١- النقانق :
قرأت فى ص ١٨ فى الحاشية ؛ هذا الكلام شرحا للتقائق : (( لم نجد هذا النوع من الطعام فيما راجعناه من الكتب )) .
قلنا : وردت النقانق بهذه الصورة فى الأغانى طبع بولاق (٦١:١٠) .
قال : نقانق مطرف (( بالخردل )) وفى رواية : الهانق ولقالق .
والكلمة لاتينية مما لاشك فيه . قال دوزى : النقانق باللاتينية Lucanica لما قلنا : وهو إذا اتخذ هذا التعبير . فإنه يريد أن الكلمة لاتينية . وهو يفعل ذلك فى كتابه كله ، ولا يخرج عنه . والمفرد يكون بضم الأول وفتح النون ، أو بضم الأول وكسر النون والجمع نقانق بفتح الأول والثانى وكسر النون الثانية ، كما يقال جوالق فى جمع جوالق .
والأشهر فى النقانق : اللقانق ، أى بلام فى الأول لا بنون ، وهو المعروف عند مولدى العرب . أما النقانق بالنون فلا يعرفها إلا العوام أو من جاراهم فى أوضاعهم .
أما الذى ورد فى الأغانى بالنون فمن النساخ ، لا من الأصل . أو من باب الإبدال ، وهو جائز . قال فى ( شفاء العليل ) : (( اللقانق اسم لأحد الأمعاء ، وبه سمى الغنم المحشو المقلى . )) ٥١ . والكلمة اللاتينية معروفة منذ أقدم الزمن . فقد ذكرها كيكرون المتوفى سنة ٤٣ للميلاد ، وكان قد ولد قبل التاريخ المسيحى ، وعلى رأى بعضهم : فى سنة ١٠٦ ق . م ، بصورة Lucanicis مجموعة فى حالة المفعول له . وذكرها بعده
مرتياليس Martialis المتوفn عام ١٠٣ ، وذكرها بعده بابينوس ستاكيوس أوستانيوس Papinius Statius وقد ذكرنا فى مجلة مجمع اللغة العربية الملكى . ج ٣ : ٣٠٢ إلى ٣١١ ما يكفينا المؤونة من إعادة النظر فى هذا الحرف الدخيل فى العربية ، فليراجع إن أحب الباحث .
٢ - الفوقى لا الموفى ولا الموتى والأحسن الفوقى :
وورد فى الجزء الأول ص ١٧٦ س ٣ : فى البحر حوت يقال له : موفى( كنا . ولم يضبط ) ، ضعيف الجسد ، قليل القوة ، إذا جاع خرج إلى الشاطئ ، فاستلقى على الرمل ، فأقام شوكة فى رأسه . . .)) إلى آخر الكلام .
وليس فى لغة من لغى العالم حيوان أو حوت هذه صفته بهذا الاسم . والكلمة من اليونانية Pholoe وبالفرنسية Phopue، ونقلها العرب بصورة فوقى ، لكنهم صحفوها بجعل الفاء الأولى قافا فقالوا قوقى ، وكان أول وضعها لليون أو حيوان ذى ثدى ، سمى بعد ذلك بزمن طويل : البقرة البحرية . وهو الذى سماه الفرنسيون باسم آخر هو : الدابة الطويلة الناب ، ولم يقولوا : الطويلة النابين ، مع أن لها نابين ؟ وبالفرنسية La Bete crande Dent، لأنه يخرج من فكها الأعلى نابان كبيرتان تتجهان إلى الأسفل . وقد يبلغ طول الواحدة منهما سبعين سنتيمترا ، وببلع طول الداثة نفسها خمسة أمتار ، وهو يشبه فى عاداته سائر الحيوانات التى يطلق عليها اسم الفواقية (١) Phopues ولكن العرب أطلقوها بعد ذلك على كل حيوان ترى فيه سن أو ناب ( ٢ ) طويلة . والمراد به هنا المسمى بالفرنسية Morse وبالإنجيزية Walrus ، وبلسان العلماء Trichecus Rosmarus وهذه الدابة
لا تؤذى أحدا . أما إذا تعرض لها الإنسان ليقتلها ، أو يؤذيها ، فإنها تهجم عليه هجوما فظيعا دفاعا عن نفسها ، وتنشب فيه نابها ( أو كما يقول بعضهم : شوكتها أو سنها ) لتقتله .
وقد وصف الدميرى هذا الحوت كما وصفه التوحيدى ، قال :
(( قوقى ، بضم القاف الأولى وكسر الثانية : صنف من السمك عجيب جدا . على رأسه شوكة قوية يضرب بها . حكى الملاحون أن هذه السمكة إذا جاعت رمت نفسها إلى شىء من الحيوان ، فيبتلعها ؛ مع إنها تضرب بشوكتها أحشاءه حتى تهلكه ، وربما تخرج من شق بطنه تخذى منه هى وغيرها . وإذا قصدها قاصد فى الماء تضربه بالشوكة فيهلك . ولعلها تضرب السفيلة بالشوكة فتخرقها ، وتغرق أهلها ، ونأكل منهم . والملاحون يعرفون ذلك ، فيجعلون على السفينة جلد تلك السمكة ، فإن شوكتها لا تعمل فيه كذا قال القزوينى (١) )). اه بحروفه .
وأما من ادعى أنها المسماة بالإجليزية Narwnal له فلا يمكن ، لأنها لا تلقى نفسها على الشاطئ ، ولا يمكن أن تدخل بطن حيوان بحرى ، لأن سنها طولها ثلاثة أمتار ، فأى حيوان يستطيع أن يحوى فى بطنه نابا بهذا الطول ثم إن هذه الرواية بهذه الصورة ملفقة ، إذ لا يوجد سمك بهذا الوصف . أما الحقيقة فهى أن الحوت المذكور هنا هو المسمى Morse ثم أطلق على كل حيوان مائى ذى سن بارزة أو ناب طويلة ، وهى كثيرة ، وذلك جهلا أو من باب التعميم . فتأمل .
