-٣٣- إذا قال الشيخ أريد فى الأدب كذا، فهو معذور لأنه فقد قدرته على العمل، وخلفه من بعده من الشبان المفتولى العضلات، القوى العقل والإرادة، ولكن لا أفهم من الشاب أن يقول أريد، وإنما أفهم منه أن يقول أعمل، لأن مزيته على الشيخ القدرة على العمل؛ وأسمع فى هذه الأيام كثيرا من الشبان يقولون " نريد " فمن يريدون ؟ أمن الشيوخ وقد فقدوا قوتهم وتركوا الميدان فسيحا أمامهم، أم ممن يريدون وعليهم ملء . الميدان بعد أن تخلى عنه الشيوخ .؟ إن الطبيعة جعلت التطور قانون الإنسان، وقانون الأشياء. وقد أدى الشيوخ واجبهم حسب طاقتهم، ولم يبق إلى أن يؤدى الشباب واجبهم بالعمل لا بالقول .
وقد علمتنا التجارب أن خير إنسان من استطاع أن يحول إرادته وعقيدته إلى عمل: فإذا أراد الشاب نوعا من الأدب خاصا، فلينشئ فيه قصيدة، أو ليضع فيه رواية، أو نحو ذلك ولا يشكل على الشيخ الفانى، فقد كفته
شيخوخته، وفى المثل الإنجليزى " إن جهنم مرصوفة بالرغبات الطيبة، والإرادات الصالحة" ، وحقا أنها فى جهنم لأنها لم تترجم إلى عمل، وإلا كانت فى الجنة .
-٣٤- سمعت عن أسرة ساء حالها لكناها بأكثر مما تتحمله ميزانيتها، وتعتذر عن ذلك بأن الضرورة اضطرتها إلى ذلك، وليس ذلك عذرا مقبولا، وفى الإمكان استرجاع هذا الخطأ، وتوزيع ميزانية الأسرة توزيعا عادلا بين الأكل والشرب والسكن وما إلى ذلك، وإنما جاءهم هذا النقص من ناحية نقص العقل وضعف الإرادة، وهناك أسر أخرى وقمت في مثل هذا العيب واشترت سيارة وهى لا تستطيعها، أو تفخمت فى الأكل والشرب وهى لا تستطيعه ؛ وعلاج هذا كله الخضوع للحكمة، وعدم المبالاة بكلام الناس والتصرف الدقيق على ما يقتضيه العقل .
