الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 325الرجوع إلى "الرسالة"

النهر المتجمد

Share

يا نهر هل نضبَتْ ميا ... هك فانقطتَ عن الخريرْ؟

أم قد هرمتَ وخار عز ... مك فاثنيت عن المسير؟

بالأمس كنت مرنحاً ... بين الحدائق والزهور

تتلو على الدنيا وما ... فيها أحاديث الدهور

بالأمس كنت تسير لا ... تخشى الموانع فى الطريق

واليوم قد هبطت علي ... ك سكينة اللحد العميق

بالأمس كنت إذا أتي ... تك باكياً سلَّيتني

واليوم صرتَ إذا أتي ... تك ضاحكاً أبكيتنى

بالأمس كنتَ إذا سمع ... ت تنهدي وتوجعى

تبكي، وها أبكى أنا ... وحدي ولا تبكى معى

ما هذه الأكفان؟ أم ... هذى قيود من جليد

قد كبْلتك وذّللتك ... بها يد البرد الشديد؟

ها حولك الصفصاف لا ... ورق عليه ولا جمال

يجثو كئيباً كلما مرّت ... بِهِ رِيحُ الشَّماَلْ

والحورُ يندب فوق رأ ... سك ناثراً أغصانه

لا يسرح الحسّو فيه ... مُرَدّداً ألحانه

تأتيه أسراب من الغر ... بان تنعق فى الفضا

فكأنه ترثى شباباً من ... حياتك قد مضى

وكأنها بنعيها عند الصباح وفى المساء

جوف يشيّع جسمك الصافى إلى دار البقاء

لكن سينصرف الشتا ... وتعود أيام الربيع

فتفك جسمك من عقا ... ل مكّنته يد الصقيع

وتكرّ موجتك النقيّ ... ة حرّة نحو البحارْ

حُبلى بأسرار الدجى ... سكرى بأنوار النهار

وتعود تبسم إذ يلا ... طف وجهك الصافى النسيمْ

وتعود تسبح فى ميا ... هك أنجم الليل البَهيم

والبدر يبسط من سما ... هـ عليك سترا من لجينْ

والشمس تستر بالأزاهر ... منكبيك العاريَيْن

والحور ينسى ما اعتراه ... من المصائب والمِحنْ

ويعود يشمخ أنفه ... ويميس مخضرّ الفَنَنْ

وتعود للصفصاف بعد الشيب أيام الشبابْ

فيغرّد الحسون فوق غصونه ... بدل الغراب

قد كان لى يا نهر قلب ضاحك مثل المروجْ

حرٌّ كقلبك فيه أه ... واء وآمال تموج

قد كان يضحى غير ما ... يمسى ولا يشكو المللْ

واليومَ قد جمدت كوج ... هك فيه أمواج الأمل

فتساوتِ الأيام فيه ... صباحها ومساؤها

وتوازنت فيه الحياة ... نعيمها وشقاؤها

سيّان فيه غدا الربيع ... مع الخريف أو الشتاءُ

سيان نوح البائسي ... نِ وضحك أبناء الصفا

نَبَذَتهُ ضوضاء الحيا ... ة فمال عنها وانفرَد

وغدا جماداً لا يحنّ ... ولا يميل إلى أحد

وغدا غريباً بين قو ... مٍ كان قبلاً منهمُ

وغدوتُ بين الناس لغ ... زاً فيه لغز مُبهم

يا نهر، ذا قلبى، أرا ... هـ كما أراك مكبّلا

والفرق أنك سوف تن ... شط من عقالك، وهو لا

اشترك في نشرتنا البريدية