عزيزي هيكل حوار ناعم صاغته أناملكما القديرة. وحجاج ذو غمزات تواثبت فيه من كل جهة مع يراعاة الربيع، مهبات الصبا ونفحات النرجس. إن ما نثرتماه على طريق القراء أشبه "بأقاحي الخميلة وحريرها" ولكنى لهذا خفت أن يكون ما بين طيات النرجس وتحت الحرير نفاثة طائشة، من حشرة ساهية تضرب ما بين الدعاب البرىء، فتصيب من غيركما مقتلا للهوى أو ميلا وليدا للفن.
بل خفت على رغم ما صرحت به، أن تعود فتعتصم من الغلط. اغلط يا صديقي هيكل - بل يا صديق قرائك، إذ لا معرفة بيني وبينك إلا ما بلغني من فيض قلمك - اغلط وأكثر من الغلط الموهوم. وكسر من هذه القيود التى كسر بعضها من قبلك طه.كسرها لنفسك ولنا. كما كسرها لنا وله- وأعلن، أعلن عن جهدك، عن كتبك، فاسمك للقراء شعر موسيقي يتهلل له الضمير المسجون. أعلن لنعرف نحن، قريبين أو بعيدين، أن منا رجال العمل والتفكير. أسمك مجد لقارئيك وللعربية- كلا! لست بذلك أمريكيا، فأرباب القلم أجمعوا أن يكون لهم جمعيات ومجلات ومشروعات عدة لمجرد الإعلان الأدبي فى أقطار العالم المتمدن.
أسلوبك شائق، عباراتك كصفوف جيش أعدت للهجوم. أفكارك تلتهب ما بينها التهاب القنابل: هذا جيشان نفسك المزدحم! أكثر من شخصيتك، أسكب نفسك كأنوار الشمس، يتلذذ بالحياة العلمية والوطنية فيها من يقرؤك. إن أغلاط أكابر الكتاب هى صك تحرير النشء الصاعد.
بيروت
والرسالة تسأل السياسة : أهذا الكتاب الرقيق على ما فيه خير أم ذلك الخزى الذى نشرته يوم الاثنين فأهانت بنشره اللغة والأدب والذوق والعراق ؟!
