(مهداة إلى شفتيها الطاهرتين)
... وَذهَبْتُ أَسْتَبِقُ الشُّعاعَ لِرَبْوَةٍ ... أبْكَي شتاءُ اْلعُمْرِ يافِعَ زَهْرِها
الطَّلُّ فى أكماِمها دَمْعُ الْهَوَى ... شَرَحَتْ به للطَّيْر كامِن سِرِّها
مِنْ كُلَّ عُصْفورٍ، وَسَقْسَقَةُ المُنَى ... مِنْ ثَغْرِهِ دُنْيا ذُهِلْتُ لِسِحْرِها
أَتُرَاهُ غَنَّى؟ أَمْ بكَى؟ أَمْ هَزَّهُ ... نَغَمُ اْلأِلَيِفة فاسْتَطَارَ لِنَبْرِها؟
ومَضَى لَها... وَمَضْيتُ أخْنُقُ آهَتِى ... صَبْراً عَلَى حُلْوِ اْلَحَياةِ وَمُرَّها
وعَلَى الَّتِى ثَكِلَتْ حَياتى بَعْدَها ... وأذَابَنى فى الدَّمْع فاجِعُ هَجْرِها
ظَلَّتْ تُهامِسُنِي ونَشْوَةُ لَفْظِهَا ... كَأْسٌ جُنِنْتُ مَعَ السُّكونِ بِخَمْرِها
وَلَها جَبِينٌ كادَ يَرْتَدُّ الدُّجَى ... حِينَ اسْتَهَلَّ، وَشِيعَةً مِنْ فَجْرِها
بَرَأَتْهُ كَفُّ اللهِ، وارْتَجَزَتْ لهُ ... لَحْنَ اْلعَفافِ تماِئمٌ مِنْ ثَغْرِها
سَجَدَتْ عَلَيْهِ وكَبَّرَتْ منْ فِتْنَةٍ ... حَوْلَ الضِّياءِ ذَوائِبٌ مِنْ شَعْرِها
وَغَدتْ تَفُوحُ به، وَتَنْسِمُ قُدْسَهُ ... فى خافِقَى مَجاِمرٌ من طُهْرِها
أَفضَيْتُ بِالشَّكْوَى لَها فَتَخايَلَتْ ... وَاخْتَالَ عابِدُهَا الشَّقى بِكِبْرِها
وَعَدَتْ... فَأَحلَفَ دَهْرُهَا! وَيْلِى عَلى ... رِقِّ اْلحَبِيبِ لَها وَقَسْوَة دَهْرِها
أَفْنَيْتُ عُمْرِى فى مَسَابح خطْوها ... شَغَفاً... وعِشْتُ مَعَ اْلوُجودِ بِعُمْرِها
أَفَما تُحِسُّ بعَاشِقٍ أَنىّ مَشَتْ ... فى اْلأَرْضِ يَخْفُقُ حُبُّه مِنْ ذَرِّهَا!
عالٍ عَلى اْلأكْوَانِ ذَلَّ لِحُسْنهِا ... وأَذَلَّ كِبْرَ اْلمُلْهَمينَ لأِمْرِها...
بِاْلأَمسِ رَقْرَقْتُ النشِيدَ وَسُقْتُهُ ... مِنْ نَاِر أَشْجَانى بِها وَتَفَجُّعى
لَهَبٌ منْ اْلأَنْغاِم رَقَّ مهَابَةً ... وَجَثَا نَبِياًّ فى عِبادَتِهَا مَعى
كُنَّا غِناءً لْلِجَمال، مَضَى الَهَوى ... فى ظِلِّهِ الشَّاجى يقُولُ لها: اسْمعَى
فَتَرَنَّحَتْ طَرَباً، وقاَلتْ: هاتِ لي ... نَغَمَ الصَّبَاحِ اْلعَذْب يَمْسَحُ أَدْمُعى
سَرَتْ الكآبَةُ مِنْ غِنَائِكَ فى اْلمسَا ... فاسْبِقْ خَيَالَ الشَّمْسِ وَارْقُبْ مَطْلَعى
وَأَعِدَّ لِي أُنْشُوَدةً قَمَرَّيةً ... مِنْ نُوِر أَحْلاَمى الّتِى لمْ تَسْطَعِ. . .
فَقَبَسْتُ مِنْ أَلَق النُّجوم قَصِيدةً ... وبَكَرْتُ أَنْتَظِرُ السَّنَا فى مَوْضِعى
وَسَبَقْتُ، وارْتَقَبْتُ عيُوُني عَلّما ... هَالاَتُ مَوْكِبِهَا تُذِيبُ تَفَجُّعى...
فإذا بِوَعْدِ اْلأمْسِ كانَ عُلاَلَةً ... وَغَدا جَحِيماً لْلحَنِينَ بِأَضْلُعى
فَرَجَعْتُ واْلآلاَمُ تَصْرَخُ فى دَمِى ... وَيَنُوحُ مِنْ وَلَهى بِهَا دَهْرِى مَعى!
(وزارة المعارف)
