في حديث إلى إحدى الصحف الانجليزية أفضى الشاعر الخالد الدكتور رابندرانات طاغور بآرائه فى المراة وعلاقتها بالرجل ورسالتها فى الحياة ، وهى آراء فلسفية قيمة رأينا أن ننقلها إلى قراء الثقافة الغراء .
قال طاغور : إن المرأة ليست منافسة للرجل بطبيعتها بل هى متممة له ، فلا يفيدها إذا أن تخرج إلى ميادين الأعمال لمزاحمة الرجل على اكتساب ما يقوم بأودها ، فإن تلك المزاحمة ليست من متممات الجمال . إن للمرأة فى هذا العالم مهمة مختلف عن مهمة الرجل ، فهى معينة له ، وليست منافسة . ولو أن مهمة المرأة كانت كمهمة الرجل لكان العالم فراغا مملا ، ولاستولى الضجر والسآمة على الانسان .
فى عالم الروحانيات يتلقى الرجل الوحى من المرأة - سواء أ كان فى حالة وجدان تام أم وجدان غير تام - وذلك الوحى يفتح له منافذا الروح فتتدفق منها العواطف والمشاعر . والواقع أن المرأة لازمة للرجل كل اللزوم ، فهو لاغنى له عنها على الاطلاق ، لأنها هى الموحية إلى روحه ، المستفزة لعواطفه ، الباعثة على نشاطه ، بل هى التى تولد فى نفسه كل شعور وإحساس . وإذا كان أثرها لا يظهر فى أعماله دائما ،
فلأنها تعمل من وراء الستار ، حيث لا تقع عليها الأبصار . وليس للرجل غنية عن الحرية بأوسع حدودها ، فهو
ينشدها على الدوام ؛ وهو أحوج إليها من المرأة ، كما أن المرأة أحوج منه إلى ما يشبع عواطفها ، ذلك لأن المرأة - أو قل الأنوثة - لا تكمل إلا بالحب والعواطف .
ومن صفات الرجل الغريزية أنه يطلب اللانهاية فى كل شئ , ولكن الطبيعة تجاهلته ، وولت وجهها شطر المرأة ، فأظهرت لها من العناية ما لم تظهره للرجل ؛ فما كان من الرجل إلا أن تحدى الطبيعة ، وأخذ يسعى للتغلب عليها فى كل مكان ، ثم للتغلب على عواطفه أيضا ؛ ولقد نجح فى ذلك إلى حد كبير ، فأصبح أقدر على التحكم فى عواطفه من المرأة .
إن الرجل أشبه بشجرة تحتاج جذورها إلى مجال واسع ، وتحتاج هى إلى الماء والهواء ، فإذا استؤصلت جذورها يبست وماتت . وأما المرأة فأشبه شئ بنبات معرش ، يزحف على الأرض ويمتد إلى أن يلتقى بشجرة فيحتضنها ويلتف حولها ، ولا يورق ويزهر إلا وهو محتضن تلك الشجرة .
فإذا حاول الرجل أن يكون هو ذلك النبات المعرش ، والمراة هى الشجرة التى يحتضنها ، فإنه بذلك يخالف الطبيعة . وهذا هو السبب فى أن الكثيرين من الرجال يضيعون حياتهم سدى فى هذا العالم ، وينطفئون كما ينطفئ السراج فى حلكة الظلام . شوقى رياض غبربال
