يدخل النبات ضمن الكائنات الحية التي لها صفات الحياة ، إلا أن هذه الصفات قد لا تظهر بشكلها المألوف فلا يحس بحيوبتها ، ولكن من السهل الميسور أن نلمس حياة نبات في اصيص ، حيث تراه بعد قطعه قد جف ومات ، مما يدل على أن النبات وقت أن كان بالأصيص كانت له دورة حياة تمثل في جميع خلاياه ، حتى البذور التي تتداولها الأيدي هي أيضا أجسام حية ، إلا أن الحياة فيها كامنة ؛ ولقد ثبت أن لبعض البذور قدرة علي الاحتفاظ بحيويتها لمدد تتراوح بين السنين والسبعين سنة . ولما كان من شروط الحياة التي وضعها علماء ( علم الحياة ) أن يعرف الكائن مصلحة نفسه ، فإنا نجد أن النباتات قد تسلحت بأسلحة تحميها من الطواري ، كما أن لبعضها تحورات تقيها فعل الطبيعة وتهيئ لها سبل العيش والتغذية . فالأشواك التي تنمو حول الورد ، ما هي إلا أسلحة للمحافظة على الوردة نفسها ، لأن بها الأعضاء التي تضمن تسلسل النبات ، وكذلك الثمار التي نأكلها مثل التفاح أو البرتقال ليست في الواقع إلا أوعية يكونها النبات ليحفظ فيها بذوره من عبث الطبيعة ، وليخزن فيها ما يكفيه وبذوره من غذاء .
ومن المعروف أن النبات يحتوي على ماء وعصارة ومواد معدنية ، فهو كوعاء مكشوف به ماء ومعرض لفعل الشمس ، لذلك نري ان هناك تبخرا في الماء المستقر في النبات ، وهذا التبخر ( النتح ) مفيد ، بل من ضروريات الحياة للنبات ، ولكن يجب ان يكون هذا النتح إلي حد محدود ، فإذا زاد مقداره كانت النتيجة ذبول النبات ؛ ففي الصحاري ومناطق الاستواء حيث الجو جاف
والشمس محرقة ، نري ان النبات يحور اوراقه إلي اشواك لنقل المساحة المعرضة للشمس فيقل التبخر ، كما ان بشرة النبات ، أو المنطقة الخارجية مجهزة بأجهزة صغيرة تسعى بالثغور ، وهذه الثغور هي الطريق الوحيد الذي يخرج منه الماء فنري ان للنبات قوة علي التحكم في إغلاق وفتح هذه الثغور . وهناك نباتات اخري تفرز زيوتا طيارة تنتشر في الجو الموجود فيه النبات ، أو تحرك اوراقها فتنكسر اشعة الشمس ولا تقع عمودية على النبات مثل " الشيخ وحصي اللبان واللبلاب والكافور "
وبعض النباتات تحب وفرة الضوء ، فغراها تتسلق بواسطة اشواك كالورد المتسلق او بمحاليق أو جذور تسلق كالعنب والبسلة وحبل المساكين ، أو طبيعيا كالياسممين واللبلاب ، وذلك حتى تحصل على ما تحتاجه من ضوء وافر
ويتغذي النبات طبيعيا بإمتصاص الماء وبعض الأملاح من التربة ، وبامتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون من الجو ؛ ثم بإتحاده مع الماء والأملاح بواسطة اشعة الشمس المباشرة يتكون مركبات تزيد في وزن النبات ، إلا أن هناك بعض النباتات تشذ عن هذه القاعدة ، حيث ان تركيبها لا يسمح لها بالتغذية علي أساس هذه الطريقة ، فنراها قد تحورت إلي حيث تتمكن من مقاومة الطبيعة ، فبعض النباتات تتطفل علي نباتات اخري ، فتنمو علي عوائلها ، وترسل مماصات في داخل أنسجتها لتمتص عصارتها وتتغذي على ما جهزته من غذاء ، كنبات الهالوك الذي يتطفل على الفول والبسلة ، والصماء الذي يصيب القصب ، والحامول الذي يتطفل على البرسيم .
وهناك نوع من التغذية من الغرابه بمكان ، إذ نري إلى بعض النباتات قد خصها الله بتراكيب شاذة غريبة لتمكنها من التغذية على الحشرات ، فمثلا نبات (الدورويزيرا) نري ان ورقه متحور إلي شكل قرص على سطحه العلوي شعيرات رفيعة قائمة تنتهي بمادة لزجة ، فيفرز هذا النبات عصارة رحيقية لها رائحة خاصة تجذب الحشرات ، فعند
اقترابها تنحني عليها هذه الشعيرات وتفرز مادة لزجة لتتم صيدها ، ثم يتغدي النبات على عصارتها . وهناك نبات آخر يسمي ( الدبونيا) وورقته لها شكل مصراعين كمصراعي (أم الخلول ) ، ولكل مصراع ثلاثة أشواك قوية ، فيفتح الصراعان ويفرز النبات سائلا لجذب الحشرات ، فمتي وقعت الحشرة أغلق المصراعان ودخلت الأشواك السته في جسمها فتموت ويتغذي بها النبات . وهناك نباتات لأوراقها شكل الجرة ( الزلعة ) تقع فيها الحشرات مثل (الدراسينا ) .
وهناك بعض طرائف عن النبات لم أجد بأسا من ذكرها ، فمثلا يحتوي النبات على ٩٠ % من وزنه ماء والباقي عبارة عن مواد معدنية تربو على العشرين ومنها الحديد
وعفن الخبز الذي نراه على الخبز القديم هو عبارة عن نبات اسمه ( يزوببس نجركائز ) ، وهناك نبات اسمه
( القارض ) له شعيرات حادة ، وهذه الشعيرات إذا دخلت في جسم الإنسان سببت موته .
ويوجد في الهند شجرة نخيل تنحني إذا ما اشرقت الشمس ، وتأخذ في الانحناء حتى تتمدد على الأرض بطولها عند الظهر ، ثم تأخذ في النهوض حتي الغروب . وقد سافر بعض العلماء لدراسة تلك الشجرة .
ويوجد في شمالي أوربا نبات يسمي ( الدابوق) وهو نبات مقدس له احترام خاص ، لاسيما في اعيادهم ، فإذا ضرب شخص بهذا النبات سيدة او فتاة ، جاز له ان يقبلها .
وفي أمريكا قد أجروا تجربة في فرن كهربائي مخصوص امكنهم بها زرع بذور القمح ، وبعد خمس دقائق من وضع البذور في الأصيص نما النبات وظهر على وجه الأرض ، وهذا ما يشغل بال الزراعيين الآن وتفكيرهم .
