الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 683الرجوع إلى "الثقافة"

النشاط الثقافي في أسبوع, الإصلاج الاجتماعي, الأساليب الحديثة فى تعليم الفن :

Share

يذهب الكثيرون - ومنهم الدكتور شكرى المراغى - إلي أنه ليس هناك إصلاح غير مقترن بثورة . حقا أن الثورة هدم والإصلاح بناء ، ولكن الثورة الاجتماعية لا يكون هدفها مطلقا الهدم فحسب ، وإنما هي تهدف - من وراء ذلك - إلي البناء الأحسن . فالإصلاح دعوة ارتقائية مستقبلية . وعندما تقرر في ميثاق هيئة الأمم المتحدة العمل علي رفع الأمم المحتاجة إلى الرقى ، كان ذلك استلهاما للمبادئ الإنسانية ، مبادئ الحرية والأخاء والمساواة . وإذا كانت بعض الأمم فى سبيل تحقيق هذه المبادىء لأفرادها فإنها ستصطدم بعقبات كثيرة ، يقتضيها التخلص منها هدما لتقديم - وهذا من معانى الثورة - وبناء للحديث ، وهو ثمرة الإصلاح ,

وفي مصر حركة إصلاح اجتماعي ليست بنت اليوم ، ولم نقم بقيام لجنة الدراسات العليا للخدمة الاجتماعية سنة ١٩٣٧ . الى إن التتبع للتاريخ يجد أن قيامها كان مقترنا بثورة سنة ١٩١٩ ؛ فكما نادي سعد زغلول بتحرير الوطن سياسيا فقد نادى طلعت حرب بالتحرير الاقتصادي . وربما كان الهدف من هذا وذاك هو الرقي الاجتماعى ، وهو التحرر من الفقر والجوع . والمرض والحرمان .ثم أعقب ذلك حركات أخرى ، وبدأت الثورة الصناعية المصرية بمؤسسة شركة بنك مصر ، وأعقب ذلك تعديل التعريفة الجمركية بصور تحمى الإنتاج المحلي . وكل هذه القدمات قد اقترنت بوعى جديد وصيحة جديدة تباورت في لجنة الدراسات العليا للخدمة الاجتماعية ، التى افتتحت مدرسة الخدمة الاجتماعية القائمة الآن فى اكتوبر سنة ١٩٣٧ . وهذه المدرسة بمثابة عمود من الأعمدة الفقرية للإصلاح الاجتماعي .

ونحن نعرف أن هناك وزارة ، هي وزارة الشئون الاجتماعية ، من عملها السهر على رعاية هذا التقدم والرقي الاجتماعى ، والعمل على تحقيقه بكل الوسائل . والحق أن

المشاريع الإسلامية من جانب الحكومة لا تعدو أن تكون سرا على ورق ؛ لأن المشروع لا يستمد قوته من الموظف بما هو موظف فحسب ، وإنما باعتباره نفسه خدما الإنسانية . فالرجع إلي الروح التي يعمل بها القائمون بحركة الإصلاح لتحق هذا الإصلاح .

ولكى نستطيع السير ىي حركة الإصلاح لا بد من ثلاثة عناصر أساسية : المال والرجال والزمن . وإذا كان المال متوفرا للحكومة فإنه يعوزها الرجال . أولئك الذين يساون في هذا اليدان عن عقيدة ثابتة وإيمان عميقي بمبادئ الإنسانية ووجوب تحققها . وتستطيع بعض المنظات والجمعيات ان تكفى الحكومة هذا الجانب ، فتعدها بالرجال من جهة ، كما تحمل على إيقاظ الوعى فى نفوس الأفراد ، فيستعدون لقبول كل إصلاح ، وفي ذلك تفسير لعنصر الزمن . حقا أن أمراض مصر مزمنة ، ومن التجي تثبط هم القائمين بالأمر ، فما زال مجتمعنا يحتاج إلى سنين طويلة لنقبل فكرة الإصلاح .

قامت في أوائل القرن العشرين حركة تنادى بالفردية فى التعليم ، أى اعتبار الشخصية من حيث مكونانها ونواحيها المختلفة ، ومعاملتها بالطريقة التي تنميها ، وقد تمثلث هذه المحاولة في البلاد الديمقراطية فثام التعليم فيها على أساس تربية الفرد ، وإيمانا منهم بأن لكل فرد رسالة ، وأنه من الواجب إتاحة الفرص وتكافؤها أمام كل فرد ، وكذلك كان التعليم إجباريا حتى سن السادسة عشرة واتجان .

وقد مررنا في مصر بمراحل مختلفة ، فاختلفت نظرتنا إلى أساليب التعليم فى كل حالة . ونحن الآن تتطور بالمناهج حسب الأساليب الحديثة .

وقد حاولت السيدة عزيزة عزب فى محاضرتها التي ألقتها بالمعهد العالي للتربية الفنية للمدنين أن تتعرض لهذه الأساليب الحديثة - وفي تعليم الفن بخاصة - فذكرت أن الاستعداد

الفني مشترك عند الأفراد . وقد قال بذلك رال في كتابه  The new art education ؛ فعند ما يمسك الطفل بورقة ويلعب فيها بالمقص ليعطيها شكلا معينا إنما يدل على إحساسه بجمال هذا الشكل . واعتناء البعض بتصفيف الشعر أو اختيار الكرافات ، أو وضع الكتب على المكتب في نظام معين . كل ذلك يدل على الاستعداد للتذوق الجمالي ؛ ولهذا كان تعليم الفنون ضروريا للأطفال ، وهو ضروري من ناحيتن : من ناحية أنه يعطي الطفل فرصة للتعبير عن رغباته ومشاعره أولا ، ومن ناحية أنه - لكل أنواع التعليم - بكسبه خبرة ثانيا ، والمقصود بالتربية الفنية في الواقع هو الإكثار من التجارب الفنية التي تعمل عملها في مو الطفل وجدانيا ، هذا النمو سجعله يتذوق الحياة تذوقا فنيا : فى أكله ، فى ملبسه ، فى كلامه ، الخ ، فيحقق العبارة القائلة بأن الفن أسلوب للحياة Art is a way of life . ولكى نأخذ بيده يجب أن توفر له الرضاء النفسي Satisfaction ، ولا نشعرi بأنه عمل خطأ بالقياس إلى القواعد الفنية المقررة ، بل لا حاجة بنا مطلقا إلى تعريفه بهذه القواعد ، فنترك له الحرية الكاملة في طريقة التعبير ، وبذا يكتسب لونا من الثقة والاطمئنان .

وستلاحظ أن في تعبيره الحر الطليق اللاشعورى تنفيسا عن كثير من الرغبات المكبوتة والعقد النفسية ، يتبين ذلك من طفل يرسم مجموعة من المسدسات ، أو آخر يترك الصفحة كلها ليرسم تخطيطا ضئيلا في أحد أركانها ، فالأول ينفس عن رغبة ، والآخر يشعرك بموضعه في البيت مثلا .

وقد تعرضت المحاضرة لأساليب الفن الحديثة فانها تعرضا سريما فذكرت أن القرن التاسع عشر قد امتاز بالتأثرية impressionism بينما لجأ الفن الحديث إلى التجريد ، وينقسم إلى : dramatism وفيه يتغاضى الفنان عن بعض العناصر لإبرار بعضها ، ورمزى symbolic . وواقعي realistic . وفن الدعاية وفيه تبرز بعض الصفات العينة ؛ ثم هناك أسلوب ترتب فيه الأشياء الواقعية ترتيا جديدا ويطلق عليه : design reality أما التجريد abstraction ففيه يلعب الفنان بالمساحات وفق رغبته الخاصة ، وقد كنا نود من السيدة المحاضرة أن تقف مليا أمام هذه الأساليب الحديثة ، وأن تتعرض لها بنظرة نقدية لتبين معها إلى أى حد تعد هذه الاساليب مسايرة وموافقة لطبيعة الفن التشكيلى plastic .

اشترك في نشرتنا البريدية