الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 457الرجوع إلى "الثقافة"

عبور الأطلس في طيارة، بدون قائد

Share

أعلنت قيادة سلاح الطيران الأمريكي في واشنطون في يوم ٢٢ سبتمبر سنة ١٩١٧ أن طائرة أمريكية ضخمة من طراز سكايماستر ( C54) قد نجحت لأول مرة في عبور المحيط الأطلسي من الغرب إلي الشرق بدون قائد . وبذلك سجل فتح جديد في عالم الطيران ، له ما بعده من نتائج بعيدة المدى . فقد قامت الطائرة المذكورة في الساعة الخامسة من مساء الأحد ٢١ سبتمبر بتوقيت نيويورك من مطار ستيفنسفيل في نيوفوندلاند ، وهبطت في مطار بريز فورتون بالقرب من لندن بعد ذلك بعشر ساعات وربع تماماً ، بعد أن قطعت ٢٤٠٠ ميل ، دون أن تمس آلأتها الكثيرة يد بشرية ووصل ركاب الطائرة الأربعة عشر سالمين ، وكان من بينهم تسعة من الطائرين المهرة ، ليتولوا القيادة إذا حدث طارئ يستدعي ذلك ، أما الخمسة الآخرون فكانوا مراقبين من السلاحين الجويين الأمريكي والبريطاني ، ومندوب لشركة سبرى الأمريكية التي تصنع الجيروسكوبات ؛ والجيروسكوب آلة لا غنى عنها لحفظ توازن الطائرة واستقامتها في سبيلها .

وقد بدأت الرحلة بأن أعدت الطائرة بالوقود اللازم ، ثم سحبتها قاطرة فوق أرض المطار لتكسبها السرعة اللازمة  لامتطاء متن الهواء ، ثم أرسلت إشارة لاسلكية أدارت محركات الطائرة ، فارتفعت الطائرة بقدر معلوم ، ثم حولت قيادتها الأوتوماتيكية بحيث تتلقى الإشارات اللاسلكية من سفينة في عرض المحيط الاطلسي ، بالقرب من نيوفوندلاند واستمرت هذه السفينة تقود الطائرة

لاسلكياً ، وتتبع حركاتها واتجاهاتها ، وتشرف على كل صغيرة وكبيرة في داخلها بفضل أجهزة التوجيه اللاسلكي المعقدة الموضوعة داخل الطائرة ، وهي الأجهزة التي تتولى تحريك المفاتيح وضبط عجلات القيادة ، وحساب اتجاهات الريح وشدته ، وتسجيل الارتفاع عن سطح البحر ومدى الرؤية ، وغير ذلك مما يفعله ملاحو الطائرات العادية طيلة تحليقهم في الهواء .

وبعد أن عبرت الطائرة منتصف المحيط تخلت عنها السفينة الأولى ، وتولت إرشادها سفينة أخرى بواسطة موجات لاسلكية مخالفة في الطول للموجات اللاسلكية الأولى . واستمر الاتصال مع هذه السفينة حتى اقتربت الطائرة من المطار بالقرب من لندن ؛ وعندئذ اعد رجال المطار جهازا لاسلكيا خاصاً ليرشد الطائرة عند الهبوط ، ووضع هذا الجهاز في سيارة خاصة اتخذت موقفها في طرف المطار ، واستقبلت الطائرة حين قدومها ، وتولت إعدادها للنزول بأن أبطلت المحركات وأسقطت عجلات النزول ، وضبطت نقطة لمس الطائرة الأرض وسيرها عليها حتى استقرت بأمان .

وقد تقدم فن اللاسلكي والرادار تقدما كبيرا خلال السنوات العشر الأخيرة ، وخاصة في سعي الحرب . وسبق أن أرسل الألمان في إيطاليا على الحلفاء دبابات صغيرة محشوة بالمواد المتفجرة وموجهة لاسلكيا إلى خطوط الدفاع . كما أنشئت مصانع كاملة في امريكا بها أفران وآلات ومقابض ومفاتيح لا تمسها يد ، بل يتم الإشراف عليها عن بعد بواسطة التوصيلات اللاسلكية والكهربائية ، وأبلغ مثل على ذلك مصانع القنابل الذرية ومصانع المواد المتفجرة التي لا يؤمن خطر الاقتراب منها .

اشترك في نشرتنا البريدية