الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 482الرجوع إلى "الرسالة"

ذكرى الأستاذ الزنكلوني

Share

منذ عامين مضيا، وفي النصف الأخير من شهر رمضان،  اختار المغفور له الأستاذ الشيخ علي سرور الزنكلوني جوار ربه  بعد عمر طويل مبارك كان فيه مثال العالم العامل، والمفكر الحر  الجريء يقول ما يعتقد، ويدافع عما يعتنق، ويجهر بآرائه  في صراحة نادرة المثال. والذين يعرفون الأستاذ الشيخ  الزنكلوني كثيرون في الأزهر وفي خارج الأزهر، وإنك لتستمع  إلى الرجل منهم يحدثك عن إيمانه بربه، وقوة يقينه، وصفاء  نفسه فتأخذك الروعة، ويملكك الإعجاب، ولكنك تبحث عن  رجل واحد من أصدقاء هذا الفقيد العظيم قد اهتم بأن يؤرخ له،  أو يرسم صورة ولو مصغرة لحياته، أو يجلو للناس بقلمه ناحية  العظمة فيه فلا تجد

وإذا كان غير الأزهر بين أصدقاء الفقيد وعارفيه قد  شغلوا عن ذلك بأعمالهم، أو انصرفوا عن القيام بمثل هذا  الواجب إلى ما هو أشبه بهم فما عذر الأزهريين؟ إن الأستاذ  الزنكلوني - رضي الله عنه - رجل من رجالات الأزهر في عهده  الأخير، له ذكريات ماثلة في حركته الفكرية وتطوراته العلمية،  وله إلى ذلك أثره النافذ في شئون الأزهر على عهد شيخه الحالي،  فقد كان يجله ويحترمه ويستعين برأيه في كل ما يعرض له من  مشكلات الأزهر، وكان - رحمه الله - ناصحاً أميناً لا يعرف  المداورة، ولا يماري في الحق ولا يجامل، فكيف يمر عامان  كاملان على مثل هذا الرجل العالم الجريء المجاهد ولا يذكره  أحد من أبنائه أو أصدقائه؟

لو أن اسم الأستاذ الزنكلوني لمع في بيئة غير هذه البيئة،  لكان لذكراه شأن غير هذا الشأن، ولكنه الأزهر مما قعد به  أنه يقف دون المصلحين في حياتهم، وينسى ذكراهم بعد مماتهم  وكأنه يريد من الناس أن يذكروا هم أبطاله، وأن يتحدثوا هم  عن رجاله، وحسبه أن يشترك في ذلك قارئاً أو سامعاً! بل إنه

ليغفل حتى عن ذلك، فلو أنك فتشت في دار نابه من  الأزهريين عن أي أثر من آثار المؤلفين المحدثين يتصل  بالأزهر أو بمسألة من مسائل الأزهر العلمية أو التاريخية،  لأعياك البحث دون أن تجد!

وإذا كان الأستاذ الزنكلوني قد أدركه إهمال الأزهر إلى  هذا الحد المعيب، فأصبح بين أصدقائه وتلاميذه نسياً منسياً،  فإن أخاً له من قبل قد أدركه من إهمال الأزهريين مثل ما أدركه  وهو المغفور له الأستاذ الإمام محمد عبده!!

أليس من العجيب أن يكون من أبناء الأزهر من بعث  إلى أوربا باسم محمد عبده، ثم لا يكون الأزهر معنياً بتاريخ  محمد عبده وأفكاره محمد عبده؟!

كأني بالسنين تطوى عاماً بعد عام، ثم يزول هذا الجيل  ويأتي جيل آخر، فيتساءل أبناؤه: ماذا فعل محمود شلتوت،  ومحمد عبد اللطيف دراز، بل ماذا فعل الأستاذ الأكبر المراغي  من أجل ذكرى الزنكلوني، وعلم الزنكلوني، وأفكار الزنكلوني؟  ثم يتساءلون: ماذا فعل الدكتوران الفاضلان ماضي والبهي وغيرهم  من أبناء الأزهر من أجل ذكرى محمد عبده وتاريخ محمد عبده؟

إننا نرجو بهذه الكلمة مخلصين للأزهر ولمكانة الأزهر  ولشيخ الأزهر وأبناء الأزهر أن يكون لهم شأن غير هذا  الشأن، ولا سيما في أمثال هؤلاء الأبطال وإننا لمنتظرون

اشترك في نشرتنا البريدية