من العقبات التي تعترض المعلمين في مدارس التعليم الأولي - حين يقومون بتعليم القرآن الكريم لتلاميذهم - اختلاف خط المصاحف التي بأيدي هؤلاء التلاميذ، مع ما تعلموه من قواعد القراءة والكتابة، ويؤدي هذا الاختلاف دائماً إلى اللحن والتحريف في الآيات القرآنية، بالرغم من الجهد الكبير الذي ينفقه المعلم في الإرشاد والتصحيح، ولكن هذا الجهد يذهب عبثاً، حين يقرأ التلميذ لنفسه، وحين يستذكر دروسه، وهو بعيد عن معلمه. ولاشك أن عقلية الطفل لا تتسع لإدراك
اصطلاحات الضبط التي تختلف عما انطبع في ذهنه من قواعد الإملاء. وتظهر الصعوبة في صورة أوضح حين نعرف أن تحفيظ القرآن في الأيام الخوالي كان بطريقة التلقين، وكان التلاميذ ينقطعون لدراسته واستذكاره، فلا يشتغلون بغيره
من العلوم، إلا بعد إتمام حفظه وتجويده. أما اليوم فالقرآن يدرس في المدارس الأولية مع كثير من مبادئ العلوم الحديثة، وزمنه محدود، والتلاميذ يحفظون بالقراءة في المصاحف لا بالتلقين، والزمن المخصص لا يكفي للمراجعة ودراسة مواضع الاختلاف بين خط المصاحف والكتب
ولا أستطيع أن افهم السبب في سكوت وزارة المعارف على هذا، وعدم قيامها بطبع مصاحف تتفق في الرسم مع قواعد الكتابة المعروفة. ولو فعلت ليسرت للناشئين الحفظ مع القصد في الزمن والجهد. على أنى لا ادري سر جمودنا وتعصبنا للخط الذي كتبت به المصاحف، وهو لم ينزل مع القرآن من السماء! اللهم إلا إذا كان القدم يكسب الخطأ صفة الخلود!
وبعد، فهل لمعالي وزير المعارف أن يضع هذه المسألة مع ما اعتزم أن يعالجه من مشكلات العلم، وشؤون التعليم؟ ليته بفعل، فيكسب ثواب العاملين، وحسن ثواب المخلصين
(المنصورة)

