الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 325الرجوع إلى "الرسالة"

عود الى اقتباس الكتاب

Share

يذكر قارئ هذا الباب من الرسالة أنى أخذت على الأستاذ  إسماعيل أحمد أدهم اقتباسه لبعض ما جرى على قلمى فى حديث  الرمزية معنى ومبنى   (راجع الرسالة رقم ٣١٢ ص ١٢٧١)   وقد تعذَّر على المقتبس أن ينكر ذلك، فقال يتعذر:   (إننى حين  أكتب بالعربية فأنا أكتب بلغةٍ غير لغتى الأصلية، ومن هنا

بعض ما يجئ على قلمى من التعابير الخاصة لكتاب اليوم استدراكا  للمعنى الذى فى ذهنى. . .)    (الرسالة رقم ٣١٣ ص ١٣٣١)

والحق أن الأستاذ أدهم يقتبس المعنى فضلاً عن المبنى. ومن  مقتبساته الأخيرة أنه أغار على نقدى لكتاب صديقى محمود تيمور  وعنوانه (فرعون الصغير)   فقد كتبت فى مقتطف يولية الأخير    (ص ٢٥٢ أول باب المكتبة) : (فى فرعون الصغير تخف وطأة  الواقعية بحيث لا تملك على بعض القصص مداخلها ومخارجها.  ففى القصة الأولى وعنوانها     (فرعون الصغير)   يشغل الخيال  المكان الأول حتى إنه يردّ القصة إلى لون معروف هو اللون  التخيلى Romanesque، وفى القصة (المخ العجالى)   يسطو  اللون الباطنى المستمد من علم النفس الفرويدى Freudisme  على المجرى الواقعى للحوادث والأحوال). ثم كتبت:   (بهذه  المجموعة من الأقاصيص تأخذ طريقة الأستاذ محمود تيمور، على  ما يبدو للناقد، فى جهة جديدة. وذلك أن تيمور كان منصرفاً  إلى طريقة الواقعية) وإليك الآن ما نشره الأستاذ أدهم فى الرسالة   (العدد ٣١٩

ص ١٦٢١ و١٦٢٢) : (. . . وأقصوصة فرعون الصغير يبرز  فيها اللون التخيلي Romansique حيث يتغلب على بناء  الأقصوصة الجو الخيالى. وفى الأقصوصة الثانية وهى     (غرريم)    تجد تيمور بك يقيم هيكل أقصوصته على أساس من تنازع  العواطف. وهذا اللون الباطنى، وإن كان خفيفاً فى هذه  الأقصوصة، فهو يعود إلى علم النفس الحديث، والتأثر  بالفرويدية Freudisme واضح فيها)   (ص ١٦٢٢ ع١ س  ٩ - ١٢؛ ٢٠ - ٢٤) . ثم كتب:   (وهكذا يمكنك  أن ترى من مجرى حوادث الأقاصيص أن التخيلية من جهة  والباطنية من جهة أخرى أخذت تطغى على الواقعية الساذجة  ولكن بدون أن تفوقها وهذا التطور عند تيمور بك طبيعي. . .)     (ص١٦٢٢ ع٢ س٣ - ٦)

ذلك ما جاء على قلمى فى أول يولية وما جرى به قلم أدهم  فى الرابع عشر من أغسطس. والموازنة ميسورة للقارئ على أنى أظن أن فطنة المقتبس حدثته بأن يبدَّل من الأصل  فمسخه. ألا تراه ينسب   (اللون الباطنى)  الذى أصبته فى قصة      (المخ العجالي)   إلى قصة     (غريم)  ؟ ثم ألا تراه يجعل الكلمة الإفرنجية Romansique   إزاء التعبير العربى     (اللون التخيلى)    على حين جعلت إزاءه كلمة Romansique ؟ وكأنى بالمقتبس  أراد أن يستر طرفاً من اقتباسه فيأتى بشىء من عنده، شأنه  مع حديثى فى الرمزية إذ كتب:   (لوامع النفس وبوادرها) ،  وفى الأصل:   (اللوامع والبواده)  فأجرى البوادر مجرى البواده    (راجع الرسالة رقم ٣١٢ ص ١٢٧٢) . وكما أنه مسخ هذا  التعبير من قبل كذلك مسخ نقدى لفرعون الصغير

وبيان ذلك أن قصة   (غريم)  لا شأن لها باللون الباطنى.  وأظرف من هذا استبدال  الكلمة الالمانية  Romanische    الكلمة الفرنسية Romansique  فى نقدى. ذلك  أن الكلمة التى تنظر إلى Romansique فى اللغة الألمانية هى  Romanhaft  وأما Romanische  التى أتى بها المقتبس فتدل  على شىء آخر. وحسبك أن تعرف أنها تقع صفةً للغات المنحدرة

من اللاتينية  كالإيطالية والبرتغالية والرومانية، وصفةً لفن العمارة  فى البلدان اللاتينية من المائة الخامسة إلى الثانية عشرة والآن دعنى أقص عليك كيف زلَّ قلم المقتبس هنا، والقصة  مُلحة، والملح فى هذه الأيام السود من نعم الله

قرأ المقتبس فى المقتطف كلمة  Romanesque إزاء هذا  التعبير: (اللون التخيلي)  ، فقال فى نفسه: أُغير على التعبير  العربى، لأن العربية ليست لغتى الأصلية وفى ذلك معذرة،  ولكنى أبدل الكلمة الفرنسية. وإذ المقتبس لا يعرف من  الفرنسية إلا الشىء القليل كما بينت فى الرسالة   (رقم ٣١٤)   والمقتطف   (أغسطس ١٩٣٩)  طلب معنى الكلمة الفرنسية

فى معجم إنجليزى، ظناً منه أن الكلمة بمعنى واحد فى اللغتين  لأن هجاءها واحد فيهما. ولكن كيف يأتى المقتبس بشىء من  عنده وهجاء الكلمتين واحد؟ فتحول إذن إلى اللغة الألمانية  وطلب فى معجم من معجماتها ما ينظر إلى الكلمة الإنجليزية: Romanseque  له كلمة Romanische وذلك لأن  Romanseque الإنجليزية تقع فيما تقع صفةً لفن العمارة المذكور  فوق هذا الكلام، وللغات المنحدرة من اللاتينية

اشترك في نشرتنا البريدية