الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 688الرجوع إلى "الثقافة"

النشاط الثقافي في أسبوع

Share

معالي السيد محمد ظفر الله خان وزير خارجية الباكستان : إن معالي السيد محمد ظفرالله خان هو اليوم أحد القلائل من كبار الساسة في العالم ، وموضع احترام شعوب الشرق الأوسط وإعجابها ، لما له من فضل في الدفاع عن قضايا الشعوب العربية ، بل إن زعماء العالم العربي قد اثنوا عليه أعظم الثناء لقدرته الفائقة وعرضه البديع لقضية فلسطين والقضايا العربية الأخرى ، والواقع أن معاليه كان دائما - ولايزال - يعلن تأييده المطلق ويقدم نصائحه الخالصة لجميع البلدان الإسلامية كلما دعت الحاجة إلى مثل هذا التأييد أو تلك النصائح ، فلا عجب إذاً ان تؤهله وجهات نظره الصائبة وخبرته الواسعة في الشئون الدولية لأن يعتبر بحق من أعظم الساسة في العالم كله .

وعندما أعلن إنشاء دولة الباكستان في عام ١٩٤٧ طلب إليه المغفور له القائد الأعظم محمد على جناح أن يعاونه فكان أول ما فعله أن تولي الدفاع عن قضية المسلمين بشأن تقسيم البنجاب بين الباكستان والهند ، ثم تولي رياسة أول وقد باكستاني لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وعندما أثيرت قضية كشمير في مجلس الأمن تولى معاليه رياسة وفد الباكستان في المجلس ، وفي شهر ديسمبر من عام ١٩٤٧ عين معاليه وزيراً لخارجية الباكستان ، ومنذ ذلك الوقت ومعاليه يرأس وفود الباكستان لدي الجمعية العامة للأمم المتحدة ومعاليه مسلم عميق الإيمان ، يخصص جزءاً كبيراً من دخله للأغراض الخيرية . ويكره المغالاة والمظاهر الزائفة ويحب البساطة في كل شئ حتى في مأكله ، ويقضي أوقات فراغه في القراءة وفي رياضة المشى في الصباح وفي صحبة الأصدقاء وأعضاء أسرته . وهو يستيقظ في ساعة مبكرة جدا في الصباح وبنام في ساعة مبكرة أيضا ، وفضلا عن ذلك فإن معاليه متعمق في علم اللاهوت وفلسفة القرآن ، وكثيرا ما يستعين بآيات من الذكر الحكيم في خطبه السياسية

سواء في الأمم المتحدة أوفي البرلمان الباكستاني ، وهو يؤمن بالله وبأخوة البشر ، ويعتقد أن رجل الدين المؤمن لا يمكن أن يكون متعصبا ، فلا غرابة إذاً في أن يكون معاليه موضع اعجاب الجميع على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم .

والواقع أنه لو خير معاليه بين العمل في الميدان السياسي وبين تكريس حياته للعلم والتقوي لاختار الميدان الأخير ، ولكنه يواصل العمل في الميدان الأول لهدف واحد هو خدمة بني البشر .

التربية الفنية في الولايات المتحدة : أصبح الاهتمام بالدراسات الفنية والنشاط الفني أمراً تعنى به كل الأمم المتحضرة باعتباره جانباً له خطره من جوانب الحياة النابضة . ومن السهل أن نلاحظ أن الاهتمام بهذا اللون من النشاط الفني عند الأطفال لا يقل عنه عند الكبار ، إن لم يكن الاهتمام به عند الصغار أظهر وأوضح - على الأقل في السنوات الأخيرة - وانتبهت أساليب التربية الحديثة إلى خطورة هذا الجانب في الإنسان وأهميته في تكوين شخصية قوية متماسكة من طفل لم تتبين شخصيته بعد . ولأجل ذلك فتحت معاهد التربية الفنية لإعداد المدرسين وتزويدهم بالوسائل الكافية .

والتربية الفنية - كما ذكرت السيدة فلورنس بك Florence J.Beck  في محاضرتها التي ألقتها بالمعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين - جانب من جوانب التربية العامة وليست مادة مستقلة . إنها تتضمن تجارب الطفل الخاصة في عالمه الخاص معبراً عنها بالخط والشكل واللون .

ولعل الخط والشكل واللون - وهي مقدمات العمل التصويرى - أطوع في يد الطفل وأسهل تناولاً واستخداماً في التعبير عن تجربته الخاصة وإحساسه الخاص من اللغة مثلاً ، أريد أن أقول إن التصوير في مستطاع كل طفل مهما صغرت سنه ، في الوقت الذي لا يتيسر فيه قول الشعر

مثلا لكل طفل ، بل صغار الأطفال . ففن التصوير إذا أسهل بالنسبة للطفل ، وبالنسبة لمقدرته الفنية ، لأن الأدوات التي يستخدمها فيه - الخط والشكل واللون - لا تقف حائلا دون هذه المقدره الفنية المحدودة . ودون التعبير عن تجربة الطفل الشعوري .

ومما ينادي به القائمون على التربية الفنية الآن إطلاق الحرية للطفل في أن يؤدي - بالخط والشكل واللون - مايخالجه من شعور إزاء الأشياء التي لاحظها بنفسه .

أما تلقينه الأسول الفنية بادي بدء حتى يلتزمها في صوره التي ينتجها ، فقد صار من عيوب التربية الفنية التي تتجنبها التربية الحديثة . وإذاً فقد صار الطفل حراً في أن ينقل إلينا الأشياء كما يراها أو كما يحسها دون التزام لأصول معينة ثابتة . أو - كما قالت المحاضرة - إن الفن لم يعد تقليداً أو ترديداً مطابقاً للأشياء ولكنه تعبير ذاتي ابتكاري

تري هل من المستطاع تبني هذه الفكرة أو هذا الاتجاه فما يختص بجوانب النشاط الفني الأخرى ، كالأدب والموسيقي وغيرهما ؟ إن اللغة - في الحقيقة - أصعب بكثير من الخط والشكل واللون . ولكننا نزيد هذه الصعوبة صعوبات أخرى أمام الطفل ، بأن تلتزم القوافي والأوزان والأشكال الأدبية المعهودة بوجه عام ، ولا تهاون أو نفرط فيها قيد أنملة وهذا كله كفيل بأن يصرف الطفل عن الإنتاج الأدبي طالما كان الإنتاج الفني التصويري أسهل أداة من جهة ، ولا يلتزم أصولا معينة ، وإنما هو بترك له الحرية الكاملة في استخدام هذه الأداة والتعبير عن نفسه تعبيرا حرا طليقاً من جهة اخري .

وقد ذكرت المحاضرة أن عمل مدرس التربية الفنية الآن يتلخص في أنه يقوم بخلق جو الصداقة بينه وبين الطفل عن طريق اتجاهه العاطفي وحماسته ، وأن يشجع كل طفل على التعبير عن نفسه في كامل حريته . وإذا صح أن هناك توجيهاً يوجه إلي الطفل فلا يوجه إليه إلا بعد أن ينتج ما يريد ، على أن التوجيه في هذه الحالة يحسن أن يكون غير مباشر ، وذلك كان من الوسائل التي تساعد على تحسين التدريس أن تعرض بعض الصور الممتازة في حجرة الدرس بل في كل مكان تقع عليه عين الطفل ، وكذلك العناية

بعرض نماذج مما ينتجه الأطفال أنفسهم . والكلمة الأخيرة التي لا يفوتني التعقيب بها هنا هي ان هذا الأسلوب من التربية الفنية قد أدى إلى نتائج باهرة لمسناها فيما عرضته المحاضرة من لوحات ، ورجاؤنا أن تمتد أساليب التربية الفنية إلي ألوان الفن الأخرى .

معرضان : أما المعرض الأول فهو معرض رسوم أطفال وادي النيل ، وهو المعرض الذي سيشترك به أطفال وادي النيل في المسابقة الدولية الى ينظمها الاتحاد الدولي لرعاية الطفولة لأطفال دول الاتحادات الإقليمية المنضمة إليه ، رغبة في إيجار نوع من الاتصال المعنوي بين الأطفال الذين هم رجال الغد ، لضمان حياة جديدة من التعاون والإخاء بين شعوب العالم وقد تبنت هذه الفكرة جمعية هانز أندرسون الدنمركية وجعلت موضوع المسابقة هو التعبير عن عشر قصص من أقاصيص هانز أندرسون نفسه الخاصة بالأطفال

ومنذ دقائق كنت أتكلم عن العناية بالناحية الفنية عند الأطفال ، وهي عناية لم تعرفها مصر وحدها ، بل عرفتها جميع الأمم المتحضرة ، ولعلك تستطيع أن تفسر هذه العناية بالأطفال بما أحسه الكبار من انفصام عرى المودة والإخاء بين شعوب العالم وما جرته المنازعات والخلافات من حرب وشقاء . فراحوا يرعون أملهم الأخير في تلاقي هذه الأخطاء والأخطار في رجال المستقبل - الأطفال - ولعل معرض أطفال المجر الذي تحدثا عنه من قبل يمثل هذه الفكرة بوضوح .

ونحن نأمل مع الآملين أن تؤتي هذه الحركات الطيبة أكلها الطبيب ، وأن يثبت أبناء النيل أنهم أيضا أبناء الفراعنة العظام أرباب الفنون والعلوم منذ أقدم العصور .

وأما المعرض الثاني فهو معرض اتحار خريحي معهد التربية ، فنحن لهذا أمام أناس فهموا الفن على أوسع نطاقه وزودوا أنفسهم بثقافة فنية عالية ، واتصلوا بالتيارات الفنية المختلفة التي تموج بها الحياة حولهم . وهم جميعاً من الشباب الناهض المتطلع إلى غابات سامية وآمال كريمة .

( البقية على الصفحة التالية )

وليست المحاولات المتباينة التي تبدو في هذه المعروضات إلا تعبيراً عن نشاط مجموعة من أساتذة التربية الفنية من بين أعضاء هذا الاتحاد . وهي تحدد بعض الأساليب والاتجاهات الفنية التي يخدمون بها رسالتهم في نواحي التصوير والنحت والخزف وبعض الفنون العملية ، وهي وليدة الفريحة والفكر والتجربة والبحث والمران . وقد جاءت هذه الأعمال كما يشتهي مبدعوها أن تكون في ظل العالم الواسع الآفاق الذي كونوه لأنفسهم بعد أن أتموا دراستهم

وخرجوا إلي الحياة العملية يكافحون في إبلاغ رسالتهم من وراء تأثراتهم واستجاباتهم وطابعهم الخاص حتى يخرجوا للأمة جيلا فنيا راقياً .

والحق أن هذه المعارض الفنية الكثيرة التي ازدحم بها هذا الموسم إن دلت على شيء فعلى أن الحركة الفنية في مصر تنمو نمواً سريعاً ملحوظا ، ولكنه نمو متعدد الجوانب متسع الآفاق .

اشترك في نشرتنا البريدية