الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 585الرجوع إلى "الرسالة"

حول (الحب عند المتنبى) (1)

Share

تساءل الأستاذ حسن الأمين: هل أحب المتنبى وهل أحس  بلواعج الغرام؟ وأراد فى جوابه أن يقول، إنه لم يحب، ولم يحس بلواعج  الغرام، واستشهد بشيء من شعر المتنبي. وأريد أن أقول إن  حب المتنبى يكاد يكون لغزاً مستعصياً على الحل. ولست الآن  بصدد إثباته أو نفيه، غير أنى أريد أن أستأذن الأستاذ  حسن الأمين فى ألا أوافقه فى أن ما استشهد به من شعر المتنبى  يؤدى إلى النتيجة التى وصل إليها. بل فى بعض ما يدل على  خلاف رأى الأستاذ. وهاكم البيان ١ -  فهم الأستاذ من قول المتنبى:

تحملوا حملتكم كل ناحية ... فكل بين على (اليوم)  مؤتمن

فهم أنه (لا التهديد بالرحيل، ولا الوعيد بالهجر استطاع  أن يلين قلبه ويميل به إلى الهوى)

وكلمة اليوم فى البيت التى وضعتها بين قوسين تدل بوضوح  على أن المتنبى كان يحب، وأنه يريد بإصرار وقوة أن يتوب من  هذا الحب. فيقول. انتهى عهد الحب واليوم أصبح البين  مؤتمنا على لا يؤثر سقماً ولا هما ٢ -  وإن قال المتنبى   (محب كنى بالبيض الخ)  إلا أن  قوله عدمت فؤاداً لم تبت فيه   (فضلة)  ...

لغير الثنايا الغر والحدق النجل يدل على أنه يريد أن لا يكون قلبه قاصراً على حب  النساء، بل يجب أن يكون فيه (فضله)  لغير حب النساء.  فظاهر من هذا أن المقام الأول هو لحبهن، والفضلة لغيرهن

٣ -  قول المتنبى   (وما العشق إلا غرة وطماعه)  وقوله:    (مما أضر بأهل العشق أنهم) ، وأمثاله، لا يدل على أنه غير  عاشق. بل هو أقرب إلى أن يدل على أنه عاشق برح به العشق  وكوى كبده، وذاق حلوه ومره، لكنه رجل غلب عليه  العقل وقوة الإرادة، فهو يريد أن يداوى نفسه من عشقه بمثل  هذه الأقوال، وكثير ممن جربوا الحب وخابوا فيه أو لم يصلوا  إلى نتيجة رجعوا على أنفسهم باللوم وعلى الحب بالتنقيص

٤ -  وأما الأبيات التى ادعى فيها العشق؛ فأنا أفرض مع  الأستاذ أنها لا تدل على العشق، كما يقول المتنبى نفسه    (أكل فصيح قال شعراً متيم؟)  إلا أننى لا أستطيع أن أمر  بأشعاره المشتملة على العاطفة الصحيحة من مثل قوله: (ما لاح  برق أو ترنم طائر)  إلى آخر ما ذكره الأستاذ فى هذا الصدد.  أقول لا أستطيع أن أمر بهذا، دون أن أشعر بأن المتنبى كان  محباً صادقاً

٥ -  الحب عاطفة إنسانية أصيلة لا يحرمها إلا من مسخ  قلبه، ولا يكون المتنبى - وهو من هو - كذلك، فهذا  وحده كاف للتدليل على أن المتنبى أحب، وأنه أحس بلواعج  الوجد، وتباريح الغرام. والآن آن أن أقول إن اللغز فى حب  المتنبي، ليس هو الحب نفسه، ولكن من هو الشخص الذى  أحبه المتنبى. وقد أجاب عن ذلك الأستاذ محمود محمد شاكر.  ببحث فيه مجال للبحث.

(اللد - فلسطين)

اشترك في نشرتنا البريدية