الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 336الرجوع إلى "الثقافة"

سورية وفرانسة

Share

أري دموع مصر تنفر في العيون حزنا على سورية ، وأري أهل مصر يستقبلون اخبارها بنفوس متلهفة حزينة ، تثور ثائرة بعضهم فينددون بفرانسة وببربرية جنودها في سورية ، ويكتب آخرون شعور نفوس متأججة يهدئون ثورة يريدون أن يخبئوا جذوتها حتي يدعو المنادي فتشعل ، وإذا مصر اكثر الناس حماسة لسورية ، وإذا هي تسعفها بأكثر مما تريد .

لك الله يا مصر ! إن في سورية اليوم أناسا لا تلهيهم تجارة ولا بيع ولا ولد ولا مال عن الذود عن حياض لوطن ، وإن في سورية أناسا لا ينامون ، وإن فيها لمن نقضت دورهم فلا يهجعون . ألم يكونوا آمنين مطمئنين ، واثقين بالحق مؤمنين العدل . ألم يعطوا الاستقلال من غير قيد ، ألم يكونوا عن الشر غافلين ، حتى أتاهم الشر يسعى اليهم ويقول : اسكتوا عن جيوش تنزل بلادكم عنوة ، وافتحوا أرضكم لطيران يحتلها وصدوركم لثقافة تغزوها وأسواقكم لأبد تسيرها . قالوا : تالله يكبر علينا الاحتلال القاهر ، وتأنف نفوسنا الثقافة الغازية ، ولا ترضي الشركة الغاصبة . أتريدوننا على أن نتعاهد وانتم تنقضون . أتبتغون منا المحبة وأنتم تهددون ؟ اتطلبون منا المنافع وانتم لإفقارنا عاملون . قال الشر : اسكتوا فما الجيوش  القادمة إلا شرذمة تحل مكان شرذمة . قالوا : قد نصدق ، ولكن ما بالها تتدفق دون استئذان ؟ أنعتقد أن الأرض لها تجوسها أني شاءت . ألا. لا . إنها أرض حرة عفيفة . تضيف عن كرم ، ولكنها تأبي العنف . اذكروا يوم محنتكم لو كنتم تذكرون . هل قال لكم قائل من سورية قولا مشينا ؟ ألم يعزكم المعزون ، ويهدئكم المهدئون ؟ لقد شهدتم من العطف ما أنسي بعضكم آلامهم . وعلام كنا نعطف ، ألأن سلطانكم كان يملأ الأرض رهبة ؟

أم لأن جيوشكم كانت تخيف ؟ لا ! كنا نعطف على ضيوف أووا عندنا واناس اصيبوا في بلادهم وحضارة اسفنا على خرابها

ثم تريدون منا اليوم ما لم تطلبوه في الأمس ، حين كنتم إلي العطف مفتقرين ! أقبح عندكم حسن نفوسنا أم شجعكم ضعفنا ؟

لا تمتهنوا الضعف ، فالعزة تشد أزره ، ولا تحتقروا القلة فبالشجاعة تكثر ، ولا تزدروا العزلة من السلاح ، فالقلب أكبر سلاح .

لقد عرفتمونا من ربع قرن ، أهدأ بالكم منا بقوتكم ، أم استكنا لكم بضعفنا ، لقد بلوتمونا بكل شئ ، افأتيتم على إبائنا أو لان لكم قيادنا ؟ أما عرفتم ان سورية تضطرب عليكم لأقل إهانة وتثور لأصغر ضغط .

أما آن لكم أن تدركوا أن العربي صديق  في ساعة المحنة ، عدو في ساعة الجور ، لين عند طيب القول ، أبي عند الضيم

لقد علمتمونا غير ما تفعلون ، قرأنا في كتبكم ومدارسكم وجامعاتكم ان الامر  ليس للقوة بل للحق ، وان الإنسان للانسان ، هو مثيله وأخوه ، فما بالكم تطلعون علينا بما يخالف تعاليمكم ؟ أنسبتموها أم كانت أسطرا ثم محيت إلي يوم يبعثون .

أليس فيكم العاقلون الرشيدون فيذكرون قومهم - وقد كانوا الذلك شهودا - أن أناسا من أواسط أوربة ملكوها كلها عنوة منذ حين ، وظنوا ان لا دافع لهم ، فطغوا وبغوا ، وذاقت فرانسة شديد حكمهم . ثم إذا هم يفرقون ويشتتون ، فرقهم عزم النفوس الأبية ، وشتتهم صبر النفوس التي لا تستكين . أكان عنفهم لهم مجديا ، وتخريبهم للمدن لهم نافعا .

ألا اتعظوا يا قوم ، إذا كان لكم أن تبلغوا أمرا من سوريا فليس بالعنف ولا بالتخريب .

لئن رفضت التعاهد معكم ، فذلك لأن لكم معها عهودا تفضتموها . افلم ترجو منكم العهد قبل الحرب ، فأعطيتموها إياه بعد حبس طويل ثم إذا انتم تنقضون ، او لم تمنحوها الاستقلال خلال الحرب ثم هاانتم أولاء تقولون إنه غير مشروع ؟ كيف تأمن لكم وهي لم تنل من عهودكم شيئا ، وكيف تقدم على العهد معكم ، وانتم ابنياتها بالقنابل تهدمون .

إن في سورية رجالا عاهدوا الوطن على الا يستكينوا لظلم ، بل في بلاد العرب امم وحكومات لا تنقصها الشجاعة ولا تعييها القوة ، إنها لا تنسي عهد الشام عليها وإنها لتهدأ كثيرا ثم تغضب ، حتى إذا غضبت كانت غضبة مضرية لا يردها شيء .

لله أنت يامصر والعراق والحجاز وبلاد العرب اجمعين ، إن لكم في الشام إخوانا يهلكون .

اشترك في نشرتنا البريدية