الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 207الرجوع إلى "الثقافة"

عتاب

Share

لا أكتمك - أيها الصديق - ما رابني في هذه الأيام منك ؛ مما حمله إلي بعض الثقات عنك ، وما شمته في أفق مودتك من نذر توعد بالقطيعة ، ويروق تنذر بالفرقة ، وغيوم رقيقة متفرقة اخشى ان تنفصل وتتكاتف فتججب شمس مودتك على ، ورياح متراخية الهبوب اخشى ان تشتد وتتعاقب ، فتجتث شجرة الإخلاص من قلبي

إزاء ذلك لم يسعني إلا أن أبعث إليك بهذه الآبيات أشافه بها نفسك التي أحسب أنه لا يزال فيها - عهدت - بقية من ود ، وأثر من وفاء ، لا خشية من مستقبلك في مساءتي ، بل اسفا علي ماضيك في مودتي وحرصا على ما بقي لك في نفسي من حسن الظن بك

وجميل المعتقد فيك ؛ وإن الأيام التي أودعت قلبينا أشرف ودائعها ، وأقدس اماناتها ، من اخوة كريمة ، ومودة قديمة ، لأكرم علينا من أن نضيع أمانها بالأوهام ، ونخون وديعتها بالظنون ، ونبدل مصونها للوشاية ؟ فتصم

أخلاقنا بوصمة الجحود ونكث العهود ، ونهم نظرينا فيما مضي بالقصور ، وعقلينا بسوء الاختيار ، وتلحق بكفايتنا معرة العجز عن احتمال أعباء الوفاء

ولولا أني أعلم أن من الصفح ما يكون نقما ، ومن الإغضاء ما يكون زراية على الصديق وتحقيرا لشأنه ، لاثرت ان الزم ما هو اشبه بي ، وأشكل بمثلي من قلة الاحتفال وعدم المبالاة .

وبعد ، فإن أنكى ما تمني به الأفئدة المخلصة ، والقلوب النقية ، أن تصاب ما يزعرع ثقتها فيمن توليه اخلاصها وتصفية مودتها ، فأردت بهذه الآبيات أن

ارد إلي الثبات ظني ؛ واعرفك مكاني منك ومكانك مني .

يا للعجائب يوليني مجاهرة

                               بالشر من كنت محض الخير أوليه

يجزي أيرداءه ضغنا وموجدة

                                    ماذا ادخرت لمن عاداك تجزيه

من كنت أستاف طيبا من مودته

                                 أصبحت من فرط ما يؤذي أدارية

ومن رجوت لدفع البني مدرأة

                                    أصبحت في درته مني أرجيه

من لا يراميك تنحي بالسهام له

                                     ومن رماك صحيح لا تراميه ؟

دعوت للبغي من لا يستجيب له

                                  تهبا وخلقي علي البالغين ذوتيه

كن كيف شئت في خلق ألوذ به

                                   طالت ذراء علي من راح يبغيه

اشترك في نشرتنا البريدية