الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 677الرجوع إلى "الرسالة"

حول ترجمة (المقامر) لدستويفسكي

Share

قرأت في عدد مايو من مجلة المقتطف نقداً لقصة (المقامر) التي نقلتها إلى العربية ونشرتها دار الكاتب المصري. ولقد  كان أسلوب الكاتب في نقده جديراً بأن يصرفني عن الرد عليه،  لولا أن هناك أموراً أريد أن أقررها لمن يعنون بالأدب الروسي  من قراء العربية.

لقد تناول الناقد ترجمة كونستانس جارنت الإنجليزية، وترجمة  ألمانية لم يذكر كراسم صاحبها، وظل يداول بينهما اشهراً حتى حصل  على اختلاف يسير بينهما وبين ترجمتي، فصاغه في أسلوب القدح  والنبز، وظن انه قد هدم القصة والمترجم. والحق انه كان .(هجاء)   بارعاً، فعادى بين المترجم والناشر، وكاد يوقع بينهما المؤلف.

هل يعني الأستاذ الناقد أن ترجمة المقامر ليست ترجمة مطابقة،  وإنما هي ترجمة مقاربة؟ ومن ذا الذي يدعى أن ترجمة كتاب  روسي عن الفرنسية أو الإنجليزية ترجمة مطابقة؟ أنني سيدي  الناقد لا اقدس الأوربيين كما تقدسهم، فقد نقلت عن ترجمتين،  كما راجعت أنت ترجمتين: أما أولاهما فترجمة هو جارث الإنجليزية،  وأما الثانية فترجمة البرين كامنسكي الفرنسي. وقد لقيت من  الجهد في التقريب بين الترجمتين ما يعرفه الناقد أن عنى نفسه بمثل  هذا العمل. لن تكون تراجمنا عن الأدباء الروس تراجم مطابقة  حتى ننقل عن الروسية، وهذا عمل لن نعتمد فيه على جيل قادم  بل سوف ننهض نحن به. فكثير أن ندعي لأنفسنا العلم بالأدب  الروسي ونحن نقلب بين أيدينا تراجم إنجليزية وفرنسية وألمانية .

وبعد ... فقد شاء الأستاذ الناقد أن يرميني بركاكة الاسلوب،  واستشهد بسبع عبارات عدها أخطاء لغوية، ويكفيني أن امثل  لهذه  (الأخطاء اللغوية) التي عثر عليها الأستاذ بعبارتين اثنتين.

فقد كتبت (نظر إلي باستعلاء)  فعدها الأستاذ خطأ، ونص  على أن صوابها   (متعالياً، أو في عنجهية)  وكتبت (تسمع  احتجاجي)  فعدها الأستاذ خطأ أيضاً، ونص على أن صوابها    (تأذن إلى استنكاري) . . . أما  (الأخطاء) الباقية فقد نتجادل  في صحتها إلى آخر الدهر، لان مرجعها رغبتي في التوسع،  معتمداً على التضمين أو حذف الخافض أو غيرهما من قواعد اللغة،  حتى يسهل الأسلوب ويلين، ويطوع لأكثرها ما في الأصل من  معان، ومن ظلال معان. أما الأستاذ الناقد فيؤثر التنوق  والاغراب، ويتفاصح بتخطئة الصحيح المقبول، ويعد من  لا يتنوق ولا يتفاصح مثله ركيك الأسلوب.

على أن مثار دهشتي أن الأستاذ وهو المتشدد في اللغة، قد  أرداه تنوقه فاستعمل كلمتين لا وجه لهما، ولا فائدة في الدلالة على  معنى خاص، فقال في أول مقاله   (ابهظته خيانة الزوجة)  وليس  في العربية إلا   (بهظه)  وليس في ابهظ معنى زائد. وقال في  أخره   (عد المعرب على عبارات المؤلف بالمسخ والتشويه والتقطيع)   والتقطيع - يا سيدي - كأخيه الابهاظ، لم تذكره كتب اللغة. هذا ما بدا لي في مقال الأستاذ، كتبه لأبين منهجي في  ترجمة هذا الأدب. واعرض عن لغو كثير.

اشترك في نشرتنا البريدية