الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 239الرجوع إلى "الرسالة"

حرب الأثير

Share

يشهد العالم اليوم أغرب حرب عرفت في التاريخ فهي ليست  صراعاً بين الجيوش والقوى المادية، بل هي صراع بين وسائل  الدعاية لغزو أعظم حشد ممكن من العقول والقلوب. ولم يبق  الراديو أداة للدعاية القومية أو المحلية فقط بل غدا أداة للدعاية  العالمية يرسل أمواجه فيما وراء البحار إلى مختلف الأمم؛ فمن محطة  باري الإيطالية تسمع الأمم العربية منذ أعوام خطباً عربية في  مختلف الشئون وتسمع أنباء العالم بالعربية وتسمع الموسيقى العربية؛  ولم يكن القصد من ترتيب هذه البرامج العربية في محطة إذاعة  أوربية إمتاع الأمم العربية فقط أو تحري غايات ثقافية، بل  رتبت بقصد التأثير في عقول السامعين وتوجيههم إلى ناحية معينة  من التفكير السياسي. ومنذ أسابيع قلائل أنشئت في لندن محطة  للإذاعة العربية تنحو نحو المحطة الإيطالية في إذاعة الخطب  والمحاضرات والموسيقى العربية من العاصمة الإنكليزية؛ ومن أنها  أنشئت في الحقيقة لمقاومة الأثر الذي تحدثه محطة باري في نفوس  الأمم العربية، فإنها لم تسلك سبيل الدعاية المفرقة، على أنها تؤمل  على أي حال أن تلطف من هذا الأثر الذي اعتبر في لندن ضاراً  بهيئة إنكلترا وسمعتها في الأمم العربية. والذي يلفت النظر في أمر  هذه الحرب الأثيرية الغريبة هو العبرة التي يمكن للأمم العربية  أن تستخلصها منها؛ فهي في كلتا الحالتين الميدان المختار لأحداث  الأثر والآثار المنشودة، وهي المقصودة بالتوجيه والتحريك،  ولا ريب أن الأمم العربية ليست من الغفلة بحيث يفوتها هذا  الاعتبار

اشترك في نشرتنا البريدية