة العربية الفاضحة ( تأليف الأستاذان » إلا بعد أن ضبح الناس وهرعوا إلى التلفون ينيهون مدير الفرقة إلى هذه الخلطة الثانية
ما كنت أقصد ذكر هذه الحادثة الفردية التي تدل على مدى فضل ( السكرتير الفني ) الذى اصطفاه مدير الفرقة لولا اتصالها بلب موضوعى وهو الفوضى المطلقة في الجهل المطلق للفن المسرحى شرف مدير الفرقة غلطة من اختاره ليكون خير خلف لخير سلف فهل غضب لها ؟
كلا لم يغضب ، بل أصر - أدام الله دولته – بطبع الاعلان صحيحاً من الغلط وأن يلصق فوق الاعلان الأول ليستر فضيحة الجهل بأبسط قواعد اللغة
ولم الغضب، وأجرة استعادة طبع الاعلان وتوزيعه وإلصاقه لا تقلل كثيراً ولا قليلا من مبالغ الخمسة عشر ألفا من الجنبهات المنتزعة من الأمة ، المرصدة على ( تكية » التمثيل وإعاشة المرتزقة. إن أجرة الاعلان المغلوط لا تساوى - تمن رواية واحدة من الروايات التي فرضتها الجنة القراءة على مدير الفرقة كا يقول هو ، أو التي قبلها هو ودفع ثمنها ليدفنها في أدراج مكتبه
أعرف عشرات من هذه الروايات المدفونة، أذكر منها الأجنبية المسربها جورج سمان، والصدر الأعظم المصنفها شوكت التوني المحامى ووحيد لمؤلفها حسين عفيف المحامى وغيرها محمود " ! المحامي صاحب مجلة الجامعة وسواه من انداده . فما قيمة أجرة إعلان
ضاعت سدى إزاء أنمان هذه الروايات التي لا تقل أدناها عن خين جنها ؟
لست أحاول النيل من أدب الأدباء الذين أهملت رواياتهم ولا القول البات بأن مدير الفرقة دفن هذه الروايات وقنا أبدياً ، بل أشعر بالواجب الأدبى يدعوني إلى السؤال عن معنى الرجوع إلى الروايات القديمة وعند مدير الفرقة عشرات من الروايات التي لم تمثل بعد . فهل في ذلك سر غير مر الوحى الذى يطيب للمدير أن يتلقاه من موح جديد يرتاح إليه كما يرتاح الشعراء إلى وحى شيطانهم ؟
هل لاحظت لجنة التحقيق بوزارة المعارف هذا الضرب من الاسراف والتبذير ، أو الاعانة الفردية على حساب الأمة ؟ هل فكرت فى حصر المبالغ التي دفعتها الفرقة ثمنا للروايات فعرفت ما مثل وما دفن منها !
