الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 139الرجوع إلى "الثقافة"

المرأة

Share

في حديث إلى إحدى الصحف الانجليزية أفضى الشاعر الخالد الدكتور رابندرانات طاغور بآرائه فى المراة وعلاقتها بالرجل ورسالتها فى الحياة ، وهى آراء فلسفية قيمة رأينا أن ننقلها إلى قراء الثقافة الغراء .

قال طاغور : إن المرأة ليست منافسة للرجل بطبيعتها بل هى متممة له ، فلا يفيدها إذا أن تخرج إلى ميادين الأعمال لمزاحمة الرجل على اكتساب ما يقوم بأودها ، فإن تلك المزاحمة ليست من متممات الجمال . إن للمرأة فى هذا العالم مهمة مختلف عن مهمة الرجل ، فهى معينة له ، وليست منافسة . ولو أن مهمة المرأة كانت كمهمة الرجل لكان العالم فراغا مملا ، ولاستولى الضجر والسآمة على الانسان .

فى عالم الروحانيات يتلقى الرجل الوحى من المرأة - سواء أ كان فى حالة وجدان تام أم وجدان غير تام - وذلك الوحى يفتح له منافذا الروح فتتدفق منها العواطف والمشاعر . والواقع أن المرأة لازمة للرجل كل اللزوم ، فهو لاغنى له عنها على الاطلاق ، لأنها هى الموحية إلى روحه ، المستفزة لعواطفه ، الباعثة على نشاطه ، بل هى التى تولد فى نفسه كل شعور وإحساس . وإذا كان أثرها لا يظهر فى أعماله دائما ،

فلأنها تعمل من وراء الستار ، حيث لا تقع عليها الأبصار . وليس للرجل غنية عن الحرية بأوسع حدودها ، فهو

ينشدها على الدوام ؛ وهو أحوج إليها من المرأة ، كما أن المرأة أحوج منه إلى ما يشبع عواطفها ، ذلك لأن المرأة - أو قل الأنوثة - لا تكمل إلا بالحب والعواطف .

ومن صفات الرجل الغريزية أنه يطلب اللانهاية فى كل شئ , ولكن الطبيعة تجاهلته ، وولت وجهها شطر المرأة ، فأظهرت لها من العناية ما لم تظهره للرجل ؛ فما كان من الرجل إلا أن تحدى الطبيعة ، وأخذ يسعى للتغلب عليها فى كل مكان ، ثم للتغلب على عواطفه أيضا ؛ ولقد نجح فى ذلك إلى حد كبير ، فأصبح أقدر على التحكم فى عواطفه من المرأة .

إن الرجل أشبه بشجرة تحتاج جذورها إلى مجال واسع ، وتحتاج هى إلى الماء والهواء ، فإذا استؤصلت جذورها يبست وماتت . وأما المرأة فأشبه شئ بنبات معرش ، يزحف على الأرض ويمتد إلى أن يلتقى بشجرة فيحتضنها ويلتف حولها ، ولا يورق ويزهر إلا وهو محتضن تلك الشجرة .

فإذا حاول الرجل أن يكون هو ذلك النبات المعرش ، والمراة هى الشجرة التى يحتضنها ، فإنه بذلك يخالف الطبيعة . وهذا هو السبب فى أن الكثيرين من الرجال يضيعون حياتهم سدى فى هذا العالم ، وينطفئون كما ينطفئ السراج فى حلكة الظلام .                             شوقى رياض غبربال

اشترك في نشرتنا البريدية