أطلتم عليه في الظلام شجونه ... وفرحتمو في الكهف نوماً جفونه
فلا تحسبوها رقدة الفجر من بعض دينه ... أعد لهذا الفجر يوماً عيونه
أليس آذان الفجر من بعض دينه ... فكيف غفلتم أن يلبى دينه؟
هو الصبح نادى بالجلاء مبشراً ... وقد أسمع الدنيا أما تسمعونه؟
دفعتم به نحو الرقاد. . . وإنما ... إلى المجد كنتم والعلا تدفعونه
تريدونه أن لا يكون كأمسه ... ويأبى عليه المجد أن لا يكونه
مضى لا تصد الكارثات سبيله ... ولا تستريب الحادثات يقينه
هو الحر لا تلوى العوارض قصده ... ولو تقف الدنيا العريضة دونه
فككتم عن الليث الهصور وثاقه ... وكنتم على الليث اقتحمتم عرينه
وحجتكم فيما مضى صون عرشه ... فمن هو أولى منكما أن يصونه
إذا الليث لم يمنع ذمار عرينه ... فأن الذئاب الطٌّلس لا يمنعونه
إذا ما أعان المرء في الأمر نفسه ... فما يمنع الأقدار من أن تعينه؟
ومن مد للدنيا يمين مكافح ... يمد له الله القوي يمينه
ظننا الجلاء الحلو مراً مذاقه ... وما الأمر ألا حيثما تجعلونه
ومن أعظم الأمر الجليل تهيباً ... فأحزم شيء بعدها أن يهينه
إذا استصعب الأمر الفتى في ابتدائه ... فأحرى به من بعد أن يستهينه
بني مصر حملتم أمانة أمة ... وما العبء إلا كل ما تحملونه
فما الفوز بالشيء الذي تأخذونه ... ولكنه الشيء الذي تبذلونه
حملتم من الماضي الصعاب كثيرة ... فهيا احملوا صعب الزمان ولينه
وما ذلك الثوب الذي تخلعونه ... بأيسر من هذا الذي تلبسونه
فما تبعات المجد أحلام حالم ... ولا هي بالتمر الذي تأكلونه
ومن يضمن استقلال مصر بأسرها ... إذا لم يجد في كل نفس ضمينه؟
فلا تحسبوا ثوب الجلاء تزيننا ... بشيء إذا لم نستطع أن نزينه
بني مصر!! غايات الحياة كثيرة ... فلا تهنوا في موقف تفقدونه
ولا تحمدوا عيد الجلاء. . وإنما ... أعدٌّوا غداة العيد ما تحمدونه
عليكم ديون للبلاد كثيرة ... رعى الله من وافى فوفَّى ديونه
فلا تجعلوا لحن الخلود قوافياً ... تنمِّق أبكار الكلام وعُونه
فليس نشيد الخلد ما تنظمونه ... ولكن نشيد الخلد ما تصنعونه

