لقد علمت إيران العالم كيف يغني وكيف يترنم، ولإدراك هذه الحقيقة نقدم إليك النبذة التالية التي نشرتها جريدة (القبس) الدمشقية: (تعتبر إيران بحق سيدة الموسيقى الكلاسيكية الشرقية، ذلك أنها عرفت قبل الإسلام بزمن طويل نهضة موسيقية وصلت إلى أوجها في القرن السابع على عهدي الملك كسرى أبرويز، فقد كان هذا الملك نفسه موسيقياً، لهذا لم يأل جهداً في إنهاض فنه المحبوب، فوضع بواسطة الموسيقى الإيراني الشهير الشيرازي ومساعده الأرمني سركيس هوروم أوزان ونظريات الموسيقا الإيرانية).
(وعندما احتل العرب بلاد الفرس، لم تكن الموسيقى عندهم فناً يستحق توجيه الجهد إليه، لأنهم انصرفوا إلى توسيع رقعة لغتهم وشعرهم، ومع هذا فقد استعاروا من الإيرانيين طرقهم الموسيقية، وألحانهم، وآلاتهم، ونشروا هذا في بلادهم وفي
البلاد التي احتلوها بآسيا الوسطى وبمصر وشمالي إفريقية، حتى في أسبانيا حيث وصل العرب بالموسيقى إلى نقطة تحول في تاريخ الفنون الجميلة في العالم، وكان للموسيقى الإيرانية تأثير كبير في هذا التحول. واليوم - وبعد قرون عديدة - ما زالت هنالك نواح في الأغاني الشعبية الأندلسية تنطبع فيها صور إيران وما زال في أسبانيا الحديثة مؤلفون موسيقيون ينحون في مقطوعاتهم وألحانهم منحى العرب).
(ولم يقتصر تأثير الموسيقى الإيرانية على العرب وحدهم، بل أثرت كذلك في الأتراك وفي الأرمن وفي الروس إذ يتجلى مدى هذا التأثير في ألحن بورودين وموسورغسكي وريمسكي كورسا كوف). (هذه الخطوط الرئيسية للموسيقى الإيرانية، إلا أن كثرة الغزوات التي اجتاحت البلاد الإيرانية كان لها تأثير كبير في تدهور الفن الموسيقي الإيراني والزج به في مهواة الابتذال وتتابع الأنغام الرديئة). . .
طريقة جديدة في معالجة السعال الديكي
كانت معالجة السعال الديكي بالبقاء بضع ساعات على ارتفاع يتراوح بين ٢٥٠٠ و ٣٥٠٠ متر متبعة قبل الحرب. ولكن هذه الطريقة لم يكن يستطيع بها إلا بعض من أسعدهم الحظ من أصحاب الطائرات وأعضاء أندية الطيران والتابعين لسلاح الطيران الحربي.
وقد اكتشف هذه الطريقة سنة ١٩٢٧ في (ستراسبورج) إثر انتشار السعال الديكي في شكل وباء، ففكر أحد الطيارين من السرب الثاني في قوة المطاردة بسلاح الطيران في أخذ ابنه الذي كان مصابا بهذا المرض بدرجة خطرة في طائرته لعلمه أن تتغير الهواء سيخفف عنه فقضى ساعة في التحليق على ارتفاع ثلاثة آلاف متر فلم يمض على ذلك ثلاثة أيام حتى شفى الطفل شفاء تاما. واهتم السويسريون بهذه الطريقة اهتماما كبيرا وأطلقوا عليها سام (طريقة ستراسبورج) غير أنه لو حظ في أثناء تجربته هذه أن بعض المصابين
بالسعال الديكي يشفون بعد ٢٤ ساعة. والبعض الآخر كان يحدث عنده تحس ملموس وخاصة في حدة السعال. وأخيراً هناك فريق ثالث يقدر بنصف الذين يعالجون بهذه الطريقة لم يكن يحدث لهم أي تغيير في الحالة.
وشرع الأطباء بعد ذلك في دراسة هذه الطريقة على وجه أتم وتنظيم استعمالها. وكان من التجارب التي أجريت أن طياراً من (ميتز) اسمه (شوفان) نجح في شفاء حوالي مائة طفل في شتاء سنة ١٩٣٨ - ١٩٣٩ فكان من أوائل الذين استطاعوا الوصول إلى استنتاجات من ملاحظاتهم وتقرير طريقة عملية. فكان يصعد بالأطفال إلى ارتفاعات تتراوح بين ١٥٠٠ و ٣٥٠٠ متر وفاقا لأعمارهم.
وكان يصعد وينزل ببطء منعاً لإصابة الأطفال بأمراض الأذن التي تفسد فعل هذه الطريقة في العلاج. ولما كان النوم يغلب على الأطفال عندما يصلون إلى أقصى حد من الارتفاع فإنه كان يغطيهم لدرجة التدفئة. وعدا هذا فإنه كان يأمرهم بالغناء ليكون تنفسهم من الفم.
وفي سنة ١٩٤٥ أنشئ (مركز البيولوجيا) في مدينة الطيران. وعهد إليه بدراسة هذه الطريقة تحت إشراف الطبيين (روبير بالدي) و (ماكس ريشو) . فأجريت عدة تجارب في الطائرات وانهالت الطلبات من عائلات الأطفال المصابين بالسعال الديكي. فخصصت وزارة الطيران إحدى طائراتها لهذا وهي الطائرة التي كان يستقلها (جورنج) وزير الطيران في الحكومة النازية وهي من طراز (يونكر ٥٢) . وقد اختارت الوزارة هذه الطائرة لأنها بطيئة في سيرها فسيحة في فراغها ومريحة جداً في ركوبها. ولكن العلاج بطريقة (ستراسبورج) كان يكلف نفقات باهظة بالنظر لقلة البنزين وارتفاع ثمنه واستخدام طيارين أخصائيين.
لذلك أنشأ هذا المركز في داره (صندوق التنفس الصناعي) فلوحظ أن هذه الآلة يمكن أن تحدث من التأثير على الأرض ما يحدث للمريض وهو مرتفع في الجو بالطائرة. ومن ذلك العهد أوجد الدكتور (ريشون) نطاقاً لمعالجة السعال الديكي. وقد استمر العمل بهذه الطريقة في معالجة الأطفال المصابين بالسعال الديكي تحت إشراف الأطباء الأخصائيين وملاحظاتهم.
