شاخص الطرف محدق فى الفضاء فوق طود عالى المناكب ناء
يرقب الفجر والندى مالئ بُرْ دَيْه والشعر مائج فى الهواء
شاعرُ خافق اللوائح بالحب ( م ) بعيد عن عالم الضوضاء
تترامى فى وجهه الهادئ الوا جم آى الوداعة الغرَّاء
وبعينيه بارقُ قذفته شعلة الروح مبهم اللألاء !
نهض الفجر مثقلاً يتلوَّ فوق صدر الطبيعة الخرساء .
يتخطى الربى وئيداً ويهمى بشتيت الأظلال والأنداء
وثبةُ إثر وثبة ذائب الألوان فيها وجامد الأضواء
فارتدى الكون بردةً من جمال وتهادى بباسم النعماء
فاذا السفح باسمٌ تمرح القطعانُ فيه وترتعى بهناء
وإذا الطير بين كرٍّ وفرٍ من غدير لروضة غناء
صورٌ أفرغت على أذن الشا عر نجوى علوية الإيحاء
هبط السهل والهجرة تنقض (م) وتطوى مطارف الأفياء .
وتصبُّ الحقول والسام الصاخب والصمتَ فى فم الغبراء
وتردّ الجمال منهتكَ الستر ( م ) سليب النعومة العصماء !
وتسلّ النشاط من قبضة الكو ن فيغفو على ذراع الفناء !
فصدو الحقول متعبةٌ تل هث فى غمرة من الإعياء !
ورءوس الأزهار مطرقة تن سل منها انتفاضة الكبرياء !
وقيان الغصون مَلْوِيَّة الأعناقِ صرعى كآبة عمياء ...
صورُ أفرغت على أذن الشا عر نجوى علوية الإيحاء!! ..
بلغ المنحنى .. فجاز مدى الطر ف بحسّ مفجَّع الأنباء !
مأتمُ الشمس ضجَّ فى كبد الأفق و أهوى بطعنة نجلاء
عصبت أرؤس الروابى الحزانى بعصاب من جامدات الدماء !
فأطلّت من خدرها غادة الليل وتاهت فى ميسة الخيلاء
وأكبَّت تحلُّ ذاك العصابَ (م) الأرجوانى باليد السمراء !!
وذؤابات شعرها تترامى فى فسيح الآفاق والأجواء
وعيون السماء ترنو إليها من شقوق الملاءة السوداء !!
فاذا الكون لجَّة من جلال فجَّرتها أصابع الظلماء .
يرسب الطرف فى مداها ويطفو ثم يرتد فاقد الإرتواء .
فتطلُّ الأشباح من كوَّة الوهم ( م ) وتعوى مجنونة فى العراء
وتموج الأصداء من جهش الأر ض بأذن المهابة الصماء
وتحس الروح الوديعة بالرع شات تسرى كموجة الكهرباء !
صور أفرغت على اذن الشا عر نجوى علويَّة الإيحاء !-
هكذا استعرض الوجود مليًّا فى غضون الإصباح والإ مساء
فى اختلاج البروق فى قهقها ت الرعد فى صاخب من الدأماء
فى ابتسام الرياض فى هدأة الجد ول فى نفحة الربى الفيحاء
فانثنى ضاربا على الوتر الشا دى اهازيج روحه الشماء !
فَضَّ فيها عن الحياة نقابا من خداع وبرقعا من رياء !
ورى ختم سرها فتجلت بعد لأى عريانة للرائى !
فتهادت بناتها باصطفاق الص نج والدف واتساق الغناء
كدُمى هيكل لقد نفض الله (م) عليها اختلاجة الأحياء !
يتمايلن راقصات نشاوى بدلال مفجر الإغراء !
فمن الخصر عطفة تركت فى حُلمة النهد نفرة للعلاء
كل بنت جياشة الصدْر ترمى أختها بابتسامة استهزاء
هذه فى يمينها مشعلُ الحب (م) قصير الأنفاس خابى السناء
هذه فى عيونها تصرخ الشهْ وة جوعا وتزدرى بالحياء
هذه فوق رأسها تشرق الحك مة فى شبه هالة وضاء!
هذه .. خل هذه ، ودع الأخ رى فصعب إصابة الإحصاء
زمر من كواعب برزت فى صور العيش فى أتم جلاء !..
عزف الشاعر النبيغ فجسَّت أكبدَ الراقصات كف العزاء
مسنداً رأسه على كتف القي ثار مستسلماً إلى الأهواء
وإذا ماصحا على نفخة البو ق بأذنيه وازورار القضاء ..
خدرت كفه على الوتر الشا دى وسالت أصداؤه فى القضاء
وتلاشت تلك الحسان تلاشى ال شمع فى زفرة اللظى الحمراء
وهوى فوق مضجع من تراب تحت عطفى صفصافة غيناء !!
حلب
