الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 750الرجوع إلى "الرسالة"

رأيت (الناصر):

Share

عظيمة وعظيمة وعظيمة. . . لقد قامت دليلا ناهضاً على أن  العربية تتسع للمسرحية. لقد جاءت برهاناً جديداً على عبقرية  أباظة. . لقد أبانت بجلاء قيمة الفرقة المصرية. . أنه لمن حسن  حظ المرء أن يتمتع برؤية الناصر، إذن سيجد الشعر الممتلئ  روحاً المتين نسجاً البليغ تعبيراً. . سيجد التمثيل المكلل بالنجاح  المتوج بالفوز المتشع بالبهاء. . . سيجد كيف أجاد الشاعر وأجادت    (فردوس)  وكيف تمكن الشاعر وتمكنت   (أمينة)  وكيف  أبدع الشاعر وأبدع   (علام) . . . ولن ينسى طليمات ...

وعلى كل حال. . فما لهذا بعثت بكلمتي إلى   (البريد الأدبي)   فإن لذلك مكانه الخاص الذي يقتضي التفصيل والتحليل والإفاضة  أما الذي أريده فهو ملاحظات عابرة خطر لي أن أذيعها أملا في  تدارك الصحيح الممكن منها ..

١ -  معلوم أن المسرحية شعرية عربية فصيحة وإذن فمن  المناسب جداً أن لا نلفظ   (الثاء)  سيناً والذال   (زاياً)   والجيم   (كيما) . . . الخ.

٢ -  وإني إذ أكبر تمكن الممثلين من إعراب كلامهم  - مع جهل أكثرهم بقواعد النحو - أقول إذ أكبر ذلك.  فإني أرجو أن لا نسمع مرة ثانية مثل   (في ظل كرامة)   وما شابهها.

٣ -  ومع احترامي  (لزهراء)  وإجادتها التمثيل. . . فإن  الإنسان ربما لاحظ أن   (تكوينها)  لا يصلح لأن تكون المرأة  التي بنيت من أجلها   (الزهراء) . . .

٤ -  ومع الإخراج فهو ممتاز بالطبع. . ولكني لا أدري  كيف يحدث جرح من دون إراقة دماء. . . لقد طعنت   (منى)   (شفق)   طعنتين قاتلتين ولكنا لم نر أثراً للدماء. . . ولا تمزقاً

في الثياب. . . أترى ذلك إنما حدث لأن منى لم تعرف كيف  تقبض على الخنجر!! لا أدري. .

٥ -  ولا أدري ما هي الضرورة التي تدعو   (الجاسوس)   لأن يلبس  (حذاءاً)  بحيث تحسبه وقع خطوة إذا ما مشى على  خشبة المسرح وقع قائد جيش منتصر. . أظن أن الجاسوس يعنى  التستر في كل زمان ومكان.

٦ -  هذا وهناك عادة أخالها جارية في أكثر بلاد الله. . إذا ما انتهى فصل من فصول (الرواية)  أسدل الستار فصفق  المشاهدون إعراباً عن إعجابهم فرفعت الستارة ليظهر الممثلون  بوضع   (طبيعي)  يردون فيه التحية. . .

ومع أنه من حق الجماهير أن يعبروا عن تقديرهم ومن واجب  الممثلين أن يردوا التحية. . . إلا أني أرى في هذا المظهر ما  يبعد المشاهدين عن جو (الرواية) ويعيد إلى أذهانهم بأنهم  أمام تمثيل بعد أن أنستهم الإجادة ذلك وغمرتهم في جو جعلهم  يتصورون أن (فردوس)  هي  (منى)  حقيقة وأن  (أمينة)   هي  (شفق)واقعاً وأن (فاخر)  هو عبد الله صدقاً. . . وعليه  وعليه فمن المستحسن ترك هذه العادة ...

٧ -  أما الروح الشعري الذي سكبه أباظة في مسرحيته  فلا يخفى على أحد. . ولكن قد يحس الإنسان أن هناك بعض  الألفاظ القليلة التي هي أقرب إلى الاستعمال النثري من قبيل    (اكفوا)  ومن قبيل   (الكوب)  وقبيل   (يركد قلبي ركداً)

.٨ -  وإذ أجل تمكن الأستاذ الشاعر من إضفاء الروح  الوطنية على مسرحيته. . . تمكناً يشعرك أنها متلائمة مع عصر  الناصر. . . أقول إذ أجل ذلك فلا يضير أن أشير إلى أن الأستاذ  الشاعر قد ينسى (الناصر)  فيظهر في عصر( أباظة) فيدعه  يتحمس بالدعوة إلى   (جبهة عربية)  هذا مع العلم أن (أمية)    الأندلسي ليست مثل  (أمية)  الشام في هذا الموضوع. . أقول  هذا مع احترامي   (للجبهة العربية).

٩ -  ومعلوم أن ذكر الناصر و (الحكم)  يقترن به  دائماً بنهضة الثقافة ولكن الأستاذ المؤلف لم يجهل لنا هذه الناحية  التي تصور مجداً إنسانياً عالياً، الناحية التي تركت أسبانيا تحتفل بمرور ألف سنة على (الناصر) الناحية التي تركت الغرب يحسدون  العرب من أجلها. . . لقد دخلت   (الأوبرا)  وكلي أمل أن أمتع  برؤية (المدارس)  وألذ بمشاهدة مجالس الأدب، واسعد بالنظر

إلى   (المكتبات) . . ولكن. . ولكن شيئاً من ذلك لم أظفر  به. . لقد قصر الأستاذ المؤلف   (الناصر) على (الدسائس)   وعلى ما يجب أن يكون عليه الملوك إزاء رعيتهم. . وأنا لا أنكر  فضل كل أولئك على كل من   (الملك والرعية في كل زمان  ومكان) . . بل إن العناية بذلك في مسرحية كالناصر ضرورة  لا بد منها وقد وفق فيها الأستاذ الشاعر أيما توفيق، توفيقاً لا يقل  عن مهارته البارعة في تصوير الحالة النفسية لشفق والحكم والناصر  أجل لقد وفق وأجاد ولكني كنت أطمع بالإضافة إلى ذلك بأن  أتمتع برؤية النهضة الثقافية بعيني..

تلكم هي بعض الملاحظات العابرة التي خطرت لي في أثناء  مشاهدة   (الناصر)  للمرة الأولى في الليلة الأولى. . وهي  لا تغض من عظمة المسرحية. إنها لعظيمة وعظيمة وعظيمة،  ولقد كان من موحيات تلك الليلة أن أقترح على الفرقة القومية بل  على وزارة المعارف - رغم جهلي ما بين السينما والمسرح من  فروق - أن تجتهد لتخرج المسرحيات الناجحات أمثال العباسة  وقيس لبنى والناصر. . على الشاشة، لكي يتسنى للناس خارج  القاهرة مشاهدتها ويتسنى للأجيال المقبلة أن تلذ برؤيتها ويتسنى  لتاريخ المسرح أن يلمس مصادره الأولية. . .(ط)

مذكرات سجين:

كتب إلينا من دمشق أن قصة   (مذكرات سجين)   المنشورة في عدد الرسالة الأسبق، سبق نشرها في الرواية، مترجمة  ترجمة جيدة بقلم الأستاذ ناجي الطنطاوي.

حول رسالة   (القصص الفتى في القرآن) :

تشرف وفد من علماء الأزهر بزيارة قصر عابدين ورفع إلى  السدة الملكية مذكرة علماء الأزهر التي يطلبون فيها :

(أ)  تحويل الرسالة إلى فضيلة مفتي الديار المصرية ليقضي  فيها من ناحيته باعتباره جهة الاختصاص.

(ب)  دعوة كبار العلماء لعقد اجتماع لمناقشة الأستاذ أمين الخولي  باعتباره  (علما)  فيما أعترف به من تأييد الرسالة.

(ج)  وقف الأستاذ أمين الخولي ومحمد أحمد خلف الله أفندي  عن عملهما حتى يفصل في أمرهما.

(ء)  عدم تجديد عضوية الأستاذ أمين الخولي بمجلس إدارة  كلية أصول الدين والمذكرة موقعة بتوقيع فضيلة الشيخ الشربيني  رئيس الجبهة وعضو هيئة كبار العلماء وفضيلة الشيخ الزرقاني  سكرتيرها الأستاذ بكلية أصول الدين .

اشترك في نشرتنا البريدية