أنشئ من نحو عامين بمدينة الأقصر مسجد من أفخم المساجد وأعظمها رونقاً وهو تحفة نادرة المثال، فقد تواءمت فيه قداسة الدين وروعة الفن فكان آية ناصمة تنم بوضوح عن سمو ذوق متشئية سواء من اختمرت الفكرة في نفوسهم ومن أبرزها في عالم الحس، والعيان فهم جميعاً أحرياء بالشكر جديرون بأبلغ الحمد والثناء. ولئن كانت مدينة الأقصر بمظاهرها الفخمة وآثارها العظيمة ومعابدها الكثيرة وذكرياتها الحافلة بالمسجد إلا إنها قد ازدانت بهذا المسجد وازدادت به روعة وجمالاً، وذلك المسجد على ما به من مهابة وقداسة وما اجتمع إليه من جلال بهاء، معطل لم تقم فيه شعيرة من شعائر الدين؛ لأن جهات الاختصاص تتهرب عنه وتتبرأ منه، فوزارة الأوقاف لا تقبل الأشراف على إدارته لأنه لم تحيس عليه أعيان تتقي غلاتها بنفقاته ولا شيء من ذلك. ووزارة التجارة والصناعة وهي التي أنشأته و انفقت في سبيل إنشائه نحواً من أربعين ألف جنيه لا تقبل أن تتحمل نفقات إدارته؛ وحسبها فيما يقال أنها أنشأته وأضافت به إلى مدينة الأقصر مظهراً من مظاهر التجميل والتحسين. ولقد اصبح المسجد حيران متعطلاً عنه بقرض وزارة الأوقاف ٣٤٥٢١
والخيرات، وتجفوه وزارة التجارة والصناعة وهي أمه التي أنشأته وتربى في كنفها وتلته بالرعاية، فلما أكتمل بناؤه واستقام صرحه برمت به وتنكرت له فما أحوجه للعطف والرثاء!!
فهل من يدبره رحمة تنقذه من حيرته؟ وهل من نفس خيرة عامرة بالإيمان يهدهدها ويؤثر فيها ويثيرها للخير قوله تعالى (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) الوحي الوحي والبدار البدار فخير البر عاجله والسلام.
