الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 262الرجوع إلى "الرسالة"

بين العراق ومصر

Share

سيدي الأستاذ الجليل صاحب الرسالة لكم تألمت حين قرأت في (الأهرام) وغير الأهرام وسمعت  من إخواننا المصريين ما كتبوا وقالوا في تأويل حادث الدكتور  الشهيد سيف رحمه الله. وكم وددت أن أكتب كلمة في الموضوع  أبعث بها إلى الرسالة أدفع فيها عن العراق وأبين عن وجه الحق،  ثم ظننت أن الرسالة تضيق عن مثل ذلك صفحاتها فترددت،  حتى طلعت علينا يا سيدي بمقالتك البليغة التي قطعت قول كل  كاتب وخطيب، فسرني منها ما يسرني من كنز أقع عليه، أو أمل  أصل إليه، وشكرتها لك أنا وأصحابي، شكر الله لك سعيك وجزاك  خيراً، فلقد ذدت والله عن الحق حين ذدت عن العراق،  ولقد  شهدت شهادة الحق بما رأيت في العراق وهذه شهادة أخرى، أشهدها بالله ولله، أن قد عشت في العراق

وهذه شهادة أخري، أشهدها بالله والله، ان قد عشت فى العراق سنة، كنت فيها مع التلاميذ أخاً بين إخوان، لا مدرساً  بين تلاميذ، فما رأيت إلا كرماً ووداً، ووفاء وتقديراً، ورقة  في الطبع وسموًّا في النفس. ولقد كنت على أن أكتب ذلك  من أمد طويل، فكان يمنعني أن الناس يظنون بكل صاحب ثناء  رهبة أو رغبة، وما بي رغبة ولا رهبة، وإنما بي حب العراق  وإجلاله كحبي لمصر وإجلالي إياها

وأشهد لقد عرفت هذا الطالب في العام الماضي طالباً في صف  البكالوريا فعرفت فيه الفتى المهذب الوديع، فلما سمعت بفعلته  التي فعل، بلغ مني العجب، ولم أرد ماذا حاق به بعدي؛ ثم  سألت وتحسست الأخبار فعلمت أنها صدمة (الرسوب) طارت  بلبه ولم يطق عليها صبراً (والصبر عند الصدمة الأولى) وتملكته  حال لو رأى معها أباه لقتله، فعزم وأمضى عزمه في لحظة واحدة

فهل يلام في شرع أو عرف من ذهب اليأس بلبه فمضى يفعل  فعله من غير لب؟ وهل تؤخذ بجريرته هذه الأمة الحبيبة الوفية  المسلمة العربية، وهل تنسى حسناتها كلها لشبه إساءة؟ لئن يكن الفعل الذي ساء واحداً ... فأفعالها اللائى سررن ألوف

وهل لنا (نحن معشر العرب المسلمين) إلا العراق ومصر؟  هناك العروبة منشورة اللواء، وهنا الإسلام رفاف العلم، بل  هنا وهناك العروبة والإسلام. لقد أسمعتنا هذه الأمة الطيبة،  وهذه الحكومة العربية المسلمة، صوت الإسلام يخرج (في  أسبوع المولد) من (محطة) بغداد فتتجارب به أرجاء هذه  الكرة، ولقد سمعنا الكلمة من كل مصري في مصر. أفتفصم  عرى هذه الأخوَّة التي عقدتها يد الله من فوق سبع سماوات  فعلة شاب يائس؟ هل يمكن أن يفرق شيء بين الأمتين المسلمتين  الحبيبتين، أمة الملك الصالح فاروق زين شباب المسلمين، والملك  الماجد غازي فخر شباب العرب؟

لا والله، إلا أن تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟

فرحمة الله على الدكتور سيف البطل الشهيد، وعلى الطالب  القاتل البريء، وعزّى الأمتين الشقيقتين، بل عزّى الأمة  المسلمة (الواحدة) على ضفاف النيل وشواطئ الرافدين، وزادها  عزَّا ومجداً و (اتحاداً) (دمشق)

اشترك في نشرتنا البريدية