الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 632الرجوع إلى "الرسالة"

النظام الزراعى، في بلاد السوفييت

Share

للدكتور محمد مامون عبد السلام بقية ما نشر في العدد الماضي

المزارع التجمعية

كان تسعة أعشار الروسيين إلى عهد قريب فلاحين ، وفى سنة ١٩٤١ كان الثلثان  من سكان الروسية السوفييتية يعيشون في القرى ، وكان أكثر من نصف السكان يعيشون على فلاحة الأرض ، فالزراعة في الروسيا كما فى غيرها من البلاد سبيل للحياة لا وسيلة للعيش فقط كما يقول بذلك بافلوفسكي المؤرخ الزراعي الروسى ، وقد استمرت الزراعة في الروسيا وسيلة لعيش ملايين من الخلق وسبيلا لحياتهم ، أما الحياة الصناعية فإنها لا تزال وسيلة إضافية

وكان الفلاح الروسى قبل الثورة عبداً مسخراً لطبقة النبلاء والأشراف ، فحرره السوفييت ووضعوه على قدم المساواة بسكان البنادر ، ولايزال الفلاح الروسى العمود الفقري للهيكل الاقتصادي السوفييتي ، فهو الذي يدفع نحو ثلاثة أسباع مصروفات الدولة غير ما يدفعه من الضرائب غير المباشرة ، وقد ضمنت له الحكومة مقابل ذلك حقوقه كاملة فى نظام المزارع التجمعية التي هو عضو فيها ، وفتحت له أبواب الفرص على مصراعيها لتثقيف نفسه وأولاده وأبعدت عنه مشاق العمل الجسماني المضني في الزراعة بإدخال الزراعة الآلية الحديثة ونظمت له الإدارة تنظيما جعله يستفيد من أوقات فراغه الكثيرة بالثقافة الريفية العامة والتعليم الزراعى . فالفلاح في نظر السوفيت عامل كعامل المصنع لا يختلف عنه في شيء إلا في كونه يعمل في الهواء الطلق على نظام حساب القطعة فيختلف ما يتقاضاه من الأجر باختلاف مقدرته على الإنتاج . وغرض السوفييت من إلغاء الزراعة الفردية التي كانت من خصائص النظام القديم القيصرى وتحويلها إلى النظام الزراعى التجمي هو أن تحول المزارع إلى مجموعة من مصانع زراعية يعمل فيها العمال تحت قبة السماء . وهذا النظام الجديد إنما هو وليد عبقرية مبتدعة لأنه نظام يجمع بين قوة الفردية ومزايا الاشتراكية،

وهو نظام غير ثابت في تفاصيله لأنه يتكيف حسب نتيجة. التجارب والتعلم من الأخطاء طبقاً للعقيدة السوفيقية المشهورة المحببة إليهم . وقد استفاد السوفييت من المفعول السحرى للألقاب على عقول الجمهور فاستبدلوا بألقاب الفلاحين التي كانت تشعرهم بالمهانة والتحقير أخرى ترفع نفسيهم وتشعرهم بعزة النفس والأنفة ؟ قسموا «كلاف الخنازير » ياسم ( خبير الخنازير » ولقبت زوجته باللبانة وسمحوا لها بالالتحاق بالمجموعة النسوية في المزرعة التجمعية . ويعتبر السوفييت المزارع التجمعية في حرفة الزراعة کا تحادات العمال في الصناعة ؛ فهي عبارة عن هيئة تنظيم الفلاحين و توحدهم لمصلحتهم ؛ وهى فضلا عن كونها هيئة تعاونية للانتاج فإنها تعمل في الوقت نفسه لمصلحة أعضائها من الفلاحين فتزودهم بإعانات أثناء مرضهم ، وبمعاشات عند بلوغهم السن ، وبالتعليم المجانى وتنظيم ساعات فراغهم من حيث الانتفاع بها في النوادى والرحلات والسياحات ، وتحصل لهم على خدمات خاصة من الحكومة كتعليم الأطفال والعناية بصحتهم وإنشاء مدارس الحضانة ورياض الأطفال وبيوت المساحات وإعطائهم أجازات سنوية أسبوعين في السنة بأجر كامل والقيام بجميع التأمينات لهم مجانا . ولا يشتغل الفلاح في هذه المزارع التجمعية أكثر ثماني ساعات في اليوم .

أشكال المزارع التجمعية

والمزارع التجمعية على ثلاثة أشكال ، أبسطها ما كان عبارة عن شركة لزراعة الأرض أو رعى الماشية وتربيتها كما هو موجود فعلا في مناطق البدو في جمهورية قازقستان وفى بعض مناطق شمال القوقاز

وأعقدها هى المزارع الشيوعية الكاملة التي تكون فيها الأرض والآلات والماشية وكافة المنشئات مندمجة في بعضها البعض ومشاعا بين أعضائها فيعيش الكل فيها معيشة شيوعية في مبان شيوعي ويأكلون من مطبخ واحد وفي غرفة طعام واحدة ، وليس لأحد منهم شيء خاص يمتلكه لنفسه اللهم إلا حوائجه الشخصية . يزيد عدد هذه المزارع الشيوعية المطلقة عن ١٪ من المجموع الكلى للمزارع التجمعية . أما النوع الثالث وهو يكون الأغلبية الساحقة من المزارع التجمعية فهو السمى «كلهوز » وفيها يحتفظ الأعضاء بماكنهم الخاصة لكل عائلة بيتها وقطعة أرض ملحقة به لتزرعها العائلة لحسابها ولتربى فيها الدواجن والحيوانات الصغيرة لا يشاركهم فيها أحد ؛ وبذلك تحافظ كل عائلة على استقلالها في

معيشتها . أما ما يتبقى من أرض الزرعة وحيواناتها فتستغل على المشاع فيعطى كل فرد حقه من الإنتاج حسب مقدار عمله . وفى هذا النوع الأخير من المزارع التجمعية تظهر فردية المزارع وشخصيته ومقدرته على أوضحها . ويسمى السوفييت هذا النوع من المزارع التجمعية باسم «كلهوز ) ومعناه بالروسية منشأة أو مزرعة اقتصادية تجمعية، ويدل هذا التعريف على أن المزارع التجمعية ملك للدولة ولكن لأعضائها حق الانتفاع الدائم بها في حدود قيامهم بالالتزامات التي يحتمها علهم الدستور والقانون .

وقد بدأ عهد المزارع التجمعية في سنة ١٩٢٩ ولم يمض عليه ثلاث سنوات إلا وأصبح ٦١٥ ٪ من الأراضى الروسية مزارع تجمعية وفى سنة ۱۹۳۸ ارتفعت هذه النسبة إلى ٠/٩٩٣ إذ بلغ عدد المزارع التجمعية في جمهوريات الاتحاد السوفييتي ٢٤٢,٠٠٠ مزرعة . وقد أصبحت بلاد السوفييت في بدء هذه الحرب أكثر بلاد العالم مساحة في الأراضي الزراعية وأعظمها تقدماً في وسائل الزراعة الآلية الحديثة وذلك بفضل نظام الزراعة التجمعية . كما ازدادت بفضله مساحة ما يخص العائلة من أرض الزراعة من نحو ١٧ فداناً في المتوسط في العهد القيصرى (مع مراعاة أن نحو ٥٠٪ من فلاحي ذلك العهد لم يخص العائلة الواحدة منهم أكثر من ٢,٥ إلى ٥ فدادين) إلى متوسط ٤٨ فداناً في عهد الزارع التجمعية وإلى نحو ١٢٠ فدانا في بعض المناطق مثل سيبيريا العربية .

وتختلف مساحة مزرعة المكلهوز كثيراً من منطقة لأخرى ، تبلغ مساحة الأرض الزروعة فيها أقل من ٦٠٠ فدان في المناطق الشمالية وفى روسيا البيضاء والقوقاز وآسيا الوسطى الإسلامية . وتزيد عن ١٣٠٠ فدان في أكرانيا وتبلغ نحو ستة آلاف فدان أو أكثر في حوض المولجا . وعلى العموم تبلغ مساحتها في المتوسط نحو ١٦٠٠ فدان . " ومتوسط عدد بيوتها أي عائلتها ٩٥ بيتاً ولكنها تكون أقل من خمسين بيتاً في الشرق الأقصى والمناطق الشمالية النائية و ١٣٣ في أكرانيا و١٥٢ في شمال القوقاز

وقد زادت مساحة الأراضي المزروعة في بلاد الاتحاد السوفييتي بفضل هذا النظام مقدار ۱۱۰ مليون فدان في سنة ١٩٤٠ عما كانت عليه في العهد القيصرى فى سنة ٠٩١٣ وهذه الزيادة تشمل نحو ٤٠ مليون فدان من الغلال ونحمو ۱۸ مليون فدان محصولات صناعية ونحو ١٥ مليون فدان بطاطس وأكثر من ٣٨٨ مليون فدان من محصولات العلف

ويتراوح عدد بيوت (أى عائلات) المزرعة التجمعية الواحدة بين ٥٠ بيتا في الشرق الأقصى والمناطق الشمالية النائية و ١٣٣ بيتا في أوكرانيا و ١٥٢ بيتا في شمال القوقاز . ولكن متوسطها كان قبل هذه الحرب ۷۸ بيتا وعدد أعضائها ٣٤٢ شخصا منهم ١٤٩ من العمال الشغالين الذين لا يقل عمر الواحد منهم عن ١٦ سنة ويعمل عمال المزارع التجمعية في نظام يشبه نظام عمال المصانع ؛ فمواعيدهم محددة ، ولكل فرقة رئيسها . ويعاقب المذنب بعقوبات تتناسب مع جرمه وذلك طبقا لأوامر الحكومة الصادرة أبريل سنة ۱۹۳۸ التي تنص على أن أى عامل ذكراً كان أو أنى يرتكب ما يخل بالنظام الداخلى للمزرعة يعاقب بالتوبيخ لعلني أو بالتشهير بكتابة اسمه على السبورة السوداء ، أو بتغريمه ، أو بإنزاله إلى عمل أدنى من عمله، أو بتشغيله مدة معينة بدون أجر ، أو بالطرد من المزرعة بعد موافقة جمعيتها العمومية بأغلبية ثلثى الأعضاء وتقبل المزارع التجمعية النساء في عضويتها على قدم المساواة مع الرجال على أن يقمن بالعمل الذي يتفق مع طبيعتهن وأن يرتقين كما يرتقى الرجال وأن تقبض المرأة أجرها بنفسها ، فترتب على إعطاء الحرية للمرأة الفلاحة الروسية عدم تقيدها بميود المعيشة المنزلية. فأنشئت من جراء ذلك المطاعم العامة الشيوعية والمغاسل العامة وبيوت الحضانة ومعاهد الاطفال للعناية بهم أثناء عمل أمهاتهم في النهار وأنشئت مدارس للأولاد الأكبر سناً .

وتدفع المزارع التجمعية ضريبة دخل للحكومة ولكن الضريبة الحقيقية هي ما يعود على الخزانة من البيع الجيرى محصولاتها ومنتجاتها. والواقع أن الفلاح الروسي يدفع الآن ضريبة مباشرة للحكومة بين ١٥ و ١٨ من مجموع محصولاته عدا الضريبة غير المباشرة التي يدفعها بالنسبة لاستهلاكه. وتجى الحكومة الضريبة المباشرة عيناً فترتب على ذلك أن أنشأت الحكومة. أمراء ( Silo ) للغلال التي تجيبها ليس لها مثيل في العالم . ولا يمكن لأى دولة غير شيوعية أو اشتراكية أن تشيد مثلها . وأقامت الحكومة السوفييتية وسائل ومصمانع للانتفاع بالمحصولات المختلفة الأخرى التي تجيبها عيناً كالألبان مثلا ؛ فأنشأت مصانع هائلة الألبان ومشتقاتها في مناطق تربية الماشية ومصانع السكر في مناطق زراعة البنجر وهلم جرا .

من هذا يتضح لنا أن نظام الزراعة التجمعية يتطلب دقة فائقة وعناية للانتفاع بمحصولات البلاد على أكمل وجه وتوزيعها توزيعاً اقتصاديا يعود بالنفع على كل فرد من أفراد الأمة . كما أنه يمكن

البلاد من الانتفاع بفضلات المحصولات انتفاعاً علميا . والدليل على ذلك أن قومسارية الأغذية تنتفع بفضلات المحصولات إلى أقصى حد في صناعة الأغذية فتحسنت سبب ذلك حالة الأغذية في المدن بعد سنة ١٩٣٣

ولا جدال فى أن جباية الحكومة ضريبة عينية من اللبن عن كل بقرة قد أدى إلى اهتمام الفلاحين بتحسين البقر الحلوب وإيجاد عشرات منه أكثر إدرارا. كما أن ازدياد حاجة الزراعة إلى الأسمدة أدى إلى الإكثار من الماشية وإلى إنشاء مصانع الأسمدة الكيميائية على نطاق واسع .

وقد أدت طريقة دفع الأجور على حساب القطعة إلى تسابق الفلاحين في العمل ومباراتهم في ابتداع الوسائل الكفيلة بسرعة إنجازه وإتقانه فرادت غلة المحصولات في كثير من الحالات زيادة مدهشة وقد أقام السوفييت في سنة ١٩٣٩ ٤٠ معرضا زراعيا عاما في موسكو استعرضوا فيه أوجه نشاط المزارع التجمعية وإنتاجها ودرجة تقدم الحياة الاجتماعية فيها فاتضح منه جليا أن المزرعة التجمعية وحدة زراعية نموذجية للانتاج كاملة بعمالها و آلاتها الزراعية ومبانيها ومواشيها فهي تضم كل مستحدث في الفنون الزراعية مما يسهل العمل لعمالها ويجلب الراحة والهناء والسعادة والرخاء والصحة لهم . وقد بلغ عدد حظائر تربية الماشية التابعة للمزارع التجمعية عند بدء الغزو الألماني لبلاد السوفييت ٦١٨٠٠٠ حظيرة يحوى محو ۱۸ مليون من حيوانات الفصيلة البقرية و ٧ ملايين خنزير و ٣٣ مليون من الغنم والماعز . وفى كان مزرعة مهندس زراعى وخبير للتقاوى وخبير لتربية الماشية وطبيب بيطرى وخبير لفلاحة البساتين وميكانيكيين ، وقد بلغ حدد المتخصصين تخصصاً عالياً في فروع الزراعة المختلفة في المزارع التجمعية ببلاد السوفيت ۳۲۲۰۰۰ من مهندسين زراعيين وخبراء في شتى شؤون الزراعة وبيطريين

وليس أدل على نجاح نظام المزارع التجمعية مما وصل إليه رخاء أعضائها . فقد وصل دخل الفلاح السنوى في بعض المزارع التجمعية إلى ٢٤٠٠ روبل علاوة على ثلاثة أرادب مصرية وثلث أردب من القمح و ٦٠٠ رطل من الخضروات و ۳۰۰ رطل من البطاطس و ٣٠ لتر من الخمر بخلاف ما يحصل عليه من مزرعته الخاصة الملحقة ببيته وما يكسبه من إيوائه في بيته للنزلاء الذين يفدون إلى الريف طلباً للمنزهة والراحة . ومما يدل على رخاء الفلاحين في المزارع التجمعية نوع البضائع

التي تعرض فى المخازن التعاونية فى القرية مثل : الجوارب والأحذية وأحمر الشفاه ، واسطوانات الجراموفون ، وساعات الحائط ، والدراجات ، والراديوات وغير ذلك من الكماليات التي لم يسبق للفلاح الروسي أن تمتع بها من قبل .

ويرجع رخاء الفلاح السوفيتي إلى عدة عوامل أخرى بد کر منها زيادة مساحة الأراضى الزراعية بالنسبة لعدد السكان ، وزراعة محصولات أخرى أكثر ربحاً ، وزيادة المنتجات الحيوانية ، وتحسين التسويق ، ونظام الأسواق ، وازدياد النخل من موارد غير زراعية ، ونقص أمان البضائع المصنوعة مقدرة على أساس أثمان المحصولات الزراعية ، ونقص الضريبة المفروضة على الفلاح وتخلصه من أثقال الربا وإيجارات الأرض والوصول إلى طريقة تقال الفقد في المحصولات فى عمليات الضم والدراس والتخزين وغيرها فقد أمكنهم باستعمال آلة الضم والدراس المزدوجة أن يقللوا الفقد في محصول الحبوب بنسبة قد تصل إلى ٣٣ في القمح

وقد أثرى الفلاحون فى المناطق الشمالية الوسطى من إنشاء مصانع الألبان ، ومن زراعة الخضروات والبطاطس والمحصولات الصناعية . كما أنهم استفادوا من امتداد منطقة زراعة القمح شمالا في أراض كانت تعتبر فى الماضى غير صالحة لإنتاج المحصولات الغذائية ويدل ما تخطه أقلام الكتاب السوفيتيين على أن الفلاح الروسي قد أصبح سيد نفسه له حق التمتع بما تنتجه عبقريته ويداه لا يشاركه فى إنتاجه أحد . فقد كتب بوريسوف عن الفلاح وهو يخاطب القديس تقولا العجائبي : « لمن أيها القديس العزيز يجب أن تكون الأرض والحقول والقرى ، فأجابه القديس نقولا : ه إليكم يا إخوتي وإلى أبنائكم ، نعم إليكم دون غيركم ..

ويقول الكتاب الروس بلسان رجل المستقبل وهو يخاطب الشعب : ( أنا لا أتكلم إليكم عن الجنة التي وعدكم بها المسيح بل أكلمكم عن جنة الدنيا التي هي للجميع ماعدا ضعفاء النفوس » ويقول الكتاب بلسان الفلاحين الروسيين : « نحن الذين لم نكن شيئاً فأصبحنا الآن كل شيء ) . ويقولون أيضاً : الأرستقراطية الحديثة هى أرستقراطية العمال المهرة الفنيين ، فهؤلاء هم الذين يجب أن يتمتعوا بحقهم من الراحة والرياضة والتعليم والعناية بهم وبأطفالهم ؟ محطات الجرارات والآلات الزراعية MTS

التي يرمون إليها لا يتم في بلادهم المتسعة الأرجاء الفسيحة السهول بغير استعمال الآلات الزراعية للميكانيكية الحديثة ، ولذلك أنشأت الحكومة نظام محطات الجرارات والآلات الزراعية (M. T. S.) وتتوقف طبيعة المحطة على نوع المحصول الأساسى لكل منطقة سواء كان الغلال أو القطن أو بنجر السكر أو غير ذلك . ولما بدأت الحكومة السوفيتية التحول الجبري في سنة ۱۹۳۰ من الزراعة القردية إلى النظام التجسى كان في الروسيا ١٥٨ محطة من هذه المحطات ملكا للحكومة و ٤٧٩ محطة تعاونية وكان عدد الجرارات في الروسيا أربعين ألف جرارة صالحة الأعمال الزراعية منها عشرة آلاف جرارة تابعة لمحطات الآلات الزراعية الحكومية . وهي صالحة لفلاحة المزارع التجمعية التي أنشئت في البلاد حديثاً .

ومن الدوافع الأساسية التي حدث بالسوفيت إلى تعميم نظام المزارع التجمعية هو جعل الزراعة بالآلات الميكانيكية الحديثة ممكنة واقتصادية ، ولذلك أنفقوا ملايين الجنيهات في بناء مصانع إنتاج هذه الآلات التي خرجت من طور التجربة إلى الإنتاج في نهاية سنة ١٩٣٣ إذ كان كليها مائة ألف جرارة . وجميع هذه المحطات حكومية تؤدى جميع ما يطلب منها من العمليات الزراعية في المزارع التجمعية التي أصبحت تعتمد عليها في ذلك فهى تقوم بالحرث والضم والحصاد والبراس وغير ذلك مقابل نسبة مئوية من محصول المزرعة تتراوح بين ١٠ - ٢٠ % حسب قلة المحصول أو وقرته .

وقد كان نصف العمل الزراعي قبل الهجوم الألماني في الحرب الأخيرة يؤديه الخيل والنصف الآخر تؤديه الآلات . وقد بلغ عدد الخيول في المزارع التجمعية ٨,٥ مليون حصان بمتوسط ٢٥٠ خصانا للمزرعة ، ولكل حصان ۲۹ فدانا ، ولكل مائة فدان من الأرض الزراعية ۱۲ عاملا زراعياً عضواً في المزرعة التجمعية. وفي سنة ١٩٣٥ أصبحت محطات الآلات الزراعية تخدم نحو ثلاثة أرباع المساحة المزروعة في الاتحاد السوفيتي .

وقد بلغ عدد محطات الآلات الزراعية .ST M. في بلاد السوفيت في سنة ١٩٤٠ مقدار ٦٩٨٠ محطة خدمت نحوه / ٩٤٪ من الأراضى المزروعة بالمزارع التجمعية ، وقد وفرت يعملها عمل ۱۱ مليون عامل . وقد بلغ عدد الجرارات في سنة ١٩٤٠ في الزراعة السوفييتية ٥٢٣٠٠٠ جرارة وآلات الضم والدراس المزدوجة ۱۲۸۰۰۰ . وقد تمكن السوفييت بفضل محطات الآلات

أن يدربوا في المدة بين سنة ١٩٣٣ - ١٩٤٠ عدد ٦٠٢٠٨ میکانیکی و ١٠٦٣٠٢ رؤساء فرق سواق الجرارات و ٢,٣٦٥,١١٧ سواق جرارات و ٣٠٥,٥٦٢سواق لآلات الضم والدراس و ٢٦٨, ٢٠١٦١ مساعد سواق و ۱۹۹۳۲۳ میکانیکی لآلات الضم والدراس و ۲۰۷۲۱۱ سواق اتوموبيل ، وقد التحق كثير من هؤلاء بالفرق الميكانيكية فى الجيش السوفييتي خلال هذه الحرب وكانوا من أقوى العوامل في النصر

والسبب في تركيز الآلات الميكانيكية الزراعية في محطات هو سبب اقتصادي ، لأن إدارة هذه الآلات وصيانتها تتطلب خبرة ومهارة خاصة لا تتوفر إلا فى أناس يتخصصون لها ويكونون خاضعين لسلطة واحدة مكلفة بهذا العمل ومسئولة عنه في كل منطقة زراعية ويكون في متناولها كل وسائل إصلاح الآلات وميانها ، وهذا من مستلزمات الاقتصاد في المال والوقت والمجهود . وإشراف الحكومة الأشراف الكلي الكامل على كافة الأعمال الزراعية في البلاد لأن هذه المحطات ملك للحكومة وهي التي تقوم بجميع العمليات الزراعية في كافة البلاد مقابل جزء معين من المحصول يذهب طبعاً إلى الحكومة .

ونقطة الضعف الوحيدة في نظام محطات الآلات هي تأثر زراعة المنطقة تأثراً يتمشى مع سوء إدارة محطة الآلات في المنطقة. . وجميع ميائق الجرارات وميكانيكي الآلات المزدوجة للضم والدراس هم غالباً من الأعضاء العاملين في المزرعة التجمعية تدربهم محطة الآلات ليقوموا بالعمل في اشتداد الموسم ، وبهذه الطريقة تمكنت حكومة السوفيت من غرس العقلية الميكانيكية في الفلاح الروسى الذى أخذ ينظر إلى جرارته نظرة صوفية لأن عليها رزقه كما ينظر الفلاح المصرى إلى ماشيته . وقد علمت التجارب حكومة السوفيت أن من الأفضل لها اتباع سياسة المكافأة لكل عمل حسن يقوم به العامل بدلا من التهديد عن كل عمل ردى يقوم به ولكنها لا تغفل في الوقت نفسه عن معاقبة المهمل والمخطئ والمذنب في كل ما يعرض زراعة الدولة للخطر . ففي نهاية اليمنة يمنح مدير المحطة رؤساء العمل فيها مكافآت تتراوح من شهر إلى ثلاثة شهور ماهية إذا كانوا قد نفذوا مشروعهم وكان محصول المزرعة التي اشتغلوا بالاتهم فيها قد وصل إلى معدله أو زاد عنه .

اشترك في نشرتنا البريدية