بعض مشاكل الثقافة المغربية في القرن السابع عشر ميلادى ، نشر لاهاي ، باريس ١٩٥٨
يتعرض الاستاذ بارك فى هذا الكتاب الى حياة احد اعلام الثقافة المغربية التقليدية فى فترة ممتازة من فترات تاريخ المغرب ، فترة الازمة " المرابوتية التي عم سيلها البلاد واعطاها شكلا لم ينقرض بعد تماما . فأخذ يدرس حياة الرجل ومصنفاته - معتمدا خاصة على المحاضرات - ويدرس محيطه الجغرافي والثقافي ، ومذهبه وعلاقته بالسلطة الزمنية ، واثر التصوف فيه وفي بيئته . ومن خلال دراسته له يحاول المؤلف - محاولة مكللة بالنجاح ان ينفذ الى صميم الثقافة المغربية وتفاعل الجنوب والشمال فيها ، وتداخل التقليد والتجديد في مكوناتها فيلاحظ ان اليوسي كان من رجال الجنوب وانه لم يكن من ذوى التقليد بل من تلك الثلة التى وان كان قليلا عددها ، فهي لم يخل منها قط المغرب ، ثلة المجتهدين الذين يكونون شق المعارضة : معارضة النقل والتحجر الدينى ، ومعارضة السلط وتوجيه واضح النقد اليها احيانا . وخلال بحثه هذا ينظر المؤلف دائما الى المشاكل نظرة الاجتماعي فيفحص ويؤول ويقوم بمقارنات عمودية وافقية تذهب به من بوسوى Bossuetالى اليوسي ومن صوفية المسلمين الي متصوفي النصارى ، ومن التاريخ الى علم الاقتصاد فيضع هكذا الامور مواضعها ، وينير بعضها ببعض ، ويكشف عن سر دواليبها وخفي تأثيرها فى الحوادث ومظاهر الحضارة المغربية وما اكتسته من اشكال لا تفهم الاعلى نور مثل هذا التحليل . فقد وفق الاستاذ بارك ، من خلال دراسته لليوسى . ان يرسم لنا لوحة من لوحات تاريخ المغرب زمن السعديين . والدلائيين ، وبزوغ العلويين نحن في حاجة الى مثلها اذ هي تريحنا من تاريخ الحوادث والمعارك الصاخبة وتأخذ بيدنا فتكشف لنا عن ثقافة ومحركات مجتمع تدب فيه الحياة ويحيا مشاكل عقلية عديدة تدور فصولها فى جبال الشلوح المتمسكين بتقاليدهم ، وفى حلقات البرجوازية الفاسية الفاضلة العالمة المعلمة ، وفى القرى النائبة التى لها عقائد غريبة لم تزل بعد تماما . فهذه دراسة تلج طريقا جديدة خصبة صدرت على احسن شكل محلاة بخريطة عتيقة معاصرة لزمن اليوسى وبصور عديدة تزيد البحث وضوحا فهي صفحة طريفة تسجل حضارة البارحة وتشرح مغرب اليوم
