الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 644الرجوع إلى "الثقافة"

علم النفس فى خدمتك :, هل لعلم النفس علاقة بالبدانة ؟

Share

يعتقد الناس أن الشخص البدين يكون عادة سعيداً وممتلئاً مرحاً . . أما علماء النفس فيرون أن العكس أقرب إلى الصحة .

إن الشخص البدين المرح إنما هو كذلك فى الظاهر فقط ، وقد رأى أن مرحه وإلقاء بعض ثقله خارج نفسه على شكل نكتة يجعل حياته أسهل وألطف . . أما فى داخل نفسه فهو يعانى التعاسة وتقلب العواطف واضطرابها . . هذه التعاسة هى السبب فى بدانته . .

إن السبب المادى فى البدانة هو كثرة الأكل بالطبع . . فإذا أكلت طعاماً كل يوم أكثر مما يحتاجه جسمك لأداء وظائفه . فإن الزائد عن الحاجة يتحول إلى مواد دهنية تخترن فى أنسجة الجسم . وكلما زادت بدانتك أثر ذلك على الدم والأعضاء والأعصاب المنتشرة فى الجسم .

وبغض النظر عن كون البدانة حملاً على صاحبها فهى تؤثر تأثيراً سيئاً على الكبد والقلب والدورة الدموية .. فنفدو السمنة مهددة للصحة ومهددة للحياة . .

فإذا بدأت تأكل كل يوم أقل مما يحتاجه جسمك لأداء وظائفه ؛ فإن الجسم سيبدأ فى استهلاك المختزن من المواد الذهنية وسيبدأ وزنك فى الانخفاض . وباستطاعتك - إذا أردت - أن تستعجل هذا الاخفاض ؛ وذلك بممارسة الألعاب الرياضية فيزداد احتراق المواد المخترنة الزائدة . . غير أن هناك حداً لذلك .

فمن الحماقة أن ينهك اليدين جسمه فوق طاقته ، وأن يقوم فى يومه بأعنف وأقسى التمرينات فالرياضة الزائدة عن الحد المعقول قد تجلب عليه من الضرر أكثر مما تجلب عليه من النفع . . أما الرياضة المعتدلة التنظيمة فإنها تفيده فى النهاية أكثر بكثير من الإجهاد وإنهاك الجسم .

ولكن إذا قلنا إن سبب البدانة هو الأكل الكثير ،

وإن علاجها هو التقليل من الأكل . فما السبب فى أن الكثيرين من الناس قد فشلوا فى محاولتهم لإزالة بدانتهم ؟ .

انتشر بين الناس أن السبب فى ذلك هو اختلاف فى غدد الجسم ، ولكن هذا ليس بالصحيح إلا فى حالات نادرة جداً هى أقل من حالة فى كل مائة حالة . . ومن الخطأ أن نقول إن السبب الوحيد للبدانة هو كثرة الأكل .

إن كثرة الأكل تؤدى إلي السمنة ، ولكن ما يعنى الطبيب النفسانى ليس هو كثرة الاكل نفسها ، بل السبب الذى يدفع الشخص البدين إلى كثرة الأكل . .

إن السبب فى فشل الكثيرين فى محاولتهم لإزالة بدانتهم هو عدم قدرتهم على مقاومة الطعام . . قد يحاولون تقليل كمية الطعام الذى يتناولونه ، وقد يتبعون نظاماً خاصاً فى الأكل ، ولكنهم مع ذلك يغشون أطباءهم ويغشون أنفسهم بتناول كميات صغيرة دسمة إضافية من الشيكولاتة والأيس كريم والمشروبات المسكرة ، وذلك فيما بين الوجبات . .

وأعتقد أنه من الصعب جداً أن ينحف الإنسان ويقلل وزنه بالتقليل من الطعام ما دام يجهل السبب الذى يدفعه إلى الإكثار من الطعام ..

الحقيقة هى أن الطعام بالنسبة للشخص البدين كالخمر بالنسبة للمدمن على المشروبات الروحية ، كلاهما وسيلة للهرب من المخاوف والهواجس التى تسيطر على النفس . . والشخص العادى يأكل للذة ولإشباع جوعه . أما الشخص البدين فلا تهمه اللذة التى يسعى إليها الشخص العادى . فأكله له معنى عاطفى ، لا يقصد به إشباع جوع جسمه بقدر إشباع جوع روحه وعواطفه . .

ففى الأكل يجد البدين علاجاً وقتياً من انفعالاته الداخلية ، ويجد راحة وتخلصاً من مخاوفه ، كما يجد المدمن على الخمر السلام والراحة عندما يشرب .

( البقية على الصفحة التالية )

فنقطة البداية إذاً عند الشخص البدين النعس الذى يريد أن يقلل من سمنته هى معرفة السبب فى جوعه المستمر . . ويحب أن يعلم أن شغفه بالأكل أصله نفسانى أكثر منه ماديا . . أصله اضطراب مشاعره .

لمعظم الأشخاص الذين يعانون السمنة إذاً يعانون اضطراباً داخليا . هذا الاضطراب يحققه وقتياً تناول الطعام .

والسبب السيكلوجى لهذا الاضطراب لدى هؤلاء الأشخاص التعساء مصدره واحد فى أغلب الأحوال . . فمعظم نشأ فى حالات تسيطر عليها الأم ، وكان استقلالهم عند نموهم وبدء دخولهم فى طور الرجولة لعوقه سيطرة الأم ورعايتها الزائدة وححبها اللقيد .

هذا الحب الذى يمنع الأم من سماحها لابنها بالاستقلال عنها يدفعها إلى حرمان ابنها من النمو الطبيعي . فهى لا تحبذ قيام الصداقة بين ابنها وزملائه . وتحاول أن تقتل فى نفسه

حبه للأشياء خارج المنزل ، وتثير فى نفسه الخوف من إنشاء علاقات جديدة ، فيكون من نتيجة ذلك أن الطفل ينمو مهملاً غير قادر على تهيئة نفسه للحياة الخارجية .

وبما أنه ينشأ خجولاً يهاب المجتمع ، قلق النفس يحاول أن يعزى نفسه النعمة التى أفسدها عدم تضجه العاطفى بالأكل الكثير . . فالأكل هنا هو من الأشياء التى سمحت له بها أمه .

وهو بالأكل الكثير يحاول أن ينفرد بنفسه بعيداً عن الحياة الاجتماعية ببناء حائط من البدانة حوله .

فالعلاج الأساسى للسمنة إذاً هو القضاء على النزعة إلى الابتعاد عن النشاط الاجتماعى والاختلاط بالناس ، ثم على أصحابها أن يشتركوا فى جمعيات موسيقية أو فنية ، وأن يكونوا لأنفسهم هوايات عدة . .

اشترك في نشرتنا البريدية