هاتان قصتان للأستاذ محمد عبد الحليم عبد الله ؛ وقد أصبح للأستاذ عبد الحليم مكان مرموقة في مجال القصة المصرية الناشئة , يبشر فيما نأمل بمستقبل مجيد . ومن حقق قصتيه هاتين أن نعرضهما في مجال النقد , بعد هذا التعريف الذي نبدأ به
تدور القصة الأولى حول مسألة هي : ماذا تأخذ منا الحياة وماذا تعطي ؟ وهى قصة شاب سرقته أمه وهو صغير من بيت أبيه بعد أن تزوجت برجل آخر في
الإسكندرية . وهاجر الشاب إلى القاهرة تاركا صبية له كانت فتاة ريفية خادما هي كل من كان يحنو عليه من الناس ولقي في القاهرة ألوانا من العذاب والحرمان , وما زال
يخرج من شقاء ليدخل في غيره , وقد انقطعت الصلة بينه وبين أمه , وبينه وبين حبيبته زمنا . وماتت أمه وتزوجت حبيبته , وتزوج هو من سيدة قبلها على خطيئة لها فعاشت معه مكفرة عن خطيئتها ثم ماتت بداء الصدر , وقد أنجبت له ولداً , عاش أبوه حتى رآه طبيبا للأمراض الصدرية , وسعد الأب بابنه وابتسم له الدهر بعد عبوس طويل
أما القصة الثانية فهي قصة الفقير الموهوب يشق طريقه في الحياة . ابن فلاح يتخرج في كلية الزراعة فيجد أرض أبيه وقد انتزعها أحد المصارف , فيعمل ناظراً لأحد الضياع ويحب ابنة صاحب الضيعة وتحبه , وتريد أن يتزوجها ولكن أباه يرفض ذلك رفضا قاطعا , ويوصي عند موته بأن تكون ابنته لابن عمها , وتعرض هذه الفتاة عن حبيبها تنفيذا لوصية أبيها ومخافة من الشائعات وسوء الظن بها إذا هي تزوجته بعد موت أبيها
ويطرد ابن عمها ذلك الشاب من الأرض , فما يزال يكدح في سبيل رزقه حتى ينتهي به الأمر إلى أن يصبح رئيس تحرير إحدى المجلات
ويكتب قصته يصف فيها مأساة قلبه , ويضفي على حبيبته ألوانا من الغدر وعدم الوفاء ، فتذهب للقائه وتذكر له حقيقة أمرها
ويتذكر كل منهما ماضيه، ولا يأسف الرجل على شئ من هذا الماضي، وإنما الذي يكدر عليه حياته حاضره الخالي من الولد؛ وقد استبان له أخيراً أن السعادة الحقيقية إنما هي في الولد
والأستاذ محمد عبد الحليم عبد الله يكتب في أسلوب عربي صحيح خال من التكلف , وأسلوبه جدير بالنقد الذي لا يتسع له هذا المجال . ولعلنا نعود إلى قصتيه هاتين في فرصة قريبة بما يستحقان من نقد وتقدير
