طالعتني من روضة الرسالة الفيحاء كلمة الأديب الأزهري المتوثب محمد القاضي خليل الموجهة إلى شخصي، وفيها الثناء
الكريم والشكر المحمود والظن الجميل؛ ومع تقديري للدافع النبيل الذي دفع بالأديب إلى هذا الشكران والتعليق، أهمس ف أذنه بأنه استخلص من حديثي ما لم أرده، وحمل عبارتي عن المؤلفات الأزهرية ما لا تحمله، إذ ظن أنني أعتبر هذه المؤلفات الجديدة هي غاية القصد والمراد من شيوخنا الإجلاء، وأعلام نهضتنا الأزهرية المرموقة، مع أن ذلك لم أرده ولم أقله؛ فعنوان المقال: "الأزهر في مفترق الطريق" يدل على أن الأزهر لم يبلغ بعدما يريد وإن كان يسير، ولهجة المقال كله تنادي بالقول بأن الأزهر حائر مضطرب مزلزل الخطا، لا تزال في دور الانتقال، ولا يزال يتعرض لمحنة الذبذبة بين القديم والجديد. وقد أقمت من الشواهد على ذلك ما أقمت، ثم عرضت لموضوع الكتب الأزهرية عرضاً سريعاً موجزاً، ذكرت قيه أن كتباً جديدة قد ألفت بأفلام أزهرية، وأن هذه الكتب فيها بعد قليل على الأمد، ويطيب عندها قطف الثمر والاستمتاع بالحصاد؛ ولعله من العسير - إن لم يكن من المستحيل - أن تطلب إلى أسير ظل مقيداً أجيالاً طويلة ان يفك قيوده فى سرعة وعجلة ، ثم ينطلق عقيب فكها مباشرة في عدو وجرى متتابع! ليس هذا من سنن الحياة أو الأحياء في شيء!
وإذن فلنعتبر - كما حاولت أن يفهم القارئ من كلامي السابق - هؤلاء السابقين من المؤلفين رواداً يكشفون لنا الطريق، ولا يعيهم أبداً أن تكون لهم عثرات أن هفوات، أو تؤخذ عليهم ملاحظات، أولاً يقسم عملهم التأليفي بالكمال والتمام، فإنهم جنود الطليعة، وهم بلا شك يتعرضون لمعاطف الطريق وفجاءات السبيل.
والمهم هنا أيها الشبل المتوثب أن يتصل سبب الإنتاج والإخراج والتحسين والمضي إلى الأمام، وحينئذ تنتهي فترة الانتقال والاضطراب، وتبدأ مرحلة الاستقرار والبناء!
إن الأزهر من دعائم دين الله في أرضه، ولعله اليوم أقواها وأعلاها، فلنحطه بالرعاية والعناية ودسن التوجيه، بله أن نتطاول عليه بصريج الهجوم وعنيف التحطيم، وكان الله للأزهر!

