الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 679الرجوع إلى "الثقافة"

النشاط الثقافي في أسبوع

Share

وصية حلقة دراسات اليونسكو :

أوصت حلقة دراسات اليونسكو الدولية في التربية الفنية . والمنعقدة في برستل في يوليو الماضي خاصاً بمدرسي الفنون بما يأتي :

" لابد لمدرس الفن الذي يؤدي وظيفته على الوجه الأكمل أن يكون : ١ - إنساناً ؛ ٢ - ومربيا ؛ ٣ - وفنانا ولهذا وجب أن ترسم له المناهج التربوية التي تمده إعداداً يضمن تحقيق هذه الجوانب الثلاثة ."

وقد حاول الدكتور محمود البسيوني في محاضرته التي ألقاها في المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين أن يفصل ما تطوي عليه هذه الوصية ، وأن يعرض نماذج وافية ملموسة ليستدل بها علي أن رسالة المدرس لا تؤدي على الوجه الأكمل لأن كل مدرس لم يعد نفسه الإعداد الكافي ، وإذا فقد المدرس جانباً من هذه الجوانب الثلاثة خرجت ثمراته غير ناضجة ، أو مفتوية أو بها علة باطنة لا تظهر

على السطح إلا في أوقات معينة ، أو لنقل إنها تخرج على العموم وبها آفة . فإذا كنا نريد السلامة لابنائا من تلك الآفات التي يصابون بها في دور تكوينهم ، وجب علينا أن نعنى أولاً وقبل كل شئ بالمدرس الذي يتعهدهم . ووصية اليونسكو تضمن إخراج المدرس الذي تستقيم به الأمور ، وإن كانت صعبة التحقيق ، وتحتاج إلي زمن طويل .

أما مدرس التربية الفنية كإنسان فإن أهم ما يجب نوفره له هو ( عادة التعاون ) . والمقصود بالتعاون - كما يقول المحاضر - هو الأنغماس في عملية ابتكارية إنسانية تعقد فيها الفردية صفاتها الأولى وتكتسب صفات جديدة ؛ ونتيجة التقاء العقول في هذه العملية التعاونية " الابتكارية الإنسانية " هو محصلة لآراء ، وجهود الأفراد المشتركين في هذه العملية ،

وليست نتائج فرد واحد - يريد المحاضر أن يقول إن إعداد مدرس التربية الفنية ليكون إنساناً ينبغي أن يقوم على أساس فكرة التعاونى الجمعي ، وليس التعاون المفهوم خطأ كما قال - على أنه متركز في الفرد .

وأما المقصود بإعداده كمرب فإن ذلك يقوم على أساس فكرة أن المدرس حزمة من العادات الفردية والجماعية ، وكل صفاته وعاداته الخلقية هي الزاد الذي يتزود منه الناشئ ، فإذا كنا نريد لناشئنا أن يتصفوا بصفات خلقية معينة . وان يتعودوا عادات معينة ، وجب علينا أن نوفر لهم هذه الصفات والعادات في المرأة التي يجتلونها كل يوم ويعيشون معها فترة طويلة ، ونعني المدرس . وليست مهمة المدرس أن يقدم لتلامذته المادة التي يحفظونها ويسمعونها ، وإنما مهمته أبعد من هذا ، وهي أن يلقنهم الصفات والعادات المهذبة كالتعاون والشجاعة والصدق والعفو وغير ذلك . وهي العادات التي ستتكون فيهم كأفراد وكمجموع نتيجة لعملية التعلم . وبعبارة أخرى فإن المعلم في هذه الحالة يكون وسيلة ينتقل خلالها إلى الناشئ الصفات والعادات التي لمدرسه والتي نرجو أن نرتفع بها لتضمن تكوين عادات اجتماعية حية نامية من شأنها أن ترقي الفرد والمجموع معاً .

وأما المقصود بإعداده كفنان فليس ذلك معناه تلك الصورة الراسية الراسخة في أذهاننا عن الفنان بلحيته الطويلة وشعره المتهدل المبعثر في أماكن كثيرة من رأسه ، تلوح عليه مخايل الجنون والانطلاق من عالم الواقع - وإنما المقصود بالفنان يتعادل تماما مع ما هو مقصود من كلمة عالم ، أي أنه شخص مبدع يعرف كيف يدرس الأشياء ويبحثها ويصل إلي نتائج ينفرد بها ، وهذا معنى أنه مبدع . وبجانب ذلك لا بد له من الاطلاع على المأثور اطلاع الفاهم الدارس ليعينه ذلك على أن يكون ذواقة على أسس سليمة بجانب أنه مبدع ؛ فالخلق والابتكار والتذوق المبني على أساس معرفة بالحديث والمأثور في الفن هي التي تكون معني الفنان .

وأخيرا فكيف نعد المدرس هذا الإعداد ؛ أيلزم أن نرتب في إعداده خطة دراسية مكونة من مجموعات ثلاث : (١) مجموعة الإنسانيات : وفيها يتوفر علي دراسة كل ما هو خاص بالإنسان . ( ب ) المجموعة التربوية : من علم نفس وتربية ووراثة وأجناس . . ( ج ) المجموعة الفنية : من فنون ذات بعدين وفنون ذات ثلاثة أبعاد وفنون اخري صوتية كالأدب والموسيقي . . ليعرف كيف يوجه فنه ويحدد موقفه .

التعصب الديني :

كان الاثنين الماضي ليلة ميلاد عيسي عليه السلام . وكان طبيعيا - إن لم يكن بديهيا - أن تحتفل جمعية الشبان المسيحبين بعيد ميلاد المسيح ولكنها لم تصنع ، بل دعت الدكتور إبراهيم ناجي ليحاضر عن النبي محمد . وإذا فالمسيحيون في عيد ميلاد المسيح يذكرون محمداً . مظهر جميل وجذاب ، ينطوي على معي كريم أخاذ . فليس هناك إذا عصبة ولا عصبية ، وليس هناك نظر إلى دين من الأديان نظرة ازدراء أو حقد أو كراهية . وكأن هذه المعاني الدينية السامية قد صارت - في أذهان الطبقة المثقفة على الأقل - معاني بعيدة عن الشبهات ، بل صارت معاني يقتبس منها ، بغض النظر عن الدين الذي دعا إليها . بل أليست الأديان كلها - كما تردد في هذه المحاضرة - تدعو إلي المحبة والخير والسلام .

نري هل تقتضينا الظروف أن نرقى بفهمنا المسألة الدينية بحيث لا تجعلها إشكالنا المعضل الذي لانفتأ نتناقش ونتباحث فيه ، ويجاج بعضنا بعضاً ، ويتعصب هذا لعقيدة وذاك لأخري . لعل هذه الصورة التي رأيتها في جمعية الشبان المسيحيين تحمل هذا المعنى ، ولعلنا قد صرنا نهتم بالمسائل الكبرى ولا تعنينا الجزئيات ، بل هذا ما أوده وأتمناه :

أن نصطدم بالحقائق الكبرى ، وأن نواجه الأصول المؤصلة ، ونطرح جانباً تلك الجزئيات التي تملأ علينا الفراغ ولا تكاد تصل معها إلى شئ مجد في فهما لحقيقتنا ورسالتنا في الحياة .

تريد أن ننسي كل مسألة جزئية فلاتتناقش في زيارة قبور الموتي والأولياء ، بل نتناقش في الموت ذاته . وقد نصل منه كظاهرة حيوية إلى إدراك أمور كثيرة على قمتها إدراك وجود الله .

وقد كان لتعقيب ذلك الشيخ الأزهري على المحاضرة ما يترك المجال لحالجة شك تساورني . لقد انتفض رأسه عن كلام جميل يعلن فيه أن واحداً لم ينصف المسبح كما انصفه محمد ،

وكما انصفه القرآن فإذا ذكرت جمعية الشبان المسيحيين محمداً في ليلة ميلاد عيسى ، فإنما هي بذلك تحي ذكري عيسي أحمل تحية ، وتستمد لها من الأصل الذي قدرها حق قدرها .

قلت في مستهل هذا الكلام إن هدف الأديان المحبة والخير ، وهنا أعود لأقول إن هذا المعنى قد تردد كثير في جو المحاضرة وجعل يلح إلحاحاً علي محو الفروق وإظهار التسامح بين الأديان .

اشترك في نشرتنا البريدية