توجه أستاذ فاضل فى العدد (٩٥٩) من الرسالة الغراء بنداء إلى أربعة من الشعراء ذكر أسمائهم، وذكرنى فى عدادهم، وكان نداؤه قويا مجلجلا لأنه ظن - سامحه الله - أننا نحن الشعراء نعيش فى المريخ.. فقد لا نسمع نداءه ما دمنا لم نسمع أصوات الشهداء فى (القناة)
والحق أن الشعراء قد سمعوا أنباء القناة محبرة محررة.. حتى لقد كاد السأم من العبارات والخطب، والمقالات والكتب يزهدهم فى قيمة الكلام.. فنحن اليوم إلى سلاح صوال، أحوج منا إلى لسان قوال..
إن الشعراء يعيشون بينكم - أيها اللائمون - ويحسون بمثل ما تحسّون وبأكثر مما تحسون... ولكنى أرجو أن تحمد فى أمتنا الأفعال.. لا الأقوال
فمتى؟ متى يا رب نرى العمل الجدى قد بدأ؟ ونحن حينئذ نكون فى طليعة الصفوف، وفى وسط الحتوف؟
أيها اللائم أسرفت الملاما! ... وتجنيت على الشعر اتهاما!
رب صمت ملأ النفس لظى ... ساعة الجد وأذكاها ضراما
قد شبعنا يا أخى فيكم نداء ... وشعبنا يا أخى فيكم كلاما..
وحسبنا سئمتم خطبا ... وشبعتم بالعبارات هياما..!
ما الذى يصنعه الشعر إذا ... لم يجد رمحا، ولم يلق حساما؟
هذه الأقوال لا تحمى شهيدا ... من ضحايا الحق، أو تشقى أواما
أطلقوا المدفع... لا حنجرة ... وارجعوا للسيف فى الحق احتكاما
إننا نقدر أن نتحفكم ... بالقوافى نملأ الصحف ازدحاما!
إننا نقدر أن نتحفكم ... بالنشيد الحلو فردا، وتؤاما!
أترى نقدر أن نسعفكم ... بصليل يملأ الجو اهتزاما؟
أترى نقدر أن نسعفكم ... بالذى يقطع أوصالا وهاما؟
خبرونا اليوم ما موقفنا ... أحروبا قد أردنا أم سلاما؟
كل يوم صفعة مخزية ... فعلام الصبر يا قومى علاما؟
لا يرد الشر إلا مثله ... فادفعوا الشر، وردوه كراما
لا تردوا عنكموا غدر الأعادى ... بالعبارات نثارا ونظاما...
الكلام اليوم لا يحمى حقوقا ... والبيان اليوم لا يرعى ذماما..
أطلقوا المدفع من معقله ... واملئوا الجو دخانا وقتاما
(القناة) اليوم من روعها ... بالخطوب السود غدرا وانتقاما؟
أطلق الغاصب فيها طبعه ... كوحوش الغاب فرسا واهتضاما
ملئوا بالسلم أشداقهمو ... ثم راحو يستفزون السلاما
منطق تفضحه أفعالهم ... كشف الصدق عن الزور اللثاما
مهج الأحرار سالت أنهرا ... وعلى الصحراء قد طافت غماما
شهداء الحق فى موكبه ... والبواكير إلى الله اختصاما
فى (القناة) اليوم أجسامهم تهاوى ... وعلى الضفة فيها تترامى
صرعتها كف جبار تناسى ... أمسه المملوء خزيا وانهزاما.. اسألوا ( طبرق ) عن أبطالها! شهدت كئبابها معهم تماما!.
القناة اليوم صارت صفحة ... لمخازيكم، وللشعب وساما
إن صوت الحق قد أفقدكم ... جانب الإنسان وفقا واحتشاما
قد سمعنا وعدكم سبعين عاما ... فاسمعوا تصميمنا - يا قوم - عاما

