معنى الثقافه
إني إحدي الطالبات العراقيات ، لا ازال أواصل مطالعة اعداد الثقافة منذ أول صدورها بعناية وإعجاب ، يشاركني في ذلك كثيرات من اخواتي الطالبات . وإني لارجو من حضرتكم ان تنشئوا لنا فصلا في موضوع الثقافة ، تحددون فيه معناها ومصادرها ، وانماطها المختلفة ، وما يتصل بذلك . ولقد دفعني إلي هذا السؤال ما دار بيني وبين طائفة من الطالبات في تحديد هذه الكلمة ، فاختلفت الآراء وحمي وطيس الجدل ، فراينا ( مجلة الثقافة ) أولى من ينير لنا سبيل البحث في هذا الموضوع.
واسمحوا لي أخيرا بانتهاز هذه الفرصة ، لتقديم الثناء
المستطاب على ما تقدمون من خدمة جليلة لأبناء العربية . أدام الله جماعتكم ذخرا للعربية والثقافة العالمية ، ودمتم .
( بغداد)
( الثقافة ) تقابل الروح الكريمة التي عبرت عنها الأديبة العراقية بالشكر وعظيم التقدير ، وما تطلب إلينا ان نخصص له فصلا هو في الواقع تلخيص للمهمة التى اخذت مجلتنا على عاتقها اداءها ، وقد يتسع المجال يوما لإرواء غلتها فيها تطلب .
ولكنا نكتفي الآن بالإشارة إلي أن هناك قدرا مشتركا من العرفان والتنؤر يجب توافره فيمن يطلق عليه لقب ((مثقف)) وهذا القددر لن يكون أقل مما ينبغي له لكي يحس بأنه عضو فعال منسجم مع الحياة العصرية التي يعيش فيها ، يدرك آخر ما تطورت إليه مدنيتها ، ويتذوق أساليبها الفنية ، ويتابع فلسفتها ونظراتها العلمية متابعة من يدرك جملتها وبري مناحيها واتجاهها ، وإن لم يتغلغل إلي تفاصيلها ؛ فهذا الحد الأدنى من النور الذي يستضيء به الفرد في حياته العامة ، والذي يسبغ على وجوده معني " إضافيا " غير ما يكسبه من تجاربة المهنية وحياته الخاصة ، هذا القدر من العلم والفلسفة والفن بمعانيها الواسعة ، هو ما نسميه الثقافة العامة ، وهو ما نحاول في دراساتنا أن نصل إلي مفاتيحه وما نحاول في حياتنا الأدبية والعلمية بعد الدراسة ان نبني عليه ونكمله ونصله بالحياة الحاضرة ، حتى لا نتخلف عن قافلة المدنية ، التي تسير بخطي سريعة غير ملتفتة للقاعدين أو المتثاقلين .
سين الانتاج
هل هناك سن معينة يجب أن يخرج فيها الأديب أعماله الأدبية فلا يحاول أن ينتج قبل بلوغها ؟
ذلك هو السؤال الذي أثير أكثر من مرة بين كثير من كتاب القرب ؛ فكان من أشد المتحمسين لتحديد سن الانتاج المستر فورد مادوكس ، أحد الكتاب الانكليز ، فقد نادي بأن الكاتب يجب أن لا يخرج
عملا أدبيا قبل سن الأربعين ، وعلل رأيه بأنه في هذه السن تكتسب احكام الإنسان شيئا من الدقة وتتصف نظرته بالإصالة والسداد ، مما يعينه على ان يكون صادق الحس صادق التعبير .
ومن الغريب أن مستر ما دوكس كان أول من خرج على هذا الرأي ، فقد اخرج أول اعماله الادبية في سن العشرين ، وفي سن الخامسة والعشرين اشترك مع جوزيف كونراد الكاتب المعروف في عملين ادبين هما الوارثون " و " قصة غرام " .
وقد توفي مستر ما دوكس منذ ثلاثة أسابيع ، فكان مما لاحظه احد النقاد ان احسن أعماله هي التي ظهرت في الأعوام الأولى من حياته الأدبية ، أي قبل سن الأربعين .
تفسير جديد للقرآن
أهدئنا مجلة " الشهاب " التي تصدر بقسطنطينة بالجزائر عددها الخاص الذي اصدرته احتفالا بختم تفسير القرآن الذي نشره تباعا على صفحات المجلة ، حضرة منشئها الفاضل الأستاذ سيدي الشيخ عبد الحميد بن باديس .
وهذا العدد صورة صادقة للنشاط الأدبى ولسير حركة البحث والتثقيف الديني بالجزائر ، إذ أنه قد حوي وصفا
طريقا ممتعا للاحتفال الذي أقيم ابتهاجا بختم هذا التفسير بالجامع الاخضر ، واشتركت فيه شتي الوفود من مختلف انحاء الجزائر ، ثم نص الخطب والقصائد التي القيت في الحفلة الخاصة التي اقيمت لتكريم الأستاذ صاحب التفسير وتدل كلها على روح دينية سامية ، ونزعة إلي التقدم تبشر بمستقبل زاهر لهذا القطر الشقيق
و( الثقافة ) تشكر لمجلة الشهاب هديتها ، وتهنئ منشئها الفاضل علي مجهوده القيم لاعلاء كلمة الدين وتثقيف المسلمين ، ذلك المجهود الذي يظهر واضحا جليا في النموذج الذي قرأناه من هذا التفسير في هذا العدد ، وهو تفسير المعوذتين .
رابطة التربية الحديثة
رابطة التربية الحديثة هي هيئة دولية تقصد إلي تعميم التفكير الحديث في التربية وتغليب نزعاته وروحه على الحياة المدرسية في مختلف الشعوب ، وهي تضم كبار المشتغلين بالتربية وبحوثها التجريبية من جميع الامم ؛ وتسلك في تحقيق غاياتها سبيل عقد المؤتمرات المحلية والدولية ، ونشر البحوث والمؤلفات والرسائل في مختلف المشاكل التي تعترض المربين ، والقيام بالبحوث والتجارب وجمع البيانات والأحصاآت التي تساعد على الوصول إلي الحقائق من هذا الباب .
والفرع المصري لهذه الرابطة تكون منذ مدة لا تتجاوز عاما ونصف عام عقب زيارة المسيو يوفيه مدير معهد جان جاك روسو بجنيف ، فقد كان من اثر اتصاله بفريق من رجال التعليم في مصر ان تكون هذا الفرع واخذ يمارس ضروب النشاط التى تلقيها رابطة التربية على أعضائها .
وقد حرص الفرع المصري علي أن ينتحي في دراساته وبحوثه ناحية مصرية يعالج فيها المشاكل الخاصة بمصر ، ويحاول ان يجعل محور بحوثه الطفل المصري والمجتمع المصري ، وما تتطلبه الحياة المصرية من حاجات خاصة ، وأقرته الهيئة الرئيسية على هذه الوجهة.
وقد ابدي هذا الفرع خلال المدة القصيرة التي وجد (البقية على الصفحة التالية )
فيها إلي الآن نشاطا يبشر بأكبر الآمال فيه ؛ فنظم محاضرات عامة عالجت عدة مشاكل خاصة بالتعليم في مصر ، كمشكلة الامتحانات والمدرسة الريفية ؛ وراي ان يتابع نشاطه في هذا الصيف بتنظيم دراسات صيفية لأساتذة المدارس بمدينة الإسكندرية ، أعد لهما برنامجا حافلا بأهم ما يجب على المدرس الإحالة من شئون التربية ، فخصص قسم من هذه المحاضرات لعرض الاتجاهات الحديثة في التربية والعناصر التي يجب أن تستكملها المدرسة الحديثة والروح الذي يجب ان يسودها ، وخصص قسم آخر لدراسة بسيكولوجية الطفل وبسيكولوجية المراهق ، وما يمكن ان يستفاد من هذه الدراسات لبناء العلاقة بين المعلم والمتعلم علي اساس سليم كفيل بخير الانتاج . وعني بصفة خاصة بالتربية الخلقية ووسائل تحقيقها في المدارس . وعالجت بعض المحاضرات
مشكلة تعليم اللغات ، كما درست علاقة المدرسة بالمجتمع وما يجب أن تكون عليه تلك العلاقة حتى يكمل إعداد الطفل لبيئته التي سيعيش فيها .
وقد ختمت هذه المحاضرات بحفلة حضرها حضرة صاحب المعالي وزير العارف ، وتكلم فيها منوها بتقديره لجهود الرابطة ، كما حاضر المجتمعين في نفس الليلة حضرة صاحب العزة وكيل المعارف في رسالة المعلم ، وقد بسط في تلك المحاضرة المهمة السامية الملقاة على عاتق المعلم ، والواجبات التي يجب أن ينهض بها تحقيقا لهذه المهمة .
وقد كانت هذه الدراسات موفقة كل التوفيق فيما رمت إليه ، وخطوة إيجابية نافعة في تحقيق أغراض الرابطة
و " الثقافة " تهنئ الرابطة وأعضاءها وعلي رأسهم الدكتور الكرداني بك رئيس الفرع المصري بهذا النشاط ، وترجو للجماعة دوام النجاح واطراد التقدم .
