إلى الشعوب التى تتطلع الى الحرية والاستقرار فيجرها المستعمرون وأذنابهم الى الهاوية وهى لا تستطيع الدفاع
تنقلى تنقلى ... على بساط المخمل
واستقبلى الربيع ... فى موكبه المخضل
فنسمة عطرية ... من نسمات الشمأل
ونغمة حالمة ... من نغمات البلبل
وزهرة نافحة ... من زهر القرنفل
تنقلى على الربى ... وفى ضفاف الجدول
وانطلقى مع الصباح ... والضحى والطفل
فى عالم مجنح ... يسمو على التخيل
من دوحة وارفة إلى غدير سلسل
لك الحقول فامرحى ... وزهرها فقبلى
وكل ينبوع جرى ... فى السهل أوفى الجبل
لك الفضاء والمروج والجمال فاحفلى
ولى وهل فى الكون شئ لا أقول: ذاك لى ؟
لى الشعور ثائراً وهو سلاح الأعزل :
ولى كآبة الرجاء وانطفاء الأمل
تنقلى على (الفرات) فهو عذب المنهل
و (دجلة) اصدحى على ضفافها وهللى
لك العراق روضة يانعة لم تذبل
فحومى على (الخليج) واخفقى فى (المعقل)
وحلق فى (بابل) إن شئت أو فى (الموصل)
لك الرحيق فاشربى من صفوه المسلسل
وعللينا بالخيال من بقايا الوشل !
يا ضيفة الحقل الذى حف بمن لم يبخل
تنقلى ما شئت فى أوطاننا واهتبلى ..
سوانح اللذة فى مجالها المفضل
ولا تخاف حارسا فكلهم فى شغل
فى نهم ليس له من آخر وأول
تقاسموا بقية من فضلة لم تؤكل
مما تبقى منك يا (ضيفة) هذا المنزل
فهذه قصورهم مع الغيوم تعتلى
حافلة بكل ما نيل وما لم ينل
وهذه بطونهم تشكو من الترهل
مما ارتشوا أو نهموا من عالم (مغفل)
يا ضيفة الحقل وما سواك بالمدلل
ترنحى فى وطن مشتت مضلل
وعششى وأفرخى فيه وما شئت افعلى
وسخرى أذنابه لسحق رب المنجل
وغارس متشح بطمره المهلهل
وعامل كفنه نسج دخان المعمل
وخاضعين كم جثوا لضم أو هيكل
يسوقهم سيدهم سوق النعام الهمل !
يا ضيفة الحقل اهتفى على الربى ورتلى
أعنية ساخرة بالوطن المغلل
واتخذى من جهله للنهب خير السبل
فإنه فى شغل عنك بداء معضل
بفرقة حزبية قامت على التكتل
و (نزعة) عابثة تسقيه مر الحنظل
ترن فى أوصاله مثل رنين المعول
تثيرها سياسة مملوءة بالدغل
ويمتطيها نفر باسم الكتاب المنزل
من الألى ما احترقوا الدين لحل مشكل
كم حللت أهواؤهم ما ليس بالمحلل
وكم أذاعوا وافتروا على النبى المرسل
واتخذوا من دينه القيم شتى الحيل
لكى تعيش حفنة أكراشها لا تمتلى
من كل من لولا هوى مستعمر لم يصل
ولم ينل غير الذى ترمى ثقوب المنخل
لكنها سياسة ذات رتاج مقفل
إلا لمن يمدها منه بحبل موصل
وينحني فى بابها انحناءة التسول
ليشتري منصبه بالوطن المكبل
بكل ما يملك من ماض ومن مستقبل
بالشعب. ما الشعب سوى قطيع ضأن مهمل !
ببائس بمعدم بثاكل بمعول
بساعة يصرفها فى حكمه المزلزل
لله يا شعب الألى مدوا رواق الأزل
فى بابل و (نينوى) وفى عهود الرسل
وفى تراث خالد كان رواء المجتلى
وأمة كم هدرت بصوتها المجلجل
ما للفراتين يسيلان على تمهل ؟
وفى الضفاف (شوكة) تحز كل مفصل
جاء بها فى غفلة عهد الولاة الأول
فأوغلت ممتدة فى القطر شر موغل
ولن تزال هكذا تصيب كل مقتل
ما بقيت (حثالة) فى مأمن وموئل
تسود شعبا جائعا من الحفاة العزل !
فيالجرح ناغر فى الشرق لم يندمل
وأمة حائرة من عيشها فى مجهل
يحكمها من لم يكن منها ومن لم يسأل
فمن ظلام مدبر إلى ظلام مقبل
وفترة ضاق بها كل أديب أمثل
ولم تدع من أمل لشاعر مؤمل
أما لفجر باسم من رعشة فى المقل ؟

