جاء في مقال الأستاذ المحقق اللغوي الفاضل أحمد يوسف نجاتي (تصحيح تصحيف وتحرير تحريف) وذلك في العدد (٧٩٣) من الرسالة الغراء ص ٢٠٣٩ قوله (ومن التحريف أو التصحيف أو خطأ الطبع في ذلك الكتاب القيم (ظهر الإسلام) ما في بيتي أبن المعتز صفحة ٢٦:
أما ترى ملك بني هاشم ... عاد عزيزاً بعد ما ذلا
يا طالباً للملك كن مثله ... تستوجب الملك وإلا فلا
(ولعل صاب القافية في البيت الأول (بعد ما ذللا) لأن القصيدة من بحر السريع من عروضه الأولى المطوية المكسوفة التي ضربها مثلها على وزن فاعلن، وعلى ضبط (ذلا ) بسكون الضرب في البيت وحده وأسلم ( على وزن فعلن ) وهو ضرب آخر لهذه العروض لا يجمع بينهما).
وأقول: إن أبن المعتز حين قال أبياته ما كان ينظر أو يلتفت إلى (العروض) بقدر التفاته إلى المعنى المراد تأديته على الوجه المطلوب. فهو حين أورد (عزيزاً) في شطره الثاني أعقبه وقابله
بضده الذي هو الذل (ذلا) وبه تمام المعنى، وإن خانه المبنى. وفي المأثور (ارحموا (عزيز) قوم (ذل ) ) .
ولو افترضنا صحة تصويب الأستاذ (بعد ما ذللا) معنى، لما كان ثمة موجب للتشبيه بالمثل في البيت الثاني حتى يستوجب الملك طالبه. أو يستأهل الدر حالبه!
وفي موضع آخر يقول. . . وفي صفحة ١٨٤ البيت:
أنت إذا جدت ضاحك أبداً ... وهو إذ جاد باكي العين
(لعل الصواب (دامع العين) برفع دامع خبر المبتدأ هو). وأقول: البيت صحيح بصورته وزناً ومعنى، وظهور حركة الفتح على الياء من (باكي) لا يفيد الحال وإنما الرفع مكانها على أنها خبر المبتدأ هو، والاستثناء الشعري يجيز إظهار حركة في غير موضع حركة، كما يجيز حذف حركة من موضع جوازها، كقول من قال:
يا باري القوس برياً لست تحسنه ...
لا تفسدنها وأعط القوس باريها
هذا، والأستاذ - في البيت السابق - لم يلتفت إلى المقابلة اللطيفة بين (ضاحك وباكي) واستعاض عن البكاء بالدمع، وإن كان الدمع من دلائل البكاء.
وبعد فالذي رأيناه أثبتناه، والله الموفق إلى الصواب والسلام.
(الزيتون)

