الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 303الرجوع إلى "الرسالة"

حول مقال المبتدأ الذي لا خبر له

Share

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي جولات في ميادين العلم والأدب خرج في بعضها ظافراً أيما ظفر. . .

وفي العدد الماضي من الرسالة إحدى جولات الأستاذ في علم  النحو أساجله فيها والله أعلم أينا يكون له الظفر؟

درس الأستاذ علم النحو في هذا العام ودرج فيه - كما يقول - على عادته من إيثار تمحيص المسائل على ترديدها كما دوَّنها المؤلفون. أي كما يفعل كثير من الناس! ونحن نحمد للأستاذ طريقته هذه

لأننا نعتقد أنها الطريقة المثلى التي يعم نفعها وتجنى ثمرتها، ونأمل  أن ينتهجها كل من يتصدى لدراسة المسائل العلمية.

وكان مما محَّصه الأستاذ من مسائل النحو وخرج منه بنتيجة مسألة (المبتدأ الذي لا خبر له) وهو الوصف الذي له  مرفوع يغني عن الخبر في مثل قول ابن مالك: أسارٍ ذانِ.

ومجمل بحث الأستاذ في هذه المسألة أمران خرج منها  إلى نتيجة، ووضع قاعدة جديدة في علم النحو.

الأمر الأول: مؤاخذة النحاة في إعرابهم الوصف في مثل هذا الموضوع مبتدأ (لأن المبتدأ - في الجملة الاسمية - هو المحكوم  عليه، والوصف هنا في مقام الفعل فليس محكوماً عليه وإنما هو محكوم به.) هذا تعليل الشيخ؛ وإن كنت لم أفهم معنى لتقييد  المبتدأ بكونه - في الجملة الاسمية -

فهو يرى أن المبتدأ لا يكون إلا محكوماً عليه والذي نعرفه  من كلام النحاة في تعريفهم للمبتدأ أنه يكون محكوماً عليه في مثل:  العلم نافع، ويكون غير محكوم عليه في مثل ما نحن بصدده. وهذا هو تعريفهم للمبتدأ: (المبتدأ هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية: مخبراً عنه  أو وصفاً رافعاً لمكتفى به)

والمعنى الذي أدركه الشيخ في المثال (وهو أن الوصف قائم  مقام الفعل فهو مسند لا مسند إليه ومحكوم به لا محكوم عليه)  هذا المعنى الذي يبدو أن الشيخ قد انفرد به لم يهمله النحاة  فقد قالوا في شرح التعريف المتقدم ما خلاصته: ليس معنى اكتفاء الوصف بالمرفوع عن الخبر أنه ذو خبر أغنى المرفوع عنه لأن الوصف هنا لا خبر له أصلاً لقيامه مقام الفعل والفعل لا خبر له

الأمر الثاني : قاعدة وضعها الأستاذ وهى انه كلما كان هناك مبتدأ كان هناك خبر . ومن الواضح أن هذه القاعدة لم تنشأ إلا من حصر المبتدأ فى المحكوم عليه كما فعل الشيخ . وبالنظر فى التعريف المتقدم يعرف أن الصواب أن تكون القاعدة هكذا: كلما كان هناك مبتدأ كان هناك خبر أو فاعل يغنى عن الخبر ومعنى انه مبتدأ فى هذه الحالة انه اسم مجرد من العوامل اللغظية:

الأمر الذي استبعده الأستاذ بحجة أنه لا نظير له لأن النحاة لم يسموا الشيء فاعلاً إلا إذا كان فاعلاً في المعنى، وهكذا

ونحن نقول له إن هذا مسلم. وهم كذلك لا يسمون الاسم  مبتدأ إلا إذا كان مبتدأ في المعنى أي إلا إذا كان اسماً مجرداً من العوامل اللفظية وهو إما مخبر عنه أو وصف رافع لما يغني عن الخبر وإنما يكون معدوم النظير إذا أنحصر معنى المبتدأ فيما قال الشيخ

والنتيجة التي وصل إليها الأستاذ من تمحيصه لهذه المسألة  أن مثل هذا الوصف لا يسمى مبتدأ، بل يسميه الشيخ اسم فاعل أو اسم مفعول لتجرده من العوامل اللفظية. كما استثنوا اسم الفعل مع تجرده من هذه العوامل فلم يسموه مبتدأ. والمعروف أن اسم الفعل إنما استثنى مع تجرده من العوامل لأنه ليس واحداً من  النوعين اللذين يكون منهما المبتدأ، لأنه قائم مقام لفظ الفعل على الصحيح؛ وأما على الرأي القائل بأنه قائم مقام معنى الفعل فهو مبتدأ مستغن بمرفوعه عن الخبر كاسم الفاعل في مسألتنا

وبعد. فهذا ما أردت أن أعقب به على كلام الشيخ وأرجو أن أكون قد وفقت فيه كما أرجو أن يتقبله الأستاذ بما يجب أن يكون عليه من يتصدى لتمحيص المسائل العلمية بغية الوصول إلى حقائقها.

والسلام على الأستاذ ورحمة الله

اشترك في نشرتنا البريدية